شددّ الأمين العام لحركة نداء تونس، محسن مرزوق، على ضرورة استمرار حكم الحزبين الرئيسين في البلاد؛ "النداء" و "النهضة"، لتحقيق الاستقرار، لافتًا إلى الأوضاع الاقتصادية التي وصفها بالصعبة، مقلّلا من آمال دخول استثمارات كبيرة لتونس في ضوء استمرار العمليات الإرهابية. وطالب مرزوق، في حوار مع الأناضول، بإحداث لجنة عليا في تونس للتعاطي مع الأزمة الليبية، تتجاوز وزارة الخارجية لتشمل وزارات أخرى، وأشاد بالعلاقات التونسية الجزائرية، واعتبر أن مصير تركياوتونس مشترك في المنطقة، وأن العلاقات التونسية التركية إستراتيجية لا تتأثر بالحكومات والأحزاب. وفيما يتعلق بأداء الحكومة التونسية، اعتبر مرزوق أن تقييم أداء حكومة الحبيب الصيد يحصل مع الأخذ بعين الاعتبار "الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد"، مؤكّدًا ضرورة "مساندة الحكومة على أساس عملها في الإصلاحات الكبرى التي تنتظر البلاد، وخاصة إنعاش الاقتصاد ومحاربة الإرهاب". وتابع "هناك إيجابيات، وهناك أشياء يمكن مراجعتها، وعلاقتنا بالحكومة هي علاقة صراحة، لذلك هناك تنسيقية أحزاب (الائتلاف الحاكم) تجتمع مع رئيس الحكومة وتتحدث معه في جملة مواضيع، وهو رجل وطني مخلص ومنفتح على كل المقترحات". وربط مرزوق دخول الاستثمارات والتمويلات التي من شأنها إنعاش الاقتصاد ب "التقدم في مجال محاربة الإرهاب، والمضي قدما في الإصلاحات الكبرى في المجال الاقتصادي". ونفى مرزوق أن تكون العمليات الإرهابية "عقوبة للتجربة الديمقراطية التونسية"، مشيرًا أن "الإرهاب يضرب مناطق متعددة من العالم العربي والإسلامي، وهو ظاهرة سياسية واقتصادية وليست ظاهرة دينية، فالإرهاب مافيا تستعمل الدين لمصالح اقتصادية". وحول تصاعد الإضرابات النقابية، خلال الأشهر الستة الماضية من عمر حكومة الحبيب الصيد، قال "يجب ألا ننسى أن تونس تمر بمرحلة انتقال ديمقراطي هش، وأن الوضع الاقتصادي صعب، وأن البلاد تعيش حالة حرب ضد الإرهاب". وحول إشكاليات التنمية في المناطق الجنوبية، ونشاط المهربين الذين "تضايقوا" من إنشاء الحاجز الترابي بين تونس وليبيا، قلل مرزوق من قدرة منطقة حرّة بين بلاده وليبيا على حل إشكاليات "النشاط الاقتصادي الموازي"، داعيًا إلى "برامج إستراتيجية للجنوب التونسي". ولفت مرزوق إلى أهمية الاستقرار بالنسبة للاستثمار وقال "أعتقد أن الانكماش في الاستثمار حاصل في العالم كله وليس فقط في تونس". وتابع "يتطلب منا الأمر أن نقدم فرص استثمار تمكن الدول الشقيقة والصديقة من أن تستثمر عندنا في ظروف طيبة". وفي سياق آخر؛ نفى مرزوق ما تردد عن تشكيل حكومة تقتصر على حزبه وحركة النهضة في الخريف القادم، وقال "رسميًا ليس هناك حديث في هذا الموضوع ولم يطرح بعد". وتابع "لابد من نظام سياسي مستقر، والشعب التونسي هو الذي فرض علينا أن نعمل حكومة مشتركة بين نداء تونس والنهضة، لأن إرادة الناخب التونسي أعطت 37 بالمائة لنداء تونس و27 بالمائة للنهضة، وكان لا بد من أن يوجد الحزبان صيغة للتعامل بينهما، وإرادة الناخب التونسي فرضت هذه النتيجة". وشدد مرزوق أنّ بلاده "لن تكون مستقرة في حكومة ليس فيها النداء الذي حقق المرتبة الأولى في الانتخابات أو حركة النهضة التي جاءت ثانيًا". وقال "نحن براغماتيون نقدم نفسنا باعتبارنا "بورقيبيون جدد" (نسبة إلى الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة) ونتحدث عن البورقيبية الجديدة، وهي ليست إيديولوجيا بل منهجية تعامل، تقوم على البراغماتية وعلى الواقعية والتحليل السليم للأشياء". وفي معرض تعليقه على أداء وزارة الخارجية فيما يتعلق بالملف الليبي قال مرزوق "أعتقد أن الدولة التونسية كلها، لم تضبط استراتيجية ملائمة متكاملة ومتوازنة حول موضوع ليبيا، حتى الآن، نظرا لتعقد الظروف هناك". وأضاف "لا بد من تأسيس لجنة عليا حول الشأن الليبي، تكون فيها وزارة الخارجية وزارة الدفاع وزارة الداخلية، إضافة إلى الحكومة، ورجال أعمال، لإعداد الإستراتيجية". وتابع مرزوق "وزير الخارجية يقوم بدوره في إطار المعايير الدبلوماسية، لكن سياسة تونس حول ليبيا ليست فقط سياسة خارجية ودبلوماسية، فقد تكون العلاقات غير الدبلوماسية أقوى من الجانب الدبلوماسي". ورأى أن سياسة بلاده تجاه ليبيا يجب أن تقوم على 5 مبادئ؛ هي "احترام العملية السياسية الجارية في ليبيا ورفض التدخل العسكري، والتعامل مع الأطراف الليبية على أساس رفض الإرهاب، واحترام المصالح المشتركة الاقتصادية بين البلدين، واعتبار علاقات الإخاء والتعاون بين الشعبين نقطة أساسية، وربط هذا كله بالعملية والشرعية الدولية التي لا نستطيع الخروج عليها". وحول ما تم تداوله عن "فتور في العلاقات التونسية الجزائرية"، قال مرزوق "علاقاتنا على أعلى مستوى، منذ أسبوع استضافني سعادة السفير الجزائري في تونس المجاهد عبد القادر الحجار، ووضح لي أن العلاقات الاقتصادية التونسية الجزائرية لم تكن أفضل مما عليه اليوم، وفي الأسبوع الأخير تم توقيع اتفاقيات (لم يوضح طبيعتها) على درجة بالغة من الأهمية كانت معطلة منذ الستينات". وفي معرض حديثه عن العلاقات مع تركيا لفت مرزوق أن "العلاقة بين الشعبين التونسي والتركي تاريخية، والعلاقات بين الدولتين على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وثيقة، وأعبّر من خلال الأناضول عن كل مشاعر التقدير والاعتزاز والحب للشعب التركي العظيم". ومنذ قيادته للحملة الانتخابية للرئيس الحالي الباجي قايد السبسي، لفت محسن مرزوق، الذي نشط أيام دراسته الجامعية في نهاية الثمانينات ضمن فصائل أقصى اليسار الطلابي، الأنظار، في تونس كسياسي شاب (50 سنة) له طموحات كبيرة، ومنذ شهر ماي الماضي صعد مرزوق إلى أهم منصب في الحزب الذي يقود الائتلاف الحاكم في تونس، حركة نداء تونس، بخلافة وزير الخارجية الحالي الطيب البكوش في منصب الأمانة العامة.