حاورته : خولة الزتايقي حلمنا أن نجعل أيام قرطاج الموسيقية معروفة على المدى المتوسطي، على غرار العديد من المهرجانات، وأن تكون محطة عالمية هامة للمبدعين العرب والأفارقة». بهذه الكلمات استهل حمدي مخلوف مدير أيام قرطاج الموسيقية حديثه مع «التونسية». حمدي مخلوف متحصل على الأستاذية في الموسيقى، وشهادة الدراسات المعمقة من جامعة باريس، والدكتورا في العلوم الموسيقية من جامعة السربون. نحن على أبواب الدورة الثالثة لأيام قرطاج الموسيقية، لو تقدم لنا أكثر تفاصيل عنها؟ الدورة الثالثة لأيام قرطاج الموسيقية ستنتظم من 12 إلى 19 مارس 2016، وما أصبح معروفا هو أن أيام قرطاج الموسيقية أصبحت سنوية، بعد القرار الصادر عن وزير الثقافة السابق مراد الصقلي، والذي أقرّ بمقتضاه أن تكون أيام قرطاج الموسيقية والسينمائية والمسرحية سنوية، بعد أن كانت كل سنتين. طبعا العمل هذه السنة سيكون بنسق العمل في السنة الفارطة والدورة السابقة، وستشارك في هذه المسابقة العديد من الأعمال الموسيقية الإبداعيّة، ووفق نظام تم وضعه صلب النظام العام لمسابقة أيام قرطاج الموسيقية، والذي فصل وحدّد نظام المشاركة في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج الموسيقية. ما جديد هذه الدورة؟ سيكون بالدورة صالون للصناعات الموسيقية، وعروض موسيقية خارج إطار المسابقة وورشات موسيقية، طبعا كل ما هو جديد انطلق منذ الدورة السابقة، حيث أن المسابقة كانت مفتوحة على كل التعبيرات الموسيقية (حتى العروض الشعبية)، الشرط الوحيد أن يكون الإبداع في شكل عرض موسيقي من 30 إلى 50 دقيقة، كما ستكون مسابقة العزف المنفرد مفتوحة عكس السنة الفارطة التي اقتصرت على مسابقة العزف المنفرد على الناي، كما سيتم تقديم عروض خارج أيام قرطاج، وخارج إطار المسابقة، من طرف الفنانين الراغبين في ذلك، على أن يقدموا طلباتهم في أجل أقصاه 27 نوفمبر، كما نسعى إلى الخروج من ولاية تونس الكبرى والتوسع في الجهات، وهذا الأمر بصدد الإنجاز. ماذا على مستوى التنظيم؟ ما أريد أن أعلم به جمهور أيام قرطاج الموسيقية، هو أننا علمنا أن المسرح البلدي سيكون مغلقا بسبب أشغال صيانة في شهر مارس، وبلدية تونس لم تحدد مكانا آخر لإقامة أيام قرطاج الموسيقية مما قد يخلق إشكالا على مستوى التنظيم. كيف تتصورون تداعيات هذه المسابقة الإقليمية على التعاون الفني بين الموسيقيين التونسيين والموسيقيين العرب والأفارقة؟ أولا، ليس في أيام قرطاج الموسيقية دعم بمعنى خلق شراكات، نحن نعمل على جعل الفنانين يلتقون، هو ملتقى للفنانين من مختلف الجنسيات، شخصيات تلعب دورا بارزا ومهمّا في الإنتاج والتوزيع في تونس وخارج تونس (هناك شركتان ستكونان حاضرتين في الدورة الثالثة)، وما أريد أن أبرزه هو أن لأيام قرطاج الموسيقي ميثاقا داخليّا مبنيّ على 5 نقاط، أولا، أن تكون المسابقة إقليمية منفتحة على جميع الأنماط، وأن تقوم على الإبداع الموسيقي، ثانيا أن تنفتح الأيام على العالمين العربي والإفريقي، لتعزيز التعارف بين الفنانين، مما يسمح بفرص شراكة بينهم، ثالثا، هناك صالون للصناعات الموسيقية، الذي بدونه لا يمكن أن يكون هناك أي إبداع موسيقي، رابعا، تكريس التكوين المستمر والعلوم والمعرفة في المجال الموسيقي، وأيام قرطاج الموسيقية تساهم في التكوين ومعرفة الموسيقى، خامسا، محاولة اعتماد اللامركزية للأيام في حدود الإمكانات المتوفرة، حتى تكون مشعة على كامل العالم العربي. بالنسبة للدورة الفارطة والتي أدرتموها، ما هو مصير الأغاني المتوجة والشبان المتوجين، هل وقع احتضانهم وإنجاز مشاريع ساهمت فيها هذه التظاهرة بصفة مباشرة أو غير مباشرة؟ لم يعد هناك ما يسمى «مهرجان الأغنية»، وأيام قرطاج الموسيقية للسنة الفارطة، كان فيها عدد من المشاريع الموسيقية، طبعا عرض عدد هام من هذه العروض والمشاريع في العديد من التظاهرات والمهرجانات في تونس، ونحن كإدارة أيام قرطاج الموسيقية لم يكن لنا تدخل مباشر في برمجة هذه العروض في المهرجانات الصيفية، نحن اتصلنا بمديري المهرجانات لحضور العروض المعروضة والمقدمة في الأيام، وهم من انتقوا العروض التي أرادوها على مسارحهم، على غرار عرض أنيس القليبي والطاهر القيزاني، والعديد من العروض الأخرى التي قدمت في مهرجان قرطاج والحمامات وغيرهما. الجديد هو أننا سنحاول عن طريق اتفاقية كتابية بين أيام قرطاج الموسيقية وإدارة الموسيقى والرقص بوزارة الثقافة برمجة المشاريع المترشحة في الأيام أو الفائزة في المهرجانات الصيفية وعلى مدار السنة. يرى بعض النقاد أن هذه التظاهرة لم تتجاوز طابعها الاحتفالي الفلكلوري إلى تفعيل دورها في النهوض بالموسيقى التونسية، بمعنى لم نشاهد إنتاجات فنية قيمة، لا في السوق الداخلية ولا الخارجية، خلافا لبعض الاستثناءات التي «ضربت في السوق» على غرار أغاني الثمانينات مثلا؟ أنا ضد ما يقال من أن أيام قرطاج الموسيقية لم تقم بدورها في النهوض بالموسيقى التونسية، على العكس، أما بالنسبة لمسألة عدم رواج الإنتاجات، فهو أمر عادي، لأن أيام قرطاج الموسيقية، ليست «مهرجان الأغنية»، وما أريد أن أقوله أن الدور البارز لنشر ورواج الموسيقى التونسية، وحتى أيام قرطاج الموسيقية موكول للإعلام، الذي عليه الترويج لأيام قرطاج الموسيقية وطرح عروضه على مدار السنة في الإذاعات والتلفزات. وأنا أختلف مع النقاد، ذلك أن إرساء ثقافة موسيقية يستوجب بذل الكثير من الجهد وبعض الوقت، نحن نسعى إلى جعل أيام قرطاج الموسيقية مشعة وإبراز الطاقات الإبداعية التونسية واستقطاب إبداعات غير تونسية، ويجب على الجميع التكاتف من إدارة المهرجان الى المتعهدين والإعلاميين لتحقيق ذلك. كيف يمكن لمثل هذه التظاهرة أن تساهم في تحقيق نهضة موسيقية على غرار النهضة الفنية للأغاني الخليجية؟ نحن نعمل من اجل أن تكون أيام قرطاج الموسيقية مشعة في العالم العربي، لكن أن يكون ذلك على غرار النهضة الفنية للأغاني الخليجية فهذه المسألة غير مرتبطة بالجهد والعمل والإبداع، وإنما قوة التمويلات المالية. هل يوجد مشروع واضح المعالم لدى الوزارة من خلال هذه التظاهرة الموسيقية السنوية للتدخل في عملية الإنتاج الموسيقي، مثل إحداث شركة إنتاج للأغاني وتكون شركة فنية، وليست تجارية؟ شركة إنتاج تابعة لوزارة الثقافة، أمر مستبعد، ولكن هناك صندوق دعم مخصص لدعم المشاريع الموسيقية، متكون من لجنة وطنية وأخرى فرعية، لاستقبال ملفات الفنانين والنظر فيها، ودعم المشاريع التي تحتوي على تعبيرات فنية قيّمة. لدينا مبدعون تونسيون في مجال التلحين على غرار عبد الكريم صحابو، لماذا لا يقع ربط جسور التواصل بينهم وبين الجيل الجديد للاستفادة من خبراتهم؟ فكرة جيدة وتستوجب النظر فيها والتطبيق، ويمكن أن يكون حاضرا معنا في إطار أكاديمي، أنا أحترم عبد الكريم صحابو، وفكرة قدومه وتقديم محاضرات ودروس في المقامات واردة، رفقة عدد من الذين يعتبرون مراجع في الموسيقى والذين سيكونون موجودين معنا لمساعدة الجيل الجديد، خاصة الأشخاص البارزين والمعروفين في فترة التسعينات، على غرار حمادي بن عثمان المتحصل على جائزة المجمع العربي للموسيقى. ما الذي سيدفع الفنان التونسي إلى المشاركة في أيام قرطاج الموسيقية، وعدم التوجه إلى مسابقات أخرى تمنحه شهرة عربية وحتى عالمية على غرار «ستار أكاديمي»، و«the voice» ؟ لا مجال للمقارنة بين هذه البرامج وأيام قرطاج الموسيقية، نظرا لما تقدمه هذه البرامج من شهرة تلفزية، ولكن ما أؤكده أن أيام قرطاج الموسيقية لا تحقق الشهرة بقدر ما تحققه في صنع الجسر المؤدي إلى الشهرة، وهنا أكرر أن للإعلام الدور البارز لجعل أيام قرطاج الموسيقية مشعة.