من ضعفها خلقت قوة ومن دموعها وحزنها كانت بداية رحلة صمودها وتحدّيها. فقد استطاعت مهاجرة من أصول تونسية ببلجيكا كان ابنها قد التحق بالأراضي السورية للقتال في صفوف التنظيمات الإرهابية، ان تصنع من مصيبتها نشاطا مدنيا وذلك بتأسيسها جمعية مدنية تقاوم التطرف وتؤسس لعقلية تحمي الشباب وخاصة المهاجرين من العرب ومختلف الأجناس الإسلامية من خطر التشدد الديني ... صليحة بن علي وهي من أب تونسي وأم مغربية صدمت باقتحام ابنها عالم التطرّف والتحاقه بسوريا في أوت 2013 وأبت أن تكون أسيرة الحزن والمعاناة، لتحول مأساتها الى عمل إنساني تضامني تحسيسي لمنع تكرّر مصيبتها مرّة أخرى,وقررت تأسيس جمعية «مجتمع ضد التطرف العنيف»، في بلجيكا، لتوعية الأمهات في أوروبا، بضرورة مراقبة أبنائهن حتى لا يقعوا ضحايا الدمغجة وغسيل الدماغ والالتحاق بفلول المتطرفين والاهابيين. وقد ركّزت الصحافة البلجيكية الاهتمام على نشاط الجمعية وأجرت عديد الحوارات مع المهاجرة التونسية التي تقيم هناك منذ طفولتها مؤكدة أنها فقدت ابنها وكان عمره آنذاك 19 عاماً على مراحل وانها لاحظت في مرحلة أولى تحولاً مفاجئاً في شخصيته؛ حيث أصبح منعزلاً اجتماعياً، وكثير الهروب من المدرسة، وعصبياً جداً، ويتهمها بين الحين والآخر بالكفر ثم تحوّل بعد أشهر إلى مرحلة اخطر حسب تعبيرها حيث اختفى وانضم إلى صفوف «داعش» في سوريا وقال لها في رسالة على «الفايسبوك: «لا تطلبي مني العودة، فأنا أوفي الله بهذا القرار الذي اتخذته، وإن متُّ فسأكون شهيداً». رسالة تحول جزؤها الأخير إلى حقيقة مرة عاشتها العائلة بمرارة وذلك بعد ثلاثة أشهر فقط من وصوله الى سوريا حيث فوجئت في بداية شهر ديسمبر 2013 بمكالمة هاتفية من سوريا يعلمها فيها رجل غريب ان ابنهم صبري المكنى ب «أبو تراب» قد سقط شهيداً. لم تسقط «أم صبري» ولم تنهر بل قرّرت ان تكون سندا لكل العائلات وذلك بالتصدي لهذا التيار المخيف الذي غسل عقول الشباب حيث كونت جمعيتها التي بلغ عدد منخرطيها حاليا أكثر من ألف امرأة من جميع أنحاء العالم واستطاعت أن تساهم في معالجة قضية التطرف بمختلف أشكاله. وأعربت «صليحة» (أمّ صبري) عن أملها في أن تتمكن من خلال هذه المؤسسة من تحقيق حلمها بالعيش في مجتمع خال من التعصب والكراهية، وبعيدا عن النزاعات الدموية والتطرف، مؤكدة انها ستستمر في توعية الأمهات بضرورة التواصل الأسري، ومراقبة سلوك أبنائهن كي لا يقعوا في مصيدة المتطرفين والارهابيين.