غيب الموت البارحة ( مساء الجمعة 14 اوت ) المفكر و المتفقد العام للمدارس الاعدادية و الثانوية عبد الجليل الميساوي المعروف باسم " الاستاذ قاموس " نسبة الى البرنامج التلفزي الذي كان يعده خلال فترة السبعينيات بالتلفزة الوطنية عن عمر 71 سنة اثر صراع مع المرض ، و قد وافاه الاجل المحتوم في منزله بمدينة القصرين بعد مسيرة زاخرة بالعطاء الفكري و في المجال التربوي حيث كان معلما ثم استاذا في مادة التربية و التفكير الاسلامي و بعدها متفقدا اول لنفس المادة ، و يعتبر الفقيد احد المنارات العلمية البارزة بمساهمته في تكوين اجيال من التلاميذ و الاساتذة الى جاب تآليفه العديدة و بحوثه المتنوعة و مجهوده الكبير في مجال التربية و التعليم و ما قدمه للمكتبة العربية عموما وللمكتبة التونسية بصفة خاصة. فقد اثرى الفقيد الفكر التونسي و المكتبة الادبية بعشرات الكتب و خاصة في التفكير و الحضارة الإسلامية على غرار كتاب " قيم الحداثة في الفكر العربي الإسلامي من ظهور الإسلام إلى عهد ابن خلدون " وكتاب " قيم الإصلاح والتحديث في فكر أحمد بن أبي الضياف من خلال كتابه الإتحاف " . هذا و ولد الأستاذ عبد الجليل الميساوي يوم غرة سبتمبر 1944 بقرية " بوزقام " بضواحي مدينة القصرين. تعلم قواعد اللغة والفكر الإسلامي في الكتّاب الذي كان يشرف عليه والده ، و تمكن في سن مبكر من حفظ ما يقارب الثلاثين حزبا من القرآن الكريم . و تشبع الفقيد بالفكر الزيتوني إذ التحق بفرع الزيتونة بتالة في أكتوبر 1958، ثم الفرع الزيتوني بسوسة ليتحصل على شهادة الأهلية في جوان 1961 ثم ينتقل بعدها إلى العاصمة و يتحصل على شهادة التحصيل العلمي سنة 1964. و مكّنه تميزه في الدراسة من الحصول على جائزة رئيس الجمهورية اثر تخرجه من الكلّية الزيتونية للشريعة وأصول الدين بتونس . إمتهن عبد الجليل الميساوي التدريس منذ سنة 1973 كمعلّم تطبيق في التعليم الابتدائي ثم أستاذ تعليم ثانوي و عمل سنة 1986 كمرشد بيداغوجي ثم كمتفقد تعليم ثانوي ابتداء من 1 ماي1990 ثم ارتقى الى متفقد أول للمدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية ابتداء من ماي 1991 الى ان احيل على شرف المهنة عند بلوغه الستين . و ممارسته للتعليم و الاشراف البيداغوجي حفزه على المساهمة في وضع بعض الكتب المدرسية ك " البديل في التربية الإسلامية " لتلاميذ السنة التاسعة من التعليم الأساسي و " التأسيس المنهجي حول بناء المقال وتحليل النص في مادة التفكير الإسلامي " لتلاميذ الباكالوريا اضافة جسور التواصل التربوي وآليات المتابعة والتأطير والتكوين و " والمعين في التفكير الإسلامي " سنة أولى ثانوي (دليل التلاميذ والمدرسي ) و المساهمة في تاليف العديد من الكتب المدرسية الرسمية في مادة التربية و التفكير الاسلامي بالمدارس الاعدادية و المعاهد الثانوية . و لم يثنه عمله في التدريس والتفقد من استكمال دراسات المرحلة الثالثة من التعليم الجامعي سنة 1994 وتحصل على شهادة الماجستير (الدراسات المعمّقة) في الحضارة الإسلامية سنة 1994 إشتهر عبد جليل الميساوي باسم "الأستاذ قاموس" وذلك لأنه ساهم في اعداد و تقديم برنامج تلفزي يحمل عنوان "حروف وأرقام" بداية من سنة 1976 بالتلفزة الوطنية ثم بعد ذلك وقع تجاهله تماما واستبعاده تقريبا من الساحة الثقافية و بقي يجتهد و يعمل في صمت .ورغم ذلك واصل الميساوي مثابرته على الكتابة ليهدي للمكتبة الوطنية موسوعة " تراثنا " التي تتكون من 4 مجلدات هي: * حدود الواقع والمثال : كيف ساسوا الحياة وكيف نسوسها * حدود الواقع والمثال: المنطق ونظرية المعرفة عند الغزالي * حدود الواقع والمثال : المرأة العربية وحقوق الإنسان بين المدوّنة الفقهية والتحولات الحضارية * على محكّ النقد والتمحيص : المرأة العربية وحقوق الإنسان- تجارب إنسانية لا تعاليم إلهية. هذا و قبل اسابيع قليلة من وفاته تم تكريمه من طرف جمعية حماية اللغة العربية و المحافظة عليها بمدينة فريانة اعترافا بما قدمه من خدمات جليلة ، مع الاشارة الى انه سيتم ظهر اليوم السبت تشييع جنازته الى مثواه الاخير بمقبرة مسقط راسه " بوزقام " رحمه الله و رزق اهله و ذويه جميل الصبر و السلوان .