التونسية (تونس) أعلن وزير المالية سليم شاكر الاسبوع المنقضي ان الحكومة بدأت في العمل على بعث مشروع «بنك الجهات» الذي سيخصص «لتمويل مشاريع الشباب ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة. وأوضح المسؤول الحكومي ان هذا المشروع سيشمل جميع الولايات وسيكون جاهزا خلال النصف الثاني من سنة 2016 . ويساعد البنك الجديد الشباب العاطل عن العمل وخريجي الجامعات على إرساء مشاريعهم وبعث شركات في الخدمات على ان تكون هذه المشاريع معافاة من الجباية لمدة خمس سنوات. ورغم انقضاء خمس سنوات على الثورة التي كان التشغيل من أهم مطالبها لا يزال هذا الملف يراوح مكانه بعد ان عجزت الحكومات المتعاقبة على ايجاد الحلول المناسبة للتقليص من نسب البطالة. وقد سجلت نسبة البطالة وفق المعهد الوطني للاحصاء ، بين الثلاثيتين الثانية والثالثة من سنة 2015، ارتفاعا طفيفا حيث بلغت 15.3 بالمائة خلال الثلاثي الثالث من السنة الحالية مقابل 15.2 بالمائة في الثلاثي الثاني من نفس السنة. وحسب الاحصائيات ذاتها فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل نهاية نوفمبر الماضي أكثر من 600 ألف، من بينهم 233 الفا من الحاصلين على شهائد عليا وهو ما يمثل 15 % من إجمالي السكان الناشطين الذين بلغ عددهم 3 ملايين و199 الفا. وتتفاقم أزمة التشغيل في تونس من سنة الى أخرى في ظل عزوف المستثمرين التونسيين والاجانب عن بعث مشاريع ذات قدرة تشغيلية عالية في الولايات الداخلية رغم الاغراءات الجبائية التي تقدمها الحكومة. ويتذمر المستثمرون من التعقيدات الادارية التي ترافق بعث المشاريع واستفحال الفساد والرشوة في الادارة الى جانب رداءة البنية التحتية في الولايات الغربية خاصة. ويعتبر العامل الامني وفق الخبير الاقتصادي معز الجودي محددا هاما لمدى تدفق الاستثمارات المشغلة لافتا الى ان الولايات الداخلية لا تحتاج الى بنك مشاريع فقط بل الى سياسة تنموية متكاملة تتدارك أخطاء خمسين عاما من التهميش. ويرى الجودي ان كل الحكومات تبذل مجهودا في البحث عن الحلول الترقيعية لملف البطالة لافتا الى ان هذا الصنف من الحلول يستنزف جهود الدولة ولا يحقق نتائج طيبة. وشدد الجودي على ضرورة اجراء مراجعات جذرية في الشُعب التعليمية معتبرا ان السياسة الحالية ادت الى اغراق سوق الشغل بالعاطلين عن العمل بسبب عدم ملاءمة اختصاصات التعليم مع متطلبات المؤسسات الاقتصادية. وتحاول الحكومة في سياستها التشغيلية دفع الشباب العاطل عن العمل نحو المبادرات الفردية وبعث مشاريع خاصة عبر تمويلات مصرفية أو جمعياتية لا سيما في ظل تراجع قدرات الدولة على الانتداب في القطاع العمومي الذي يتحمل اكثر من احتياجاته الحقيقية وفق تقرير البنك العالمي. ويشير ذات التقرير الى أن نسيج المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس لا يزال محدودا مقارنة بالدول والأقاليم الأخرى بحيث لا يتجاوز إحداث هذه المؤسسات في المعدل العام للسنوات الأخيرة 0.64 مؤسسة لكل 1000 نسمة مقابل 19 في أمريكا اللاتينية و29 في أوروبا الوسطى و45 في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وهو ما يستدعي دعم هذا الصنف من الاستثمارات عبر تشجيع الشباب على المبادرات الخاصة . ورغم الحوافز والامتيازات المالية والجبائية الممنوحة للباعثين ومنح الاستثمار ودعم الدولة فإنّ بعث المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس تعترضه العديد من الصعوبات على غرار صعوبة تسويق المنتجات أو الخدمات التي توفرها هذه المشاريع. كما يواجه الباعثون الشبان صعوبة في ايجاد مصادر تمويل مشاريعهم حيث تتجنب البنوك التجارية تمويل هذا النوع من المشاريع بسبب ارتفاع درجة المخاطرة المرتبطة بإقراض مؤسسات صغيرة وعدم قدرة هذه المؤسسات على تقديم الضمانات التقليدية إلى جانب تدخل البنوك التجارية لتمويل المشاريع الكبرى. ويواجه العديد من الراغبين في بعث المؤسسات صعوبات من شانها أن تعرقل عملية انجاز مشاريعهم وخاصة منها المتعلقة بصعوبة تجميع مبلغ التمويل الذاتي وصعوبة توفير المال المتداول وتوفير ضامن أو كفيل، إلى جانب صعوبة إيجاد شريك من المؤسسات البنكية وشركات الاستثمار ذات رأس مال تنمية لاستكمال تمويل المشاريع المصادق عليها من قبل بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة والتي تتراوح قيمة استثمارها بين 300 ألف دينار و10 آلاف دينار.