أصدر قسم الدراسات للاتحاد العام التونسي للشغل وثيقة حول التعليم بتونس كشف فيها أن التعليم في أدونيس شهد ظاهرة تفشّي الدروس الخصوصية التي ساهمت وتساهم في نخر وتهرئة مصداقية المنظومة العمومية للتربية والتعليم. واكد القسم أن الاتحاد العام التونسي للشغل يعتبرأنّ المنظومة العموميّة للتربية والتعليم والتّكوين المهني هي من أهمّ المرافق العمومية التي يجب الحفاظ عليها، ويشدّد على ضرورة إعادة الاعتبار إلى التّعليم العموميّ حتى يلعب دوره كمصعد اجتماعي وهو ما يحتّم رفع كلّ الامتيازات الموجّهة إلى قطاع التعليم الخاص في شكل تشجيعات وحوافز وتوجيهها إلى التعليم العمومي الذي يشكو من نقص كبير في الموارد خاصّة في المناطق الداخلية وهذا من شأنه أن يحسّن من تكافؤ الفرص لتلاميذ وطلاّب هذه المناطق. كما دعت إلى أن يعوّل قطاع التّعليم الخاص تعويلا تامّا على إمكانياته الذاتية ومن ذلك خصوصا توفير فضاءات وتجهيزات حسب مقاييس محددة وانتداب مدرسين قارّين وعدم اللّجّوء إلى مدرّسي القطاع العمومي وأن ينحصر دور الدولة في مراقبة جودة التّعليم الخاص ومدى التزامه بكراس الشروط وخاصة بالنسبة للتعليم العالي الخاصّ وفي المسالك الحساسة مثل التكوين الصحي والهندسي. كما تمت الدعوة إلى أن يخضع كلّ الطلبة سواء كانوا من القطاع العامّ أو الخاصّ لنفس الامتحانات والمناظرات الضرورية للحصول على شهادة ما أو للإلتحاق بمرحلة تكوين ما. كما تمت المطالبة بتقنين الدّعم المدرسي وذلك بتنظيم الدّروس الخصوصيّة في المؤسسات التربوية فقط مع تحديد سقف أعلى حسب الجهات وتحت مراقبة الإدارات الجهوية للتعليم والتّرفيع في ميزانية وزارتي التربية والتعليم العالي وتوفير المستلزمات الدراسية الأساسية لفائدة كلّ التلاميذ بالمدارس الابتدائية بالمناطق الريفية وبالأحياء الشعبية بالمدن الكبرى. كذلك العمل على تلبية الاحتياجات الإضافية لفائدة تلاميذ المدارس بالمناطق الريفيّة مثل الوجبة والتنقّل والتنشيط الثقافي والرياضي والرحلات وخاصة زيارة المواقع الأثرية وذلك كجزء من أرضية الحماية الاجتماعية الموجّهة للطفل. ودعا قسم الدراسات الى تمكين كلّ الطالبات في كافة الجامعات التونسية من المبيت الجامعي العمومي وتعميم المنحة الجامعية عليهن ز ردّ الاعتبارإلى رجال التعليم بكلّ أصنافهم في المنظومة العمومية على المستويين المعنوي والمادّي حتى يتمكّنوا من أداء رسالتهم في أحسن الظروف ومن تكوين أجيال متنوّرة وطموحة ومتميّزة. وجاءت هذه الوثيقة لقسم الدراسات لاتحاد الشغل للتأكيد عل أن التّعليم بمراحله الثّلاث وبكامل مكوّناته انطلاقا من استقلال البلاد التونسية وطيلة ما يقارب الأربع عقود كان يمثل أهمّ مصعد اجتماعي مكّن شرائح واسعة من الفئات الشعبية ومن المناطق الداخلية من الارتقاء الاجتماعي ومن تحسين ظروفها المعيشية وساهم ذلك في خلق طبقة وسطى واسعة مثّلت من ناحية دعامة الاستقرار الاجتماعي ومن ناحية أخرى الفضاء الذي عبّر فيه المجتمع التونسي عن تطلّعاته وطموحاته. وقد قامت المجموعة الوطنيّة بتضحيات ماديّة هامّة من أجل الوصول بمنظومة التربية والتعليم إلى تلك الوضعيّة التي خلقت إمكانية لتكافؤ الفرص في كلّ مراحل التعليم بين أبناء الوطن الواحد، إذ مثّل التّمويل العموميّ لمنظومة التعليم العموميّ أولويّة مطلقة في سلّم الإنفاق العمومي للدولة التونسية. إلاّ أنّ مراجعة السياسات الاقتصادية منذ منتصف الثمانينات واعتماد الخيار الليبرالي وسياسة التّقويم الهيكلي أدّت إلى انحصار الدّور التعديلي للدولة وإلى تغيير أولويّاتها فتراجعت تبعا لذلك نسبة التحويلات الاجتماعية من ميزانية الدولة ونسبة الإنفاق العموميّ على منظومة التربية والتّعليم، وقد أدّى ذلك مع غيره من الأسباب الموضوعية والهيكلية، إلى تراجع دور التّعليم كمصعد اجتماعي متاح للجميع وما أفرزه ذلك من بطالة مزمنة للخريجين دعّمت مشاعر الإقصاء والهشاشة وقلّصت الشعور بالمواطنة والإنتماء لفائدة التشدد والتطرّف والبحث عن حلول وهمية في الهجرة السرية والأنشطة الارهابية. كما عرفت هذه المرحلة ظهور التمويل العموميّ لقطاع التعليم الخاص في شكل تشجيعات وحوافز جبائية تكلّف المجموعة الوطنية مبالغ ماليّة ازدادت أهميتها من سنة إلى أخرى، لفائدة مؤسسات تعليمية لم تتحمل مصاريف كبرى في الإستثمار والتجهيز والانتداب وقد استغلت خصوصا في السنوات الأخيرة رغبة بعض الأولياء في تكوين أبناءهم في بعض المسالك الواعدة فأغرقت القطاع بتكوين لا يستجيب في أغلب هذه المؤسسات، سيما الصغرى منها، لمقاييس تسجيل الطلبة وطرق تكوينهم وتقييمهم وتسليمهم الشهائد.