بعد مآسي «الحرقان» تعيش تونس على وقع مآسي التجنيد للجهاد الذي أصبح يبتلع شبان تونس بعد عملية دمغجة منظمة تتم عبر حلقات الفقه والدين التي تنطلق بالمساجد وبفتاوى غريبة تنتهي الى إقناع الشبان بالتوجه إلى سوريا من اجل الجهاد والفوز بالجنة لنيل مرتبة الشهادة كأعلى درجات الإيثار والتضحية... وقد أطلقت العديد من الامهات صيحة فزع وتوجهن الى المجلس التأسيسي لتبليغ أصواتهن حيث استفقن على وقع مصاب بعد أن اتصل بهن أبناؤهن ليعلموهن أنهم وصلوا الى ليبيا في انتظار التحول قريبا الى تركيا ثم الى الاراضي السورية للانضمام الى صفوف الجيش الحر لمقاتلة الجيوش النظامية «أعداء الله». وقد أكدت لنا العديد من الأمهات أثناء توجههن الى المجلس التأسيسي أن أبناءهن الذين تم اللعب بعقولهم هم تلاميذ وطلبة بصدد مزاولة دراستهم كما أكدن لنا أن المأساة انطلقت بدروس دعوية كانت في الحقيقة غطاء لتصويب عقولهم نحو المجهول. وقد افادتنا احد الامهات المكلومات أن حديث ابنها في الآونة الأخيرة لم يكن سوى عن الموت في سبيل الله وعن الشهادة وقيمة الشهيد عند الله وعن استفادة عائلته من ذلك يوم القيامة... كان أهم مطلب للأمهات هو إيجاد حل عبر القنوات الديبلوماسية خاصة مع ليبيا التي تعتبر المعبر الرئيسي لسوريا لمنع أبنائهن من العبور الى طريق الموت والقبض عليهم وتسليمهم للسلطات التونسية خاصة في ظل غياب أي تواصل مع السلطات السورية بعد قطع العلاقات الديبلوماسية معها إضافة الى أن مصير الشباب الذين ذهبوا الى سوريا وتم اعتقالهم بقي مجهولا. وفي نفس الإطار وجهت عائلة هيثم مراد صرخة فزع وهو طالب يزاول دراسته بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية لم يتجاوز 21سنة غادر منزل عائلته باتجاه سوريا في حدود الخامسة فجرا رفقة خمس من أصدقائه حسب إرسالية قصيرة توجه بها الى عائلته قبل مغادرته التراب التونسي... أسامة عمار كذلك كان من بين المهاجرين الى سوريا وهو تلميذ بالسنة الرابعة من التعليم الثانوي باكالوريا تونسي أصيل هرقلة من معتمدية سوسة غادر منزل عائلته عصر السبت 2مارس الجاري في اتجاه سوريا وذلك حسب آخر إرسالية قصيرة توجه بها الى عائلته حوالي الخامسة صباحا أثناء خروجه وقد ترك غيابه المفاجئ ألما في صفوف أفراد عائلته حيث تدهورت حالاتهم الصحية بطريقة تنبئ بالخطر كما أن والده دخل في حالة هستيرية ما لبثت أن تطورت الى حالة انهيار عصبي شديد وهو الان في حالة غيبوبة وهذيان. بنفس حدة الألم تعيش عائلة الحكيمي المأساة حيث غادر ابنها التراب التونسي في 21 فيفري الفارط نحو ليبيا بهدف الشغل ليتصل بعائلته في 27 من نفس الشهر من سوريا وقد صرحت عائلة الشاب أن ابنها تم التغرير به في عملية دمغجة عن طريق سماسرة الجهاد وشيوخ الفتنة الذين أفتوا بالجهاد في سوريا... نداء استغاثة هذه العائلات المتضررة ضحايا فتاوى الجهاد لم يبق لها الا نداءات الاستغاثة لكل من يشاهد هؤلاء الشباب من طرف المتواجدين على مسالك العبور عبر تونس, ليبيا ومصر للتبليغ عنهم في حين لم يبق لعائلة الحكيمي الا أن تتوجه بطلب للمجموعات المسلحة بإطلاق سراحه وتمكينه من العودة لبلاده خاصة انه الابن الذكر الوحيد لوالديه كما ترجو من السلطات السورية في صورة القبض عليه بعدم إيذائه وتسليمه للسلطات التونسية.