رئيس الجمهورية: تونس تزخر بالوطنيين القادرين على خلق الثّروة والتّوزيع العادل لثمارها    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    بالفيديو: رئيس الجمهورية يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها    قيس سعيد يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها (صور + فيديو)    "نحن نغرق".. سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم جوي (فيديو)    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    كيف سيكون طقس الجمعة 2 ماي؟    طقس الجمعة: خلايا رعدية مصحوبة أمطار بهذه المناطق    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    الرابطة الأولى (الجولة 28): صافرتان أجنبيتان لمواجهتي باردو وقابس    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.شهاب دغيم (نداء تونس) ل«التونسية»:
نشر في التونسية يوم 06 - 06 - 2015


محاولات التفرقة ستعود بالوبال على أصحابها
هذا ما يحسب للشيخ راشد الغنوشي
أطراف تسعى لعرقلة الحكومة واتهام الاتحاد
حوار: أسماء وهاجر
ما هي خفايا حملة «وينو البترول»؟ ما الفرق بين حكومتي «الترويكا» وحكومة «النداء»؟ وهل صحيح أن حزب «النداء» اكتفى باستغلال الإرث البورقيبي من ناحية الشكل دون تحقيق المضامين البورقيبية من حيث مواصلة البناء ؟ ما سر اعتبار راشد الغنوشي «داهية سياسية»؟وما سر حملة «اخدم وإلا ديقاج»؟ من يتحمل مسؤولية ما يسمى «بالانفلات الاضرابي» ؟ وهل أصبح النضال وضع «العصا في العجلة»؟ كيف يبدو حال «النداء» بعد تعيين محسن مرزوق أمينا عاما؟ هذه الأسئلة وغيرها طرحتها «التونسية» على الدكتور شهاب دغيم (نداء تونس بفرنسا) أستاذ محاضر وصاحب العديد من المؤلفات، الذي اكد ان تونس اليوم رغم التعثرات والاحتجاجات تسير على الطريق الصحيح وان محاولات التفرقة وبث الفتنة وخدمة اجندات إقليمية ستعود بالوبال على أصحابها.
يصدر قريبا كتابك حول الآخر في الرواية المصرية الحديثة والمعاصرة في نسخته العربية هل لك ان تخصنا بمحتوى هذا المؤلف؟
الكتاب هو أطروحة دكتورا تحصلت على ملاحظة مشرف جدا وتهاني لجنة التحكيم بالإجماع من جامعة السوربون الجديدة بباريس ونشرت باللغة الفرنسية عن احدى دور النشر الجامعية الالمانية وافادة للقارئ العربي ارتأينا تعريبها. يطرح الكتاب اشكاليات الانتماء والهوية في الرواية العربية الحديثة والمعاصرة في علاقتها بالآخرغربيّا كان أم افريقيا. فتعددت صورالذات وتنوعت رؤى الآخر في الروايات المدروسة وانتقلت ثنائية الأنا/الآخر الى جدل الأنا /الداخل. ويُعنى الكتاب في جانبه النقدي بتطور تقنيات السردية العربية في علاقاتها بالآخر عموما.
أشارت إحدى الصحف الجزائرية إلى أن قوى أجنبية وراء حملة «وينو البترول؟» وأن خلفياتها واهدافها هو بث الفوضى في الجزائر... ماهو تقديركم لذلك؟
الجزائر الشقيقة خط أحمر فعلاقتنا بهذا الجار تاريخية واخوية حيث التحمت الدماء التونسية والجزائرية ضد الاستعمار الغاشم في «الساقية» المجيدة. الجزائريون عانوا من ويلات الإرهاب وعاينوا نتائج الربيع العربي ولا يمكن لأية جهة مهما كانت قوتها ان تنقل الدمار الى جزائر المليون شهيد.
هذه الحملة التي أطلق عليها إسم «وينو البترول؟» لا تعدو ان تكون حملة مغرضة غايتها زرع الفتنة وخلق جوّ من الفوضى في البلاد والتشكيك في مصداقية الدولة. فضلا عن بثها للنعرات الجهوية في محاولة يائسة لتفكيك وحدة الوطن. نحن نعرف من يقف وراءها ومن يقودها. فكيف تذكّر من كان في الحكم بالأمس فجأة موارد البترول اليوم؟ الحكومة التونسية فندت كل هذه المزاعم الكبرى، مؤكدة حرصها على الشفافية مع العلم أن لجنة الطاقة والصناعة في مجلس نواب الشعب برئاسة السيد عامر العريض قررت مساءلة كل المتدخلين في قطاع الطاقة. السؤال في حد ذاته مشروع ونحن نعيش تحولا ديمقراطيا لكن الفوضى والعنف والاعتداء على ممتلكات الدولة أعمال يجرّمها القانون. في هذا الصدد أسئلة أخرى يمكن ان تطرح وهي أكثر عمقا وشرعية من «وينو البترول؟» مثل «وينهم قتلة بلعيد والبراهمي؟» و«وينهم قتلة نقض؟» و «وينهم الذين اعتدوا على مظاهرة 9 افريل وينهم الذين اعتدوا على الاتحاد؟».
هل تعتقد ان حزب «النداء» «تمعّش» من الإرث البورقيبي للوصول الى سدّة الحكم ثم عجز عن إحداث النقلة النوعية التي كان ينتظرها منه الشعب ؟
لي احتراز كبيرعلى كلمة «تمعّش» لما تحمله من دلالات مستهجنة وسلبية. «نداء تونس» ولد من رحم البورقيبية مستندا في نشأته الى الفكر الإصلاحي التونسي والتراث العالمي وقيم الحرية والعدالة. ان الإرث البورقيبي مشترك ومشاع بين التونسيين ونعتبر ان «النداء» هو أقرب الأحزاب الى المشروع البورقيبي في تمسكه بسيادة الوطن والمكاسب العصرية للدولة الوطنية وخاصة الحفاظ على حقوق المرأة ومجلة الأحوال الشخصية والتعليم. لا يجب أن ننسى أخيرا ان مؤسس الحزب الأستاذ الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية كان أحد وزراء بورقيبة البارزين لمدة طويلة. يمكن ان نقول في الأخير أن البورقيبية ليست ثابتا متحجرا بل انها متحول فكري وسياسي واجتماعي تستفيد منه كل الحساسيات الوطنية.
بين حكم «الترويكا» وحكم الندائيين ماذا تغير؟
أول شيء تغير هو اننا خرجنا من مرحلة انتقالية طالت أكثر مما حدد لها. ثانيا الذي تغير هو الإرادة السياسية الواضحة في مقاومة الإرهاب وحماية التراب التونسي والعمل على إعادة الروح للاقتصاد والتنمية. ثالثا حققنا تداولا سلميا على السلطة لتأسيس الفعل السياسي على الديمقراطية والانتخابات المباشرة. وما عدا ذلك فهو محاولة يائسة للعودة من الباب الصغير.
هناك حديث عن محاولات لمنع الحكومة من التقدم ب«وضع العصا في العجلة» كيف تقرؤون ذلك؟
قبل الحديث عن عمل الحكومة يجب التذكير بالوضع الكارثي اقتصاديا واجتماعيا وأمنيّا الذي تركت فيه «الترويكا»البلاد قبل الخروج من الحكم. اليوم تعددت الإضرابات والاحتجاجات وتعطلت المصانع في قطاعات بعينها وهذا لن يثني الحكومة عن المضي قدما نحو الخروج بتونس من الأزمة. وقد أعرب رئيس الحكومة الحبيب الصيد عن تفهمه للمطالب الاجتماعية ولمطالب العاطلين عن العمل معتبرا هذه المطالب من أولويات اهتمام حكومته لكن الإضراب عن العمل وإن كان «حقاً دستورياً مشروعا»فإن انعكاساته ستكون سلبية، فضلا عن ارتفاع وتيرة الإضرابات التي تعرقل النشاط الاقتصادي.
ونحن نعتقد اليوم أن تونس رغم التعثرات والاحتجاجات تسير على الطريق الصحيح.أكيد أن بعض الاحتجاجات مشروعة واساسية ولكننا نعي جيّدا أن المطالب الاجتماعية مهمة بالنسبة للشرائح الضعيفة من التونسيين ونعتقد أن التكافل والحوار بين الأطراف الاجتماعية هما الطريق الوحيدة للعبور الى بر الأمان ولعودة النمو الاقتصادي ولنترك البكاء للآخرين.
صرّحت أن راشد الغنوشي «داهية سياسية» هل لك أن توضح اسس هذا التصريح؟
مفهوم الدهاء السياسي هنا ليس سلبيا بل هو ما اعتبره البعض حيوانا سياسيا بالمفهوم الفلسفي للكلمة. الأستاذ راشد الغنوشي يحسب له انه عبر بحركته أزمات كبرى وانتهج سياسة براغماتية حذرة فقبل بالهزيمة التشريعية وهنأ حزب «نداء تونس». قدم تنازلات وساهم مع رئيس الجمهورية في إخراج تونس من دوامة الاضطرابات والاحداث الخطيرة التي شهدتها البلاد. الأستاذ راشد الغنوشي نصح إخوان مصر بالتّروي وعدم التّعنت والقبول بالحلول السياسية. واليوم في ظل التحركات المشبوهة في إطار ما يسمى «وينو البترول؟» دعا الأستاذ الغنوشي بعض الأطراف الى العودة الى رشدهم مؤكدا على ضعف الموارد الطبيعية في تونس وأن تغيير الحكومات والبرلمانات لا يتم إلا بالعودة الى الصناديق. الأستاذ الغنوشي على عكس غيره لديه وعي قاطع بأنه لا بديل اليوم عن العمل السياسي والديمقراطي.
هل تعتبر أن الخلافات في «نداء تونس» انتهت بمجرّد تعيين محسن مرزوق أمينا عاما... أم أنها مجرّد هدنة كما يرى البعض؟
«نداء تونس» يختلف عن الأحزاب الأخرى في شيئين: أولا لأنه حزب فتي يطفئ شمعته الثالثة هذه الأيام وثانيا لأنه حزب يضم العديد من المشارب الفكرية والسياسية من الدستوري الى النقابي إلى اليساري وغيرهم. والاختلاف والتنوع يعكسان ضربا من الديمقراطية الحزبية التي لم تتعود عليها الأحزاب الكلاسيكية التي تنخرط أساسا تحت رافد إيديولوجي أوحد كحركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية أو الأحزاب ذات المرجعية اليسارية. الخلافات صحية في الأحزاب و«نداء تونس» ليس بمنأى عن الاختلافات لكنه ظل متماسكا ملتفا وراء قيادته فلم تسجل انسحابات ولا استقالات على حسب علمي الى حد نشرهذا المقال. التحديات المطروحة اليوم على «نداء تونس» تستدعي إلزاما وجود شخصية جامعة متفرغة للعمل الحزبي وهو ما عبر عنه السيد محسن مرزوق حينما قرر الاستقالة من منصبه كوزير مستشار لرئيس الجمهورية للتفرغ للحركة وهذه سمة الأحزاب الكبرى.
أطلقت مؤخرا حملة «إخدم وإلا ديقاج» ردا على العشوائية في الاضرابات التي اضرت بالاقتصاد التونسي ألا ترون أن الاتحاد يتحمل مسؤولية كبرى في هذا الانفلات؟
الاتحاد كان شريكا وراعيا للحوار الوطني وساهم في إخراج البلاد من أخطر أزماتها. وقيادات الاتحاد واعية شديد الوعي بحالة التردي الاقتصادي والاجتماعي الذي وصلت اليه البلاد وقد أكد أمينه العام حسين العباسي مرارا على أن قيمة العمل في تونس تراجعت بشكل لافت مما حال دون التقدم في تحقيق أهداف التشغيل والتنمية العادلة والمتوازنة.وتجاوزت قيادات الحركة الشغيلة هذه التعاليق معلنة رفضها المطلق وعدم تأييدها للإضرابات العشوائية غير المنظمة والمستهدفة أساسا لمكانة اتحاد الشغل كطرف أساسي بالبلاد. والأخطر اليوم أن هناك قناعة متأكدة لسعي أطراف خفية تستهدف الاتحاد وترمي لاستغلال النقابات العمالية في معركة الاتحاد بعيد عنها. فمن مصلحة بعض الأطراف أن تستمر الإضرابات وتتواصل حالة الاحتقان الاجتماعي لعرقلة عمل الحكومة واتهام الاتحاد. ندعو اليوم جميع الأطراف إلى ضرورة إيجاد حلول عملية للتقليص من حدة التوتر الاجتماعي وتغليب الحوار والتوافق لتجاوز عديد الصعوبات.
هل تعتبر قرار وزير التربية ناجي جلول ازاء نقابة التعليم الاساسي بعدم الرضوخ لسياسة لي الذراع قرارا جريئا من شأنه ان يعيد هيبة الدولة ؟
ناجي جلول منذ حلوله بوزارة التربية يقوم بعمل كبير وتنقل في ربوع البلاد للاتصال بالأسرة التربوية وللاطلاع على الحياة المدرسية والمعهدية عن قرب وتفقد المنشآت التعليمية. ونحن نجري هذا الحوار تجري امتحانات الباكالوريا التي نعتبرها إنجازا في حد ذاته نظرا لما شاب هذه السنة الدراسية من تحركات واضرابات ولي ذراع وكان البعض يشكك في إمكانية إجرائها. وناجي جلول رغم صعوبة المفاوضات والشروط التعجيزية أحيانا نجح بامتياز في إنجاح السنة الدراسية وخاصة أهم امتحان تنتظره العائلات التونسية ويتعلق بمستقبل ابنائها.
سياسة لي الذراع والتصعيد لن تقدم حلولا بل ستزيد من الاحتقان الاجتماعي وستهدد مصير آلاف التلاميذ الذين يريد البعض استعمالهم كورقة ضغط. التونسيون يساندون اليوم عمل الوزير لما يتحلى به من جرأة وحرص على فتح أبواب الحوار الاجتماعي والدعوة الى الاتفاق حول المطالب وأعتقد ان قرارات ناجي جلول صائبة ومهمة لوقف هذه الاحتجاجات والعودة الى طاولة المفاوضات مع احترام حق التلاميذ في التعليم وفي اجتياز الامتحانات.
ما تعليقك على عريضة تضامن بعض المثقفين مع المثليين؟ متى ندافع عن الحرية ومتى نتمسك بهويتنا العربية الاسلامية؟
شخصيا وهذا يلزمني اعتبر ان مثل هذه الجمعيات تمس بقيمنا الإسلامية والعربية وتهدد تماسك الاسرة. لكن الإشكالية تتجاوز هذه الجمعية المثلية لأنها تمس قانون الجمعيات ككل. ربما يجب التعاطي اجتماعيا مع ظاهرة المثلية والتي تختلط فيها حدود الحرية الفردية بقيم مجتمعنا الأخلاقية.
الى أي مدى يمكن القول أن الوضع في ليبيا يمكن أن يضر بالأمن والاقتصاد التونسيين؟
نعتبر الشأن الليبي شأنا داخليا ولا يمكن لنا بأي حال من الأحوال ان نتدخل في هذه الأزمة ونناشد الفرقاء في ليبيا الشقيقة للجلوس الى طاولة الحوار وحقن دماء الشعب الليبي الشقيق.لنا حدود برية تتجاوز 500 كلم وأكيد أن للوضع العام بليبيا ارتدادات على الامن القومي التونسي ونظرا للقرب الجغرافي والتداخل الاجتماعي والتأثير الاقتصادي المتبادل يمكن لما يحدث في ليبيا ان يربك الوضع الأمني في تونس.ولا يجب ان نغفل عن خطر المجموعات الإرهابية المسلحة التي باتت تهدد كامل المنطقة العربية بما فيها تونس.
اقتصاديا دخول ليبيا في دوامة الصراعات المسلحة أثر سلبا على المعاملات التجارية والاقتصادية بين البلدين.تاريخيا شكلت ليبيا سوقا أساسية للبضائع التونسية، وتواصل الأزمة الليبية جعل تونس تخسر إحدى أهمّ أسواقها المغاربية والعربية كما أضطر العمال التونسيون إلى الهروب من دائرة الصراع.
تراوح الديبلوماسية التونسية في تعاملها مع بعض الملفات بين الحياد والتعثّر... ماذا تقول في ذلك؟
الديبلوماسية التونسية كانت أكثر ارتباكا وتعثرا زمن «الترويكا» نظرا لانحيازها المطلق لصالح طرف دون آخر في ظل اجندات إقليمية لا ناقة لتونس فيها ولا جمل . حرصت الدولة اليوم كما كانت دائما على النأي ببلادنا عن التجاذبات الإقليمية والتركيز على ديبلوماسية ايجابية تضع نصب عينيها مصلحة تونس والتونسيين فقط. ففي ظل وجود الفرقاء في ليبيا نعتبر ان التمثيل الثنائي إيجابيا يجنب تونس الانجذاب الى المستنقع الليبي ويلزمها الحياد إزاء طرفي الصراع. بالنسبة الى سوريا فان وجود جالية تونسية كبيرة وأعدادا من المقاتلين في صفوف الجماعات الإرهابية استوجب فتح قنوات اتصال مع الحكومة السورية الحالية. بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية فانه تربطنا بها علاقات قديمة وقوية تفوق القرنين. يجب في رأيي عكس السؤال لأن الاضطرابات في العالم العربي اقتضت توخي الحيطة والحذر والوقوف على الحياد من الأطراف المتناحرة وهي خطوة تشكل عودة الى الديبلوماسية التقليدية التونسية التي انتهجت الحياد وعدم التدخل في شؤون الأشقاء والأصدقاء.
هل تعتقدون أن الآليات المعتمدة من طرف الدولة لمقاومة الإرهاب كافية لاستئصاله من جذوره خاصة أمام سياسة حرب الاستنزاف التي يعتمدها الارهابيون بالكرّ والفرّ؟
مثلت الراديكالية والارهاب والتطرف هاجسا جديا لكل دول المنطقة يتجاوز الحدود الاجتماعية والإنسانية والإثنية والعرقية ليصبح ظاهرة شمولية تهدد وتضرب كل المجتمعات. لذلك نعتبر انه لا يمكن تقديم مجرد حلول أمنية بوليسية لمقاومة هذه الظاهرة بل وجب اعتماد مقاربة شمولية تتضافر فيها جهود جميع الاطراف من دول وهيئات اممية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات التربوية والعائلات.
وقد أثبت الحل الأمني نجاعته على المدى القصير فتتالت الانتصارات التي حققتها قوات الأمن والجيش الوطنيين وأثبتت عزم الدولة في المضي قدما في دحر الإرهابيين وتطهير البلاد منهم. لكننا ندرك عجز الحلول الأمنية وحدها عن مقاومة الإرهاب. لا يمكن مقاومة الإرهاب إلا بسنّ التشاريع القانونية الكفيلة بالحد من الظاهرة ومقاومتها وبتمكين الأمن والجيش من الأطر القانونية والأسلحة والعتاد للتدخل ضد كل من تسول له نفسه الاعتداء على التونسيين وعلى حرمة الوطن.
يجب التذكير انه في اعقاب التحول السياسي الجذري الذي شهدته البلاد في جانفي 2011 ضعفت هياكل الدولة وساهم صعود الاسلام السياسي الحركي في انتشار الحركات الجهادية ودعوات الاستقطاب الايديولوجي وتحولت تونس الى أكبر مصدر للإرهابيين بعد ان كانت أكبر مصدّر للمهندسين وللأطباء في غياب كلي للمراقبة ويتواطؤٍ يكاد يكون مفضوحا.
ان الحلول السياسية والأمنية يجب ان تكون مصحوبة بإجراءات صارمة عبر مراقبة الجمعيات التي يشتبه في علاقاتها بالإرهاب ومراقبة المال الاقليمي الذي سبق ان اغرق البلاد واعادة الاعتبار للهوية البائسة وتقديم قراءة معتدلة مالكية سنّية روحها قيم الاسلام التونسي السمح لمقاومة القراءات المشطة والاسلام المستورد والغريب عن مجتمعنا من ناحية وايجاد حلول اقتصادية واجتماعية ناجعة تنقذ الشباب من البطالة والخصاصة وتحقق التنمية العادلة ومن ناحية اخرى لقطع الطريق امام التغرير بخيرة شباب تونس واستقطابه. تبقى اخيرا المعضلة التربوية عبر اصلاح البرامج التربوية ومراقبة رياض الاطفال والمدارس والمعاهد العشوائية التي برزت كالفقاقيع والتي يروّج بعضها لفكر متشدد.
كيف ترون المشهد السياسي في قادم الأيام ؟
المشهد السياسي التونسي يبقى إيجابيا مقارنة بأوضاع بعض الدول العربية الشقيقة ويمكن أن نتحدث اليوم عن الاستثناء التونسي بكل فخر. لكن يجب تغليب المصلحة الوطنية ومواصلة العزم الحكومي في مقاومة واستئصال الإرهاب لتوفير مناخ أمن للاستثمار وللعمل وتحقيق النمو الاقتصادي.
البلاد خرجت منتصرة ومتضامنة من عدة أزمات ونعتقد راسخين أن القادم سيكون أفضل، مؤمنين بأن محاولات التفرقة وبث الفتنة وخدمة اجندات إقليمية ستعود بالوبال على أصحابها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.