لم أكن مرشّح «النهضة» ل«الرئاسية» 30 شخصيّة جديدة في الحزب وسنشارك في الانتخابات البلدية «النهضة» ذاقت مرارة الحكم ولن تنقضّ عليه مجدّدا حاورته: إيمان الحامدي على إمتداد ردهات الحديث الذي أدلى به ل«التونسية» أصرّ رئيس حزب «المبادرة الدستورية» كمال مرجان على أن تونس في حاجة إلى سياسة انقاذ وطني أكثر من أي وقت مضى معتبرا أن الحكومة الحالية مطالبة بالمرور إلى السرعة القصوى في اتخاذ قرارات جريئة لمصلحة البلاد. «مرجان» الذي أقرّ بإخفاقاته السياسية في المرحلة الماضية اعتبر أن مشروع تجميع العائلة الدستورية لا يزال قائما رغم كل الصعوبات معوّلا على «الانتدابات» المرتقبة في الحزب لضخ دماء جديدة في مشروع دستوري جديد قائم أساسا على الإستفادة من الأخطاء السابقة. بداية ما هو تقييمك للوضع السياسي العام في البلاد اليوم؟ لا يختلف إثنان في أن الوضع العام بالبلاد صعب وصعب جدا.. نحن في حالة حرب حقيقية متعددة الأوجه لا فقط من الناحية الأمنية بل أيضا من الناحية الاقتصادية والإجتماعية وتونس ليست في معزل عن محيطها الإقليمي فالوضع الداخلي يتأثر قطعا بالتطورات على الساحة الإقليمية والعالمية. وأعتقد أن هذا المعطى لم يؤخذ بعين الإعتبار بالقدر الكافي وكان من المفروض على الحكومة أن تضع سياسة اقتصادية وأمنية واجتماعية على أساس أننا في حالة حرب حقيقية لأنّني صراحة أرى أن القرارات التي تتخذ ظلّت سطحية بعض الشيء ولم تغص في العمق أو ربما لم تكن «ثورية» بالقدر الكافي. تونس اليوم تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى إنقاذ وطني فعلي تترفع فيه جميع الأحزاب والمنظمات والتيارات السياسية عن مصالحها لفائدة مشروع وطني متكامل يبعث الروح من جديد في اقتصادنا وأمننا، وهذا الإنقاد الوطني لا يجب أن يكون مربوطا بمدة زمنية محددة أو بمقايضات من أي نوع كانت.. فقط يجب أن يكون ممتدا إلى حين وصول البلاد إلى بر الأمان. نعم الثورة «على عيني وراسي» لكن يجب أن نفكر ونخطط على أساس أن ما حصل في تونس هو «تسونامي» يحتاج إلى تفاعل بحجم هذا التغيير. أستشف من كلامك عدم رضا على أداء حكومة السيد الحبيب الصيد؟ تقييمي العام وباختصار هو أنه «كان بالإمكان أفضل ممّا كان» لكني أجد أعذارا للسيد الحبيب الصيد بداية بأنّه أول رئيس حكومة حسب الدستور الجديد وما يفرضه ذلك من ضرورة تأقلم جميع المتدخلين مع القواعد التي جاء بها خاصة بالنسبة للسلطة التنفيذية. ثم أنّ الحكومة الحالية لا تتحمّل وحدها مسؤوليّة الوضع الذي وصلت إليه البلاد لأنه ناتج عن تراكمات خلّفتها كل الحكومات التي سبقتها. كما يجب ألاّ ننسى الظروف التي تكونت فيها هذه الحكومة وأنّ الحديث عن تغييرها بدأ منذ الأشهر الأولى. لم يكن واضحا إن كانت الحكومة سياسية أو حكومة تكنوقراط لأنّ نصفها كان من الأحزاب والنصف الآخر بما في ذلك رئيسها من المستقلين ولم يكن واضحا إن كانت حكومة أغلبية أو حكومة شبه وحدة وطنية بفعل وجود الحزبين الأولين داخلها. لكن نقطة ضعفها الأساسية تكمن في إعطائها الإنطباع بأنّها تعمل وكأنّ البلاد في وضع طبيعي مثلما ظهر في مشروع قانون ميزانية الدولة وقانون المالية لسنة 2016 بينما نحن في حالة حرب تفرض قواعد ومناهج عمل مختلفة وحتى التحوير الوزاري المطروح منذ مدة وبقاء وزارة سيادة بدون وزير لأكثر من شهرين يضعف الحكومة ويمس من مصداقية أعضائها مهما كان الجهد الذي يبذلونه في القيام بواجبهم. هل سيكون حزب «المبادرة» حاضرا في التحوير الوزاري المرتقب؟ لا أعتقد بصراحة ولا نفكّر في ذلك لأننا نجهل سبب قرار تغييبنا عن الحكومة الحالية ولا أتوقّع أنّه تغيّر. في كل الأحوال نادينا منذ مدة ولازلنا بحكومة وبرنامج إنقاذ وطني وسنصل إلى ذلك مجبرين عاجلا أو آجلا اعتبارا للوضع الصعب الذي تمر به البلاد والذي لن يجد حلاّ بالبرامج والطرق التقليدية لأننا لسنا في وضع عادي بل في حرب متعدّدة الجبهات. هيكلة الحزب، هل هي خطوة نحو تخليكم عن مسؤولية الرئاسة كما يتردد في الكواليس؟ المجهود الذي نقوم به هذه الأيام يتعدى هيكلة الحزب التي وإن كانت مهمة تستوجب تغييرات وإضافات طفيفة بل يرمي إلى إقناع عدد من القياديين المعروفين والمحترمين وطنيا وجهويا بالالتحاق بحزب «المبادرة» لإعطائه وزنا أثقل وإشعاعا أكبر للمساهمة الجادّة في لمّ شمل العائلة الدستورية والحداثية وسنعلن في الأسابيع القادمة عن قائمة أسماء الشخصيات التي ستعزز الحزب. بكلّ صدق لا تهمني رئاسة الحزب بقدر ما يهمني تطوره ودخوله التاريخ عبر لعبه دور أكبر على الساحة السياسية الوطنية ولمّ شمل العائلة الدستورية مع تفتحه على مدارس حداثية أخرى واستقطابه شخصيات تمثّلها أفضل تمثيل. لو تكشف لنا بعض الأسماء التي ستنضمّ إلى الحزب؟ هم تقريبا في حدود ال30 شخصية منهم ما تأكد التحاقه رسميا بالحزب ومنهم من مازال في طور المشاورات وسنكشف عن الأسماء في الوقت المناسب. هل هي قيادات دستورية سابقة أو الغاضبون من «نداء تونس»؟ فيهم قيادات دستورية وفيهم أيضا شخصيات وطنية مستقلة لكن ليس من بينهم الغاضبون من «النداء» ونحن صراحة لا نسعى إلى الاستفادة من الأزمة التي يمرّ بها «النداء» لتعزيز حزبنا.. ما هي قراءتك للانشقاق الحاصل داخل حركة «نداء تونس»؟ ما يحصل في «النداء» كان متوقعا لأن «النداء» تأسس حول شخص وقيادة السيد الباجي قائد السبسي ويضم العديد من التيارات الفكرية المختلفة وهذه الخلافات كان بالإمكان أن تطفو على السطح في أي وقت لكن ربّما انشغال قيادات الحزب في الاستحقاقات السياسية ثم انتشاؤهم بالفوز الانتخابي هو الذي حجب أو أجّل الصراعات الحالية. وشخصيا أعتقد أنها صراعات متوقعة لأن القيادات الحالية تبحث عن التموقع استعدادا للمرحلة السياسية القادمة. ما مدى تأثير هذه الأزمة حسب اعتقادك على المشهد السياسي عموما وهل تعتقد أن حركة «النهضة» هي أكبر المستفيدين كما يذهب إلى ذلك العديد من المتابعين للشأن السياسي؟ لا أرى تأثيرا كبيرا للصراعات داخل «النداء» على أداء الحكومة أو البرلمان لأن المنشقين سيواصلون العمل بنفس المشروع الذي يتبناه الحزب. كما لا أعتقد أن «النهضة» ستسارع إلى الانقضاض على الحكم في صورة تأكد الإستقالات وتحوّل «النداء» من الحزب الأغلبي إلى الكتلة الثانية داخل مجلس نواب الشعب، لأن «النهضة» جرّبت مرحلة الحكم وتدرك جيدا مستحقاته ومصاعبه ولا أضنها ترغب على الأقل في الوقت الحالي في أن تكون المسؤول الحزبي الأول في البلاد. أيّة حظوظ للحزب الجديد الذي ينوي محسن مرزوق الإعلان عنه في المدة القادمة حسب رأيك؟ لا يمكن التكهن مسبقا بحجم الحزب أو حظوظه لكن المؤكد أنه لن يكون بحجم «نداء تونس»... هل ينوي حزب «المبادرة» الترشح للانتخابات البلدية وماذا أعدّ للمحطات السياسية القادمة بعد النتائج الهزيلة التي حققها في الانتخابات التشريعية؟ بالتأكيد سيكون حزب «المبادرة» حاضرا في الانتخابات البلدية القادمة بقائمات خاصة به أو بقائمات مشتركة مع أحزاب أو شخصيات قريبة منا. أمّا عن نتائجنا في الإنتخابات التشريعية الماضية فقد كانت فعلا أقل ممّا كنا نرمي إليه. لكن لا يمكن وصفها بالهزيلة عندما نأخذ بعين الاعتبار ما عرفه المشهد الحزبي من انقسام ثنائي متمثل في قطبين كبيرين والتحاق عدد هام من الدستوريين بأحدهما ومن ضخ امكانيات مادية هامة لم تكن متوفرة لدينا. أعتقد أننا خرجنا بأخف الأضرار عندما أقارن نتائجنا بأحزاب أخرى تفوقنا في التجربة والتواجد والتي غيبت تماما أو تكاد من البرلمان رغم ماضيها النضالي الطويل. قلت في حوار إذاعي إنّ «النداء» غدر بحزب «المبادرة»، فهل تعتبر أن الطيف الدستوري وحزب «المبادرة» دفعا فاتورة عدم انسحابك من الانتخابات الرئاسية؟ أولا دعيني أقول إنّي أشك في استعمالي كلمة «غدر» لأنها ليست في قاموسي اللغوي. ثانيا كل الطيف الدستوري خارج «النداء» دفع ثمن تشتته في الانتخابات الرئاسية والتشريعية وليس ترشحي فقط لأنني لم أكن الوحيد. كما يجب ألاّ ننسى أننا كحزب كنا نتمنى وحاولنا جادين أن نكون في قائمات موحدة ضمن «الإتحاد من أجل تونس» وتأسفنا لعدم حصول ذلك وليس لهذا أية علاقة بترشحي للرئاسة من عدمه ولم يطرح الموضوع بهذه الصفة أبدا. مهما كانت مسؤوليتي وأتحمّلها بالكامل أتمنى أن يأخذ كل الطيف الدستوري العبرة مما حصل في الإنتخابات الأخيرة. ألا تعتقد أن حركة «النهضة» غدرت بكمال مرجان خاصة أنه وحتى اللحظات الأخيرة من السباق الرئاسي كان العديد من المتابعين للشأن السياسي يؤكدون أنك مرشح «النهضة» الخفي؟ يحق لكل شخص أن يفكّر ما يريد، الأكيد بالنسبة لي أنه لم يحصل أي اتفاق مع «النهضة» لمساندتي كمرشح خفي أو جليّ حتى تغدر بي. كل ما في الأمر في تقييمي هو أنّ الإنتخابات الرئاسية مثل التشريعية تمحورت رغم عدد المترشحين منذ البداية بين خيارين لا ثالث لهما وهو ما أفرزته الدورة الأولى. ما هو تقييمكم لآداء ديبلوماسية حكومة الصيد؟ من الواضح أنها أفضل حالا مما كانت عليه في عهد «الترويكا» وخاصة بعودتها إلى الأصول والمرجعية التي وضعها لها وثبّتها الحبيب بورقيبة بما فيها من استقلالية القرار ورفض كل تدخّل خارجي واعتدال واتزان في المواقف على المستويين الثنائي ومتعدّد الأطراف وعمل من أجل السلم العالمي. أنا متيقّن أن بإمكان ديبلوماسيتنا، بتوجيه من رئيس الجمهورية كمشرف مباشر عليها حسب الدستور وبجهد إضافي بسيط وبقراءة محيّنة للوضعين الدولي والإقليمي، أن تسترجع مكانتها وإشعاعها المعهودين على الساحة الدولية وعلى الصعيدين العربي والإفريقي خاصة. هل سيكتفي كمال مرجان بقيادة حزب سياسي؟ أم أنّ هناك مساع أخرى في اتجاه الحصول على منصب سياسي أو العودة إلى الأمم المتحدة؟ إهتمامي اليوم أساسا بمستقبل الحزب وتطوير هياكله وبمزيد إشعاعه بمساعدة الزملاء في قيادته الحالية وممن سيلتحقون بنا خلال الفترة القادمة. وليس لي أي هدف آخر اليوم سواء كان وطنيا أو دوليا. وهذا الموقف ليس بجديد بل اعتمدته منذ تكوين «المبادرة» مع ثلة من الأصدقاء رغم عديد العروض التي وصلتني للرجوع إلى العمل الدولي. هل ندمت على ترشحك ل«الرئاسية»؟ وهل تنوي خوض هذه التجربة مرة أخرى؟ الحياة سلسلة من القرارات والتجارب في ميادين ومستويات مختلفة لا يمكن أن تكون كلها صائبة وناجحة. والمهم أن نأخذ العبرة والدرس، خاصة من الإخفاق بعد تحليل وتقييم علمي ومنطقي. أحمد الله أنّ الإخفاقات في حياتي كانت محدودة العدد وأتحمل مسؤوليتها كاملة. ولا أندم على أي قرار اتخذته أو عمل أقدمت عليه مهما كانت نتيجته لما فيه من اكتساب تجربة وإنارة للمستقبل. ولذا أترك القرار في خصوص الترشح من عدمه إلى الوقت المناسب لأنّ عديد المعطيات الموضوعية والذاتية ستتغيّر بطبيعة الأمر و«ربّي يحيينا لهاك النهار». هل تعتبر أن «هرسلة» قيادات أو رجالات العهد السابق متواصلة ولنا في طريقة تنفيذ حكم المصادرة على أملاك الوزير السابق مهدي مليكة (اخراجه من بيته بالقوة العامة وإلقاء أدباشه في الشارع) مثال؟ هذه «الهرسلة» كما تقولين متواصلة لكن بأقل حدة مما كانت عليه في 2011. أنا احترم كل قرارات القضاء ولكن تونس لن تنهض إلا في مناخ مصالحة شاملة لا تقصي أي طرف كان، قد لا يكون بين الأطراف المتعايشة القدر الكافي من «الحب» لكن المسألة ليست مسألة عاطفة لأن الظرف يفرض علينا طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة قوامها التعايش والتعاون من أجل تونس. كخبير ديبلوماسي ومسؤول أممي سابق هل تعتقد أن الأزمة الليبية في طريقها إلى الحل بعد إمضاء الاتفاق الأخير؟ الوضع الليبي متشعب جدا ومحكوم بأجندات داخلية وخارجية. نعم الإتفاق الأخير بادرة طيبة ومؤشر على وعي الإخوة الليبيين بضرورة التوحد لإنقاذ بلادهم لكن أعتقد أن المشوار لا يزال طويلا أمامهم من أجل مصالحة وطنية شاملة... انضمام تونس مؤخرا للحلف الذي تقوده السعودية ضد «داعش» هل تراه قرارا صائبا أم تعتبر أن تونس جرّت للالتحاق بهذا الحلف ربما طمعا في مساعدات اقتصادية خليجية؟ لاحظت في المدة الأخيرة أننا انضممنا إلى العديد من الأحلاف ومبدئيا أعتقد أن كل ما يمكن أن يساعد على القضاء على الخطر الارهابي الداعشي «علاش لا» لكن ماذا يعني هذا الحلف؟ ثانيا يجب الأخذ بعين الإعتبار مصالحنا الإقليمية لأن مصالحنا الإقليمية هي المصالح المباشرة. وأعتقد أن الحكومة أخذت بعين الإعتبار مصالحنا الأمنية قبل الدخول في هذا الحلف.