البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    حريق بوحدة تصدير التمور يُخلّف خسائر مادية بدوز الشمالية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    سيدي بوزيد: انطلاق فعاليات الدورة التاسعة للمهرجان الدولي الجامعي للمونودراما    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    كاردوزو: سنبذل قصارى جهدنا من أجل بلوغ النهائي القاري ومواصلة إسعاد جماهيرنا    وفد "مولودية بوسالم" يعود إلى تونس .. ووزير الشباب والرياضة يكرم الفريق    هطول كميات متفاوتة من الامطار خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    صادم في المنستير: مناوشات في مطعم تتطوّر الى اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه!!    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    عاجل/ انتشال نحو 392 جثمانا من مجمع ناصر الطبي ب"خان يونس" خلال خمسة أيام..    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    الداخلية تشرع في استغلال مقر متطور للأرشيف لمزيد إحكام التصرف في الوثائق    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    Titre    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها على البلجيكية غريت    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سعيد في لقائه بالحشاني.. للصدق والإخلاص للوطن مقعد واحد    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهدي مبروك ل«التونسية»:التقاء «النداء» و«النهضة» ممسوخ.. و«الجبهة» وراء هذا الخطإ
نشر في التونسية يوم 07 - 10 - 2015

رجال أعمال فاسدين يشترطون المصالحة أو.. «تبريك البلاد»
دستورنا يمنع منع أيّ مواطن من العودة إلى بلاده
«النداء» غير معنيّ باستحقاقات الثورة و«النهضة» منحته صكّ غفران
حاورته: سنيا البرينصي
«الحكومة الحالية خارج السيطرة وكل «يغنّي عن ليلاه» وهناك بلقنة شاملة في مقاليد قيادة الدولة..رفع حالة الطوارئ قرار خاطئ والدستور لا يمنع الجهاديين التونسيين من العودة إلى وطنهم.. «قطاع الطرق» أسقطوا «الترويكا» وهي تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية في الاغتيالات.. «برافو» لقرار الانضمام إلى التحالف الدولي ضد «داعش» ولنكن في حجم المسؤولية...» هذه عيّنات ممّا جاء على لسان وزير الثقافة في عهد «الترويكا» مهدي مبروك، تطرّق فيه إلى عدة قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية تهم الشأن الوطني العام.
مهدي مبروك شخّص الوضع الذي تمر به تونس خلال هذه المرحلة، معتبرا أنه سيء باستثناء التحسن الأمني، كما تحدث عن لوبيات مالية وإعلامية وأجهزة مخوصصة ورجال أعمال فاسدين ينخرون جسم الدولة تحت مسمّيات وأهداف شتّى.
التفاصيل في السّطور التالية:
بداية أين «اختفى» مهدي مبروك بعد مغادرة الوزارة؟
- بعد مغادرتي وزارة الثقافة عدت مباشرة إلى التدريس بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية وقدمت درسين حول ماجستير الهجرة وعلم اجتماع الثقافة وهو الإختصاص الذي نلته بعد الدكتورا.
بعد ذلك انطلقت في الإشتغال على دائرة الفضاء العام ومختلف أشكال الإعتداء عليه كالإستيلاء على الملك العام والنفايات وكافة أشكال الإعتداء على الممتلكات العامة، وأنا اليوم بصدد إنهاء اللمسات الأخيرة لهذا البحث.
كذلك أنا بصدد إنجاز بحث حول «الدولة العميقة» استنادا إلى العلوم السياسية، فهل أنّ الدولة العميقة موجودة حقا، أم لا؟.
- ما هو المفهوم الإصطلاحي للدولة العميقة؟ خاصة أن هذا المصطلح أثار الجدل بقوة في البلاد خلال عهد «الترويكا»؟
الدولة العميقة مصطلح ظهر في تركيا خلال فترة الثمانينات، ثم تطور في العلوم السياسية الأمريكية للإشارة إلى لوبيات ودوائر نفوذ تتحكم في الدولة وبذلك تصبح الأجهزة الرسمية مجرد أدوات للتنفيذ في إطار ما يسمى ب«دولة التوقيعات»، بمعنى أن أياد خفية على غرار لوبيات مالية متمثلة في رجال أعمال وإعلام تتحكم في الدولة. أنا اليوم بصدد امتحان هذه الفرضية من أجل إثباتها أو نفيها في سياق تونسي.
ولكن جهات ترى أن مفهوم «الدولة العميقة» أثير في عهد «الترويكا» لضرب كيان الدولة التونسية في العمق على خلفية أن «الدولة العميقة» هي في النهاية الدولة التونسية في امتدادها التاريخي منذ الإستقلال، بماذا تردون؟
- الدولة العميقة مفهوم ظهر قبل« الترويكا». هذا المفهوم لا يفيد التسلل إلى مفاصل الدولة، كما أنه لا يعني الأمن الموازي. الدولة العميقة هي الخلايا النائمة للنظام السابق التي تعمل على إعاقة الانتقال الديمقراطي بهدف المحافظة على مصالح النظام القديم.
ما مهام المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الذي ترأسونه؟
- المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بتونس، هو منظمة غير حكومية تحصّل على الترخيص القانوني في جويلية 2014 بمقتضى نشره في الرائد الرسمي. وله جملة من المهام العلمية والبحثية بالمعنى الأكاديمي، على غرار دعم تكوين الباحثين في رسالة الدكتورا وغيره. نحن نطمح إلى أن نكون مؤسسة بحثية تشجع حركة البحث العلمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية في تونس.
وماذا عن الجهة المموّلة، خاصة وأن بعض الأطراف تعتبر أن للمركز ارتباطات خارجية؟
- المركز منظمة غير حكومية ولا تتلقى أية أموال من أية حكومة وإنما من مؤسسها وهو قطري الجنسية. المركز مؤسسة خاصة ذات منفعة عامة، ولا علاقة للمركز بالحكومة القطرية ولا بسياساتها.
ما تعليقك على إستقالة الأزهر العكرمي؟
- لا أود حشر نفسي في ما يجري من أحداث سياسية، وليس لديّ أيّ تعليق في هذا الخصوص.
وكيف تشخّصون المشهد العام الراهن في البلاد؟
- من الناحية الأمنية هناك تحسن مهم، ولكن يبقى الوضع غير مطمئن بشكل نهائي ولا بد من اليقظة. أما بخصوص المستوى الاقتصادي فنجد أن لوحة القيادة برمتها ذات مؤشرات سلبية، من ذلك ارتفاع المديونية وتراجع الاستثمار وضعف نسبة النمو، إضافة إلى تراجع تصنيف تونس الإئتماني. كذلك توجد أزمة خانقة في القطاع السياحي، وربما النقطة الإيجابية الوحيدة هي تنامي صادرات تونس من المواد الفلاحية.
من الناحية الاجتماعية كل المؤشرات غير مطمئنة كارتفاع نسبة الجريمة بوجهيها العادي والمنظّم، واستقرار مؤشر البطالة، إذ لا دلالة إحصائية لنسب التشغيل. ما سبق ذكره يجعل دوائر الإقصاء والتهميش تتسع وتمس أهم شريحة في المجتمع أي الشباب الذي يفترض أن يكون منتجا ومرافقا للعملية الانتقالية، حتى يتم تجنيبه السقوط في الإستقطاب السلفي والجريمة والمخدرات والإرهاب.
المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية ذات مستوى هزيل مقارنة بفترتي حكم «الترويكا» ومهدي جمعة.
في عهد «الترويكا» تم تحقيق مؤشرات نمو ب٪2،8 وهي نسبة نمو لم تحققها الحكومة الحالية، دون نسيان ارتفاع الأسعار والتداين المفرط وانهيار الدينار وعجز الميزان التجاري، إضافة إلى انكماش الاستثمار وحالة الشلل الجزئي التي تعاني منها بعض المؤسسات الوطنية التصديرية على غرار قطاع الفسفاط.
وزير المالية أعلن أن بلادنا تطمح إلى تحقيق نسبة نمو اقتصادي ب٪2،5 خلال الفترة المقبلة، فهل هذا الطموح يبقى مشروعا، أم ترى أنه صعب التحقيق؟
- تحقيق هذا المؤشر ممكن وليس بمعجزة إذا تعافت السياحة وعاد قطاع الفسفاط إلى مستوى الإنتاج العادي وفي حال توفر الاستثمار والمناخ الملائم له.
هناك شبه إجماع من المعارضة والرأي العام بأن حكومة «الترويكا» أخفقت في مهامها؟
- إخفاق حكومة «الترويكا» كان في الجانب السياسي. إخفاق «الترويكا» كان سياسيا وجزء من هذا الإخفاق كان مدبّرا من المعارضة ومن قطّاع الطرق. ما حدث هو أنه وقع تعاون بين جزء من المعارضة والدولة العميقة ورأس المال الفاسد وأجهزة أمنية متنطّعة وبعض وسائل الإعلام لإسقاط «الترويكا». كانت هناك حملة منظمة ضد «الترويكا»، أجل هذه الأخيرة ارتكبت أخطاء ولكن كانت هناك نية في إسقاطها بتعاون بين معارضة حمقاء وحسابات سياسية.
هل تقصدون أن ما اصطلحتم عليه ب«المعارضة الحمقاء» هي من أعطت الشرعية السياسية للحكام الجدد؟
- «اعتصام الرحيل» وكذلك «جبهة الإنقاذ» هما من منحا شرعية سياسية لحركة «نداء تونس». اعتصام الرحيل كان خطأ فادحا وهو الذي أمدّ النظام القديم بمشروعية سياسية وأخلاقية للعودة. «الجبهة الشعبية» تتحمل خطأ التحالف بين «النهضة» و«نداء تونس» فهذا التحالف مصلحي وفيه ضرر لسياسات البلاد لأنه يعيد ضخ مشروعية للنظام القديم ويخذل قوى التغيير الحقيقية التي تريد تكريس العدالة الاجتماعية والعدالة بين الجهات وإقصاء رأسمال المال الفاسد. «النداء» غير معني بإستحقاقات الثورة و«النهضة» منحته صك غفران سياسي.
التقاء «النهضة» مع «نداء تونس» ممسوخ وأنا ضده.
و لكن لماذا لا تكون المعادلة معكوسة، بمعنى أن «النداء» هو من منح صكّ الغفران للإسلاميين أو أن الجميع قد اتّفق على تكريس مقولة «عفا الله عما سلف»؟
- قد تستفيد «النهضة» كذلك. اليوم أجهزة الدولة مخوصصة أكبر من أي وقت مضى. «الترويكا» حافظت على أجهزة الدولة، أما اليوم فأجهزة الدولة مخوصصة وما يحدث اليوم أكثر من عهد «الترويكا».
ولكن عدة جهات أكدت أن اختراق الأجهزة وخاصة الأجهزة الأمنية حدث في عهد «الترويكا»، وهو ما أدى إلى الإغتيالين السياسيين؟
- من لديه إثباتات يقدمها للقضاء، فمن مسؤولية القضاء إثبات الحقائق. قضية الإغتيالات هي قضية مخابرات دولية تقاطعت مع مصالح الإرهابيين في تونس وحدث ما حدث. من يثبت تواطؤه في هذا الملف فالقضاء هو الفيصل. الأهداف كانت متعددة أولها إفشال حكم «الترويكا» وهذه الأخيرة دفعت الثمن. الانقضاض على الدولة وإفشال مسار الانتقال الديمقراطي كان الهدف الثاني. تم تحقيق الهدف الأول ولكن عجز الإرهاب والمخابرات الأجنبية عن تحقيق الهدف الثاني ولو جزئيا.
«الترويكا» تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية في قضية الإغتيالات السياسية ولكن المسؤولية القانونية يحددها القضاء.
ما رأيكم في مشروع قانون المصالحة المالية والاقتصادية؟
- مشروع قانون المصالحة يتعلق بشقين: الأول يهم السرقات والفساد الماليين لرجال الأعمال وهؤلاء تمكنوا من إقناع رئاسة الجمهورية وبعض الدوائر المتنفذة بصياغة مسودة القانون بعد أن قاموا بممارسة الابتزاز للدولة، وفق قاعدة المصالحة أو عدم تكريس الاستثمار وعدم جلب مستثمرين أجانب إلى تونس أو هم يقومون بتهريب أموالهم إلى الخارج ل«تبريك البلاد». رجال الأعمال الفاسدين بلغوا مرحلة تعجيز الدولة حتى تصبح على مقاس ركابهم ونحن اليوم في وضع استعطاف لهؤلاء، فالدولة والمجتمع هما من يطلبان العفو من رجال الأعمال! وكأن الاستثمار أو العمل عند هؤلاء يشترط تنازل الدولة عن عدم محاسبتهم لنهبهم المال العام.
أما الشق الثاني المشمول بهذا المشروع فهو يخص موظفي الدولة ومرتشي الصفقات العمومية ومن قام بالتفويت في الملك العام، وهؤلاء لا يمكنهم تماما وحتى من الجانب الأخلاقي أن يتمتعوا بالمصالحة لأن الرسالة ستكون سلبية وتشجع على المزيد من الفساد والرشوة. تونس اليوم تراجعت عن مقاومة الفساد وكل مؤشرات مقاومة هذه الظاهرة تراجعت مقارنة بعهد «الترويكا».
وماذا بخصوص المكاسب المراد تحقيقها من مشروع قانون المصالحة الاقتصادية، وفق ما اعتبره مختصون في الميدان؟
- مجرد تخمينات. خبراء القانون الدستوري أفادوا بأن المشروع المذكور يخترق الدستور والدستور هو حجر الأساس الأول للانتقال الديمقراطي في البلاد وليس الاستثمار. الانتقال الديمقراطي يفرض احترام الدستور وإذا تم انتهاكه سنتنازل تدريجيا عن كل الخطوات التي بنيناها في مجال الديمقراطية والتعددية واستقلال القضاء. بعض خبراء الاقتصاد يقومون بحملة تسويق لتبرير وتمرير مشروع المصالحة المالية.
هل الزيجة بين «النداء» و«النهضة» هي من ستفرض تمرير المشروع المذكور، لاسيما أن كل منهما يتموقع في النهاية تحت لواء المنظومة الليبرالية المتوحشة؟
- الليبرالية اليمينية ليست بكل ذلك التوحش. كذلك لا يمكن أن تكون ليبيراليّا وأنت ماركسيّا! أو قل إنك ماركسي ومع دكتاتورية البروليتاريا؟ السؤال هنا: هل قام الماركسيون بمراجعات؟ الماركسية تقول بالصراع الطبقي ولا تقول بالتوافق الاجتماعي!. بعض الأحزاب الماركسية مطالبة بالقيام بمراجعات.
«نداء تونس» حزب ليبرالي ولكن فيه روافد تدّعي أنها يسارية. في النهاية «النداء» ليس حزبا ليبيراليا بل أن الحزب الليبرالي في البلاد هو «آفاق تونس»، وهو الأكثر انسجاما وتمسكا بمبادئ الليبيرالية.
كذلك الأحزاب الدينية هي مطالبة بالقيام بمراجعات واجتهادات في الديمقراطية والإقتراع وحرية الضمير والفصل بين الديني والمدني، وعلى «النهضة» أن تشتغل على هذه النقاط.
في رأيكم، هل يمكن أن تنجح «النهضة» خلال مؤتمرها المقبل في كسب رهان التونسة؟
- «النهضة» قطعت أشواطا مهمة لتكون حزبا مدنيا ولكن توجد أشياء أخرى لم تقم بمعالجتها بعد.
تقصدون القطع مع تنظيم «الإخوان»؟
- لا علاقة ل«النهضة» بتنظيم الإخوان. الناس لا يفرقون بين الفكر الإخواني والتنظيم. حركة «النهضة» قامت بخطوات مهمة من أجل التخلص من الفكر الإخواني ولكنها لم تنجز بعد مدرسة فكرية تحت عنوان الإصلاحية الإسلامية التونسية.
من مصلحة «النهضة» التخلص من الفكر الإخواني، لكن هل تقبل قواعدها السير معها في هذا التوجه؟، هذا الأمر هو تحد فكري مطروح على قيادات الحركة. أما التحدي الثاني فهو إدماج القواعد في هذا التوجه لأن القواعد النهضوية هي أقرب إلى العقيدة السلفية والفكر الإخواني. الخطوة الثالثة تتمثل في إقناع شركاء الوطن ف«النهضة» أو غيرها من الأحزاب لا يمكنها القيام بمراجعات دون الرجوع إلى شركائها في الوطن، فلا الإسلامي ولا الماركسي يمكنهما تفعيل النقد الذاتي بمنأى عن ثقة شركائه في الوطن.
كيف تنظرون إلى الأزمة في بلاد الشام بعد التدخل الروسي؟
- حدث إنحراف في «الثورة» السورية عندما تم تسليحها وكذلك عندما تم الهجوم عليها من طرف الإرهابيين. الأزمة السورية لن تُحل بعد التدخل الروسي ولا أعتقد أن هذا التدخل سيدفع نحو الحل لأن التدخل الأجنبي في أي بلد كان لن يكون الحل وها قد تدخلت السعودية في اليمن، فهل تم حل الإشكال؟. الأزمة السورية ستتحول إلى أزمة مزمنة والحل هو في استئناف التفاوض والحوار بين النظام والمعارضة لتأمين مسار ديمقراطي حقيقي يضمن سيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها وتحقيق مطالب الشعب السوري.
هل تؤيد انضمام تونس إلى التحالف الدولي ضد «داعش»؟
- لم أفاجأ بالقرار لأن تونس ضد تنظيم «داعش» وتموقعها الطبيعي يجب أن يكون ضمن التحالف الدولي لمحاربته. لهذا القرار أقول «برافو» لأنه خطوة إيجابية جدا ولكن نحن مطالبون بتحمل مسؤولياتنا كاملة في هذا الخصوص وليس إعلان الانضمام من جهة ورفع حالة الطوارئ من جهة أخرى.
يفهم من كلامك أنك لا تؤيد قرار رفع حالة الطوارئ؟
- قرار فع حالة الطوارئ لم يكن منسجما مع قرار الانضمام إلى التحالف الدولي ضد «داعش». هناك حالة من عدم الإنسجام والبلقنة بين مكوّنات الحكومة الحالية من رئاسة جمهورية ورئاسة حكومة وبرلمان.
الحكومة الحالية خارج السيطرة وكل وزير يشتغل لحساب حزبه أو لحساب لوبيات مالية أو إعلامية.
كيف تقرؤون ملف عودة الجهاديين من سوريا؟ وهل أن تونس مجبرة على إستقبال هؤلاء بقرار دولي، وفق ما اعتبره متابعون؟
- الدستور التونسي يمنع منعا باتا سحب الجنسية التونسية، ولا يجيز منع اي مواطن تونسي من العودة إلى وطنه، وحتى الإرهابي من حقه العودة إلى بلاده. في المقابل من حق الدولة بل من واجبها محاكمة العائدين من سوريا الذين اقترفوا جرما هناك ومن ثبت تورطهم في ارتكاب جرائم.و بعد أن يتم ذلك يمكن للدولة العمل على توفير الاحاطة النفسية والاجتماعية للإرهابيين داخل السجن أو بعد مغادرته.
ما رأيك في «الأزمة التي طبعت مؤخّرا مناخ الحوار بين الاتحاد والأعراف؟
- كنت قد كتبت في السابق أن راعيي الحوار يفشلان في الحوار. أعتقد أن هذا الفشل سيكون رسالة سيئة ويحتوي على الكثير من الانتهازية. العديد من التصريحات لم تكن مسؤولة ولا تنم عن أنها صادرة عن قيادات مارست حوارا وطنيا جنّب البلاد مآلات سيئة، إلا أن تصريح العباسي مؤخرا حمل رسالة طمئنة واعتقد ان المنظمتين ستتجاوزان الأزمة لأن ما حدث في صفاقس استعراض للقوة وهو مؤشر سلبي. على الجميع أن يجنب البلاد حالة الصدام بين الاتحاد والأعراف لأنه لا احد سيستفيد، كما أن هناك من يغذّي هذه الأزمة وتحديدا أطراف سياسية ومالية.
هناك أطراف سياسية ساءها حدوث تقارب بين الاتحاد والأعراف وهي لذلك تسعى إلى إحداث تصادم بينهما، وكذلك توجد أطراف مالية فاسدة تريد شيطنة الاتحاد. كذلك الاتحاد ليس معفيا من المسؤولية لأن الثقافة النقابية هي ثقافة يسراوية تشيطن المبادرة الخاصة وترى في رأس المال عدوا.
البعض يعتقد أن الاتحاد يحكم إن بشكل مباشر أو غير مباشر وهذه ليست وظيفته.
كمختص في علم الاجتماع، كيف تقيّم مؤشرات الجريمة بأنواعها في بلادنا؟
- مؤشرات عادية جدا. تحدث حالة من التفكك الاجتماعي عند حدوث التحولات الاجتماعية الكبرى كالثورات الكبرى التي شهدتها بعض البلدان على غرار فرنسا والاتحاد السوفياتي سابقا. في هذه الحالة يظهر عجز الدولة عن الضبط والمراقبة وتحدث أزمة قيم تكون تبعاتها ارتفاع مؤشرات الجريمة. الاعتداء على الطفولة مثلا لم يشهد قفزة نوعية على المستوى الإحصائي، بل هو فقط شهد تطورا مفهوما في ظل السياقات التي ذكرت وكذلك الشأن بالنسبة لظاهرة الطلاق.
ما تقييمك لحال الثقافة في بلادنا؟
- لم نشهد نقلة نوعية في المشهد الثقافي. وبالنسبة للوزيرة أتمنى لها النجاح ولكني لست مهيأ لا أخلاقيا ولا سياسيا لتقييمها. وزارة الثقافة لا تعنيني مطلقا الآن لا كهيكل ولا كأنشطة.
هل سيرى مشروع مدينة الثقافة النور خلال الخماسية المقبلة؟
- نعم بالإمكان إستكمال المشروع في حال توفر الشريك الجاد، إذ لم يبق من أشغال المشروع سوى ٪25.
قدّر الخبراء خلال عهدي بالوزارة أن المدة الزمنية للإنتهاء من المشروع هي ثلاث سنوات بإستثناء تدخل عوامل أخرى. ولذلك أنا متفائل في هذا الخصوص لأن استكمال أشغال مشروع مدينة الثقافة سيتم عندما يقع فض المسائل القانونية وإيجاد الشريك الجاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.