«داعش» يتمدّد بسرعة وأصبح عنصر جذب للشّباب التونسية (تونس) أعلن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي انخراط تونس في التحالف الدولي ضدّ تنظيم «داعش» باعتباره إطارا ملائما للعمل المشترك والالتزام الجماعي بمكافحة التطرف العنيف. كان ذلك في كلمته إلى قمة القادة حول «محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والتطرف العنيف» التي ألقاها نيابه عنه رئيس الحكومة الحبيب الصيد أمس الأول في نيويورك. وتابع رئيس الجمهورية أنّ تونس تدرس حاليا مجالات المشاركة في هذا التحالف الدولي وستعمل على المساهمة بقوة في بعض تلك المجالات وذلك في حدود إمكانياتها المتاحة واعتبر في ذات الإطار أن تنظيم «داعش» الإرهابي يمثل أحد مظاهر الخطر الإرهابي المحدق بأمن واستقرار المنطقة والعالم. ملاحظا أن هذا التّنظيم يتمدّد بسرعة فائقة ويُسيطر على مناطق شاسعة بمنطقة الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا، أين يُمارس القتل والتّنكيل والتّعذيب والسّبي والاغتصاب والتّهجير الجماعي ويستهدف المجموعات القوميّة والطّوائف الدّينيّة ويُمارس التّدمير الشّامل والهمجي للتّراث الإنساني. كما أشار إلى أن هذا التنظيم بات، بفضل إمكانيّاته الماليّة وإستراتيجيّته الدّعائيّة، عُنصر جذبٍ كبير للشّباب من مختلف بقاع العالم، بما يعنيه ذلك من تهديدٍ جدّي لأمن كلّ الدّول. تحصين المسار الديمقراطي ولاحظ رئيس الجمهورية أن تونس تمكّنت بفضل حكمة أبنائها وحرصهم على الوئام والتّوافق، من تجاوز صعوبات الانتقال الدّيمقراطي من خلال اعتماد دستورٍ جديد وإجراء انتخابات برلمانيّة ورئاسيّة حرّة وشفّافة مهّدت الطريق لوضع الأسس السّليمة لجمهوريّةٍ ثانية. «لكنّ هذا الانجاز، على أهمّيته، لا يُمكن أن يحجب عنّا الخطر الحقيقي الذي يُمثّله الإرهاب على ديمومة المسار الدّيمقراطي والاستقرار السّياسي وفرص الانتعاش الاقتصادي، وذلك في محيطٍ إقليمي مضطرب زاده تعقيدًا إنخرام الأمن في ليبيا والعمليّات الارهابيّة التي راح ضحيّتها عددٌ من المواطنين الابرياء من التّونسيّين والسّيّاح الاجانب خاصّة في متحف باردو في مارس 2015 وبشواطئ مدينة سوسة في جوان 2015». ترسانة تشريعيّة وتابع أنه بهدف مُجابهة هذا الوضع الاستثنائي، انخرطت تونس في الآليات الدّولية لمكافحة الإرهاب وشرعت جاهدةً في تعبئة كلّ إمكانيّاتها وحشد كلّ طاقاتها وتوظيف مختلف الوسائل التّشريعيّة والمؤسّساتية والعمليّة المُتاحة في سبيل التّصدّي لمخاطر الظّاهرة الإرهابيّة. مشيرا في هذا الصدد إلى اعتماد قانون جديد حول مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال يتناغم مع النصوص القانونيّة الدّوليّة وقرارات مجلس الأمن الدّولي ذات الصّلة، كما يُجرّم أعمال الدّعم والتّحريض والتّدريب والانتداب والتّمجيد والمحاولة والاشتراك في ارتكاب أعمال إرهابيّة وكذلك السّفر والتّسفير إلى مناطق القتال. كما أكد أنه يجري حاليا بالتّعاون مع لجنة مكافحة الإرهاب التّابعة لمجلس الأمن الدّولي، وضع اللّمسات الأخيرة لمقاربةٍ وطنيّة متكاملة ترتكز على محاور الوقاية والحماية والرّصد والرّدّ، وتشمل الأبعاد الأمنيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والفكريّة والثّقافيّة والإعلاميّة وا-ا لاحظ رئيس الجمهورية أن المقاربة التونسية تولي اهتمامٍا خاصا لظاهرة المقاتلين الأجانب، من خلال حظر سفر بعض الفئات المشبوهة إلى مناطق الصّراع ومراقبة المقاتلين العائدين إلى تونس أمّا في الجانب المؤسّساتي والعملي، فقد تمّ تعزيز منظومة مكافحة الارهاب والجريمة المنظّمة من خلال إنشاء قُطب قضائي وآخر أمني ووكالةٍ للاستخبارات في مجالي الأمن والدّفاع. وحيّى الباجي قائد السبسي في هذا الإطار شركاء تونس من الدّول والمنظّمات الاقليميّة والدّوليّة. ولا سيما منظّمة الأمم المتّحدة والاتّحاد الأوروبي ومجموعة السّبع الكبار، وخاصّة الولايات المتّحدة الأمريكيّة، على السّند القوي الذي قدّمته لتونس في مجال تعزيز قدرات الأجهزة الأمنيّة المكلّفة بمكافحة الإرهاب. حرب على «الإرهاب» كما لاحظ في هذا الصدد أن الإرهاب يظلّ عُنصرَ تهديدٍ دائم للاستقرار والأمن في العالم. وتُعدّ مقاومته مسؤوليّة مشتركة وجُهدا جماعيًّا لكلّ الدّول وتتطلّب إرادة سياسيّة دوليّة حقيقيّة وتحرّكا جدّيًّا وسريعا في إطار مقاربة تضامنيّة وتشاركيّة فعّالة. ومن ثمة فانّه يقعُ على عاتق المجموعة الدّوليّة دعم قدرات الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة للدّول التي تخوض حربًا على الإرهاب، وتكثيف التّنسيق والتّبادل المرن للمعلومات والخبرات والتّجارب بين كلّ الدّول، وتعزيز التّعاون في مجال أمن الحدود والقضاء ومكافحة تبييض الأموال وغيرها من الميادين المرتبطة بتعقّب الارهابيّين. وأعلن رئيس الجمهورية في هذا الإطار انّ تونس تُوافق على اختيارها كبلدٍ رائد لمبادرة «الآلية الدّوليّة لبناء القُدرات في مكافحة الإرهاب والتّطرّف العنيف» مجددا التزام تونس بالمساهمة الفعّالة في تحقيق أهداف هذه المبادرة في إطار تنفيذ توصيات مجموعة السّبع الكبار.