التشغيل هو الموضوع الحارق، والملف الذي يمثل الشغل الشاغل لمئات الالاف من العاطلين عن العمل، بعد أن تضاعفت وتزايدت أعداد طالبي الشغل، لأسباب متعدّدة، منها مالحق بالعديد من المؤسسات الاقتصادية من أضرار خلال أحداث الثورة، مانجم عنه فقدان الآلاف من مواطن الشغل، وكذلك عودة مالايقلّ عن 35 ألف تونسي من ليبيا، فضلا عن مشكل العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا، وتضخّم أعدادهم، لاسيما مع مايقرب عن 80 ألف من الوافدين الجدد خلال شهر جويلية المقبل. وأمام مايكتسيه الظرف من صعوبات كبيرة، خصوصا وأن الشغل هو الضامن للكرامة ولمورد الرزق بالنسبة لكافة مستحقيه، وبالخصوص لمن عرفوا وتذوّقوا مرارة البطالة طويلة المدى، فقد استنبطت الحكومة المؤقتة خطة عاجلة لامتصاص أكثر مايمكن من البطالة، هذه التي تتجاوز نسبتها على النطاق الجهوي ال 40 ٪ . وكان وزير التكوين المهني والتشغيل قد استعرض خلال اللقاء الإعلامي المنعقد مؤخرا، المحاور الأساسية للبرنامج أو للخطّة العاجلة، والتي تتلخص في احداث مواطن شغل جديدة في القطاعين العمومي والخاص وفي المجتمع المدني اضافة الى التوظيف بالخارج، مع تطوير بعث المؤسسات والإحاطة بأصحاب الأفكار والمشاريع الصغرى وضمان ديمومتها، والمحافظة على مواطن الشغل من خلال الإحاطة بالمؤسسات المتضررة، والمرافقة النشيطة لطالبي الشغل والرفع من التشغيلية. اما على المدى المتوسط والبعيد، فإن الحكومة المؤقتة قد وضعت تصوراتها في اتجاه ايجاد حلول مستديمة لمشكل البطالة الذي بات يرزح تحته مجتمعنا، ومن افرازاته الهجرة غير الشرعية المتنامية في صفوف الشباب وحتى الفئات الأخرى... برنامج للتكوين الإشهادي حسب الطلب لفائدة حاملي الشهادات العليا بمراجعة منظومة التكوين والتعليم، وادخال التعديل على التحفيزات الاقتصادية للمؤسسات الخاصة، يمكن في المستقبل التحكّم في مشكل البطالة، أو بمعنى آخر امتصاصها، وفق التصورات الجديدة لحكومة الباجي قايد السبسي. ولكن، ما تنتظره هذه الأعداد الكبيرة والمتزايدة من العاطلين عن العمل، وخصوصا حاملي الشهادات العليا (160 ألف الى حدود سنة 2010) هو الحلول العاجلة، وعلى المدى القريب، باعتبار الحاجة الملّحة الى مورد الرزق بالنسبة للكثيرين منهم، في ظل الصعوبات الاجتماعية والإقتصادية وكذلك النفسية. وفي هذا الإطار، يتضح من خلال تفاصيل الخطة العاجلة للتشغيل الموضوعة من قبل الحكومة المؤقتة، أنه قد تمت البرمجة صلب الوزارة المعنية بملف التشغيل، لأحداث 20 ألف موطن شغل اضافي في المؤسسات العمومية وبالقطاع الخاص. وبالتوازي مع ذلك، يجري وضع برنامج للتكوين الإشهادي حسب الطلب لفائدة طالبي الشغل من حاملي الشهادات العليا، قصد ادماجهم بالمؤسسات المصدّرة في مجال تكنولوجيات الاتصال. وبخصوص الشراكة بين القطاع العام والخاص، فإنه في اطار الدراسة التي شملت حوالي 30مشروعا نموذجيا، والهادفة الى دفع الحركية الاقتصادية، سيتم الانتداب بالنسبة للاحداثات الجديدة، وفق مقاييس تعتمد على مبدأ الأولوية حسب الاختصاص ومدّة البطالة والحالة الاجتماعية. جملة من الاجراءات المهنية لفائدة العمّال عاجل ومتأكد هو الحصول على فرصة شغل حقيقية بالنسبة للعديد من البطّالة على اختلاف مستوياتهم وانتماءاتهم الجهوية. ومن منطلق الوعي بهذا المشكل، جاء البرنامج العاجل للحكومة المؤقتة، الذي تضمّن في أحد محاوره، ضبط حاجيات مكونات المجتمع المدني من الكفاءات وحث الجمعيات وتحفيز المنظمات الوطنية على انتداب طالبي الشغل، وفي مجال آخر السعي نحو تسريع تفعيل اتفاقيات التوظيف بالخارج وايجاد اتفاقيات جديدة. وتجدر الإشارة الى أنه للمحافظة على مواطن الشغل المهدّدة والإحاطة بالمؤسسات التي تمرّ بصعوبات اقتصادية، تم حسب المصادر الرسمية بوزارة التكوين المهني والتشغيل، اتخاذ جملة من الاجراءات المهنية لفائدة العمّال. وتجسّد ذلك في توظيف البطالة الفنية لعمّال قطاع تجارة التوزيع، من خلال عملية نموذجية لفائدتهم للمحافظة على كفاءتهم وطاقاتهم وقدراتهم الانتاجية، وتقوم هذه العملية بالأساس، على اخضاعهم للتكوين المستمر. من ناحيةأخرى، وفي مجال ما تم من اجراءات مهنية لفائدة العمّال التي تمرّ مؤسساتهم بصعوبات اقتصادية، فإن ألفي عامل ممن قد تفوق فترة بطالتهم الفنية 6 أشهر، قد تمتعوا بالإجراء المتمثل في العملية النموذجية المذكورة. وينتظر أن يتعمم الإجراء ليشمل قرابة15 ألف منتفع في 300 مؤسسة في مرحلة أولى، قبل أن يتم في مرحلة موالية تقدير الأضرار الحاصلة في قطاع السياحة وقطاعات أخرى. اجراءات مالية وجبائية لمساعدة المؤسسات المتضررة المرافقة النشيطة لطالبي الشغل وهي من مكوّنات البرنامج العاجل للحكومة المؤقتة، ترمي بالأساس حسب المعطيات والمصادر الرسمية لوزارة التكوين المهني والتشغيل الى الرفع من تشغيلية طالبي الشغل، وذلك من خلال توسيع الفرص والحظوظ أمامهم للحصول على موطن شغل، وتطوير كفاءاتهم وصقلها. وتقوم هذه المرافقة النشيطة على أربعة عناصر، هي المرافقة المشخصة (coaching) وعمليات التكوين وإعادة تأهيل لأصحاب الاختصاصات صعبة الإدماج، والقيام بتربصات ميدانية بالقطاعين العمومي والخاص وبالمنظمات المهنية والجمعيات. وتجدر الملاحظة ان جملة من الاجراءات المالية والجبائية لفائدة أصحاب المؤسسات الاقتصادية المتضررة، قد تمّ اتخاذها صلب البرنامج العاجل للحكومة المؤقتة، ويكون الانتفاع بها حسب الشروط المعلن عنها بموجب مرسوم عدد 9 لسنة2011.... وضمن ماحملته هذه الاجراءات من النقاط، تكفل الدولة بنسبة 50 بالمائة من الأضرار التي لحقت بالمؤسسة، وتأجيل دفع الأداء على الشركات بعنوان سنة 2010، اضافة الى تكفل الدولة بنقطتين من فائض القروض التي لاتتجاوز مدّتها 5 سنوات، الى جانب القروض المتصلة بتمويل استثمارات اصلاح الأضرار، وكذلك النقطة المتعلقة بتكفل الدولة كليا أو جزئيا بمساهمة الأعراف في الضمان الاجتماعي لفائدة العمّال ممن شملهم اجراء التخفيض في ساعات العمل، والعمّال المحالين على البطالة الفنية.