عبّرّ أعضاء المجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين المجتمعين أوّل أمس بنادي القضاة بسكرة عن عميق انشغالهم وامتعاضهم من التأخير الحاصل في تركيز المجلس الأعلى للقضاء واستكمال مسار تركيز بقية المؤسسات القضائية الدستورية . وشدّدوا على رفضهم واحتجاجهم على توجه الحكومة إلى الالتفاف على قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين من خلال إقرارها لما سمي بآلية التبني والموافقة على التعديلات التي أدخلتها لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب على مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء و«التخلي »عن مشروعها الأصلي المؤرخ في 12 مارس 2015 الأكثر مطابقة للدستور في تركيز مجلس أعلى للقضاء باعتباره هيكلا دستوريا ضامنا لحسن سير القضاء واحترام استقلاله يقطع مع تدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية، معتبرين ذلك «التبني » اختيارا إراديا في إعادة إنتاج منوال التنظيم القضائي القديم الوارد بمشروع لجنة التشريع العام طبق تصور دستور 1جوان 1959 الذي لم يسمح للقضاء بأن ينهض سلطة مستقلة تعدل بين السلط في النظام الديمقراطي وتحمي الحقوق والحريات. ونبّه أعضاء المجلس إلى خطورة هذا التمشي الذي لا يضمن قيام مؤسسات دائمة تستمد شرعيتها ومقبوليتها من قوة مطابقتها واحترامها لمقتضيات الدستور وحذّروا من تداعيات هذا الخيار على سلامة مسار بناء المؤسسات وتركيز الديمقراطية. وعبّروا عن تمسّكهم بأنّ أسرع الحلول والسبل لإنهاء مناقشة القانون الأساسي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء وتركيز المجلس هو الالتزام بتنفيذ قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين فيما اقتضاه من وجوب عرض مشروع الحكومة المحال على مجلس نواب الشعب بتاريخ 12 مارس 2015 بوصفها صاحبة المبادرة التشريعية حسب التصور الوارد به تطبيقا لمقتضيات الفصل 62 من الدستور. وأبدى المجتمعون انشغالهم من التأخير الحاصل في البتّ في الاعتراضات على الحركة القضائية وطالبوا الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بتلافي ذلك التأخير بسرعة البت في مطالب الاعتراض المقدمة لها والمتعلقة بالترقيات والنقل طبق المعايير المعلن عليها رفعا للإخلالات المتظلم منها بخصوص وضعيات القضاة لما في ذلك من ضمان لاستقرار الأوضاع المهنية والعائلية للقضاة باعتبارها من أهم عوامل حسن سير العدالة . وندّدوا بحملات التشكيك والقدح والاتهام المباشر التي تقاد ضد القضاة المتعهدين بالقضايا الحساسة والتي يتابعها الرأي العام وذلك دون حجة أو دليل وخاصة منها تلك التي تستهدف قاضي التحقيق بالمكتب الثالث عشر بالمحكمة الابتدائية بتونس المتعهد بقضية الشهيد شكري بلعيد والتي يحرص القضاة على أن تتوضّح كل حقائقها ويطبق فيها القانون وتأخذ العدالة مجراها بعيدا عن كل توظيف سياسي. وبعد الإشارة إلى الصعوبات التي يلاقيها قضاة النيابة والتحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب طالب المجتمعون الحكومة بعدم الافتتاح الرسمي لهذا القطب قبل توفير ظروف العمل المناسبة والمرافق الضرورية التي تقتضيها طبيعة وحجم العمل به. وطالبوا بالتعجيل في سنّ الإطار القانوني المنظم للقطب القضائي المالي بما يكفل تفرّغ قضاته للنظر في قضايا الفساد المالي لتسريع البحث فيها وتجنب سقوط بعضها بمرور الزمن وإفلات المورطين في تلك القضايا من العقاب وتحميل مسؤولية فشل مسار المحاسبة عن انتهاكات الماضي للقضاء. وجدّد المجتمعون تمسكهم بطلب تحسين الوضع المادي للقضاة كأحد معايير استقلال السلطة القضائية بما يتلاءم وخصوصية وأهمية المهام الموكولة لهم ويحفظ هيبة وكرامة السلطة القضائية. كما أقرّ المجتمعون الترفيع في معلوم الانخراط بجمعية القضاة التونسيين من عشرين إلى ثلاثين دينارا لمجابهة النفقات المتزايدة لتسيير الجمعية.