الكاف: الاتفاق على بناء خزانين جديدين للماء الصالح للشرب    بحارة منطقة غنوش يحتجون..التفاصيل    حريق بمنزل في هذه المنطقة: وفاة شيخ وهذه حصيلة الاصابات..    تفكيك شبكة مختصة في بيع سماعات وتوابعها تستعمل في عمليات الغش في الامتحانات ..    5005 تلميذا سيجتازون امتحان مادة التربية البدنية    وزارة الفلاحة: نحو جلب حشرة للقضاء على الآفة القرمزية    قابس: نجاح تجربة زراعة الحبوب    عاجل: ايران تهدد مجددا ب"رد قاسي"..    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الثلاثاء 16 أفريل 2024    أبطال أوروبا: برنامج مواجهات الليلة من إياب الدور ربع النهائي    رابطة الهواة 2 (الجولة الثامنة إيابا) أفراح عارمة في منوبة وتبلبو    يورو 2024 : منتخب فرنسا يحتفظ بريادة التصنيف الدولي لأفضل 10 منتخبات أوروبية    مندوب حماية الطفولة حول استدراج أطفال عبر الانترنات: متأكدون من وجود ضحايا آخرين    جمعية القضاة : المطالبة بفتح تحقيقات حول هذه القرارات..التفاصيل    منوبة ..5075 مترشحا لاختبارات مادة التربية البدنية    ميناء حلق الوادي: حجز 7 كلغ من ''الزطلة'' مخفية بأكياس القهوة    الحماية المدنية: 19 حالة وفاة في يوم واحد    وفاة مسن في حادث اصطدام سيارة بعمود كهربائي..    في الملتقى الإقليمي للموسيقى ..مشاركة متميزة لمعاهد ومدارس القطار    في مكالمة هاتفيّة مع نظيره الصربي ..وزير الخارجية يتلقى دعوة إلى زيارة صربيا    أولا وأخيرا: ربيع النقل السريع    صفاقس ..70 عارضا بصالون الموبيليا وجهاز العرس    بالمر يسجل رباعية في فوز تشيلسي العريض 6-صفر على إيفرتون    معز الشرقي يودع بطولة غوانغجو الكورية للتنس منذ الدور الاول    عاجل : خلية أحباء النادي الافريقي بألمانيا تهدد    تقلص العجز التجاري بعد ارتفاع الصادرات وتراجع الواردات    أول تعليق لرئيس الجمهورية على أعمال العنف في حي التضامن..    فظيع: وفاة كهل جرفته مياه وادي الصابون بفريانة بعد ارتفاع منسوبه..    مع الشروق ..من «الصبر الاستراتيجي» إلى الرّدع ... ماذا بعد؟    إرتفاع أسعار الذهب لهذه الأسباب    طهران لإسرائيل: سنرد بضربة أقوى وبثوان على أي هجوم جديد    طقس الثلاثاء: سحب كثيفة وأمطار متفرقة بأغلب المناطق    سوسة: أحكام بالإعدام ضدّ قاتلي إمرأة مسنّة    حيرة بين الردّ على إيران أو اجتياح رفح...إسرائيل رهينة التخبّط    الأولى في القيادة الأركسترالية في مهرجان «Les Solistes»...مريم وسلاتي مستقبل قائدة أوركستر عالمية    عنوان دورته السادسة «دولة فلسطين تجمعنا يا أحرار العالم»...المهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج يحطّ الرحال بنابل    أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني عمل إرهابي    عاجل : دولة افريقية تسحب ''سيرو'' للسعال    آخر زلات بايدن: أشاد بدولة غير موجودة لدعمها أوكرانيا    قيس سعيد: لابد من دعوة عدد من السفراء الأجانب لحثّ دولهم على عدم التدخل في شؤوننا    حركة المسافرين تزيد بنسبة 6،2 بالمائة عبر المطارات التونسية خلال الثلاثي الأوّل من 2024    جندوبة: الاتحاد الجهوي للفلاحة يدين قرارات قطع مياه الري ويطالب رئيس الجمهورية بالتدخل    معرض تونس الدولي للكتاب 2024: القائمة القصيرة للأعمال الأدبية المرشحة للفوز بجوائز الدورة    دار الثقافة بمساكن تحتضن الدورة الأولى لمهرجان مساكن لفيلم التراث من 19 الى 21 افريل    البطولة الافريقية للاندية البطلة للكرة الطائرة - فوز مولدية بوسالم على النصر الليبي 3-2    تونس: 25 دولة ستُشارك في معرض الكتاب    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    الدورة السادسة لملتقى "معا" للفن المعاصر بالحمامات يستضيف 35 فنانا تشكيليا من 21 بلدا    أنس جابر تبقى في المركز التاسع في التصنيف العالمي لرابطة محترفات التنس    نصائح للمساعدة في تقليل وقت الشاشة عند الأطفال    المؤتمر الدولي "حديث الروح" : تونس منارة للحب والسلام والتشافي    ايطاليا ضيف شرف معرض تونس الدولي للكتاب 2024    تونس: التدخين وراء إصابة 90 بالمائة من مرضى سرطان الرئة    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    أولا وأخيرا... الضحك الباكي    تونس تحتضن الدورة 4 للمؤتمر الأفريقي لأمراض الروماتيزم عند الأطفال    فتوى جديدة تثير الجدل..    الزرع والثمار والفواكه من فضل الله .. الفلاحة والزراعة في القرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عبّو (أمين عام «التيّار الديمقراطي»)ل «التونسية» : «النداء» و«النهضة» لا يرغبان في اقتلاع الفساد
نشر في التونسية يوم 15 - 02 - 2016

في تونس يُلدغ المؤمن من الجحر مرّتين وثلاثا وأربع
المغالطة والعقليّة وراء تفرقع «نداء تونس»
هذه تحفّظاتي على مشروع قانون الانتخابات البلدية
لا تقدّم دون مكافحة الفساد
قانون المصالحة دعوة لتغييب هيئة الحقيقة والكرامة
قانون المخدّرات الجديد يقود الشعب إلى الهاوية
حاورته: خولة الزتايقي
ضيفنا في حوار اليوم هو الأستاذ محمد عبّو أمين عام حزب «التيار الديمقراطي»، الذي أوضح استراتيجية الحزب في مكافحة الإرهاب، ورؤيته للوضع الأمني في تونس، محلّلا الوضع الاقتصادي الذي تمر به بلادنا معرّجا على قرارات الحكومة الأخيرة المتعلقة بحل أزمة البطالة، منبّها إلى أن حملة «حل الدوسي» ستعود من جديد.
محمد عبّو أبدى أيضا رأيه في الأزمة الحاصلة داخل حزب «نداء تونس» متّهما كلّا من «النداء» و«النهضة» بعدم رغبتهما في مكافحة الفساد.كما أجاب عبّو عن أسئلة «التونسية» حول الأزمة الليبية مؤكدا على ضرورة دعم الليبيين منتقدا من جهة أخرى التأخر الكبير الحاصل في تنصيب المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية إلى الآن. أعلنتم مؤخرا عن استراتيجية لمكافحة الإرهاب، لو تقدم لنا أهم ملامح هذه الاستراتيجية؟ وكيف تقيمون الوضع الأمني في تونس؟
أعددنا استراتيجية قسمناها إلى عدة محاور، فيها جانب يتعلق بالسياسة العامة، في تجسيد لفكرة الدولة العادلة القوية، التي تفرض القوانين على الجميع، التي لا تميز بين مواطنيها وتمنع الاعتداء على كرامتهم. أما الجانب الثاني فيتعلق بإصلاح المنظومة الأمنية، الذي يعتبر من الأولويات، خاصة في مكافحة الإرهاب، لا يمكن لنا مكافحة الإرهاب بجهاز أمني غير منضبط وله العديد من الشكاوى المتعلقة بانتشار الفساد فيه وضعف الإمكانات المادية ولذلك قدمنا مقترحات تتعلق بالتحفيز والجزاء والردع عند ارتكاب تجاوزات. بالنسبة للتحفيز عن طريق الزيادة في الأجور أكثر من بقية موظفي الدولة أما بالنسبة للجزاء من خلال ضبط عقوبات صارمة لكل من يخالف التعليمات، ما عدا التعليمات الداعية للقتل وللتعذيب، هناك جانب آخر طبعا متعلق بتحسين القدرات اللوجستية وتطوير الامكانات الأمنية والعسكرية وشراء المعدات وخاصة الطائرات بلا طيار التي يمكن لها أن تساهم في حل العديد من الإشكاليات، نحن نقر بأن الميزانية زادت حتى 200 بالمائة بعد الثورة، وتضاعفت بشكل جلي، لكن يجب أن نقر أن هذه الأموال وضعت في مكانها المناسب، رغم أنها على حساب التنمية، ونحن مضطرون لذلك بسبب ظاهرة الإرهاب وهذا البرنامج عمل عليه المكتب السياسي للحزب مع العقيد السابق في الجيش الصادق بن نجمة، كما تطرقنا في إستراتيجية مكافحة الإرهاب إلى جوانب أخرى تتعلق أساسا بقانون الإرهاب، ورأينا أنه من الضروري تفعيل عدة إجراءات على غرار التحريات الخاصة، ولا بد من حماية الأسرار، خاصة بعد أن علمنا من بعض القنوات التلفزية استغلال بعض الأمنيين معلومات من أجل تصفية الحسابات، وهنا نرى أنه من الضروري تطبيق القانون في مثل هذه الحالات. كما توجد عدة جوانب أخرى، تتعلق بتغيير قانون الإرهاب في المستقبل، مثلما نصحناهم في السابق، وكان ذلك مع قانون الإرهاب السابق الذي نقدناه ورفضوا نقدنا له، وقلنا وقتها إنه من الضروري أن يوجه قانون الإرهاب للإرهابيين وليس للصحافيين وغيرهم، ولم يعيرونا انتباها إلى أن وقع تطبيق القانون على الصحافيين، هناك جانب متعلق بالمسألة الاتصالية، فقانون 2003 يقول إن من يسلم نفسه، ومن يعطي معلومات للأمن، وينقذ بها أشخاصا من عمليات، فإنه معفى من العقاب، سواء بمقتضى القانون الجديد أو حتى القديم، المشكل أن الدولة لم تقم بأي إعلان، حتى عن طريق ومضات إشهارية لتشجيع هؤلاء على تسليم أنفسهم. مسألة أخرى وهي على غاية من الأهمية، وهي عدم وجود قناة تلفزية وطنية خاصة بالمسائل الفكرية، تطرح فيها القضايا المتعلقة بالإرهاب والتطرف وطبعا مكافحة الإرهاب على علاقة بجوانب تربوية، من خلال تغيير البرامج الدراسية وزرع القيم الوطنية وهناك جوانب أخرى متعلقة بالثقافة من خلال إرجاع دور الثقافة والسينما، وهي من المسائل الأساسية والجوهرية لمكافحة الإرهاب.
كيف ترون الوضع الأمني في تونس؟ وكيف تقرؤون الهدوء النسبي الذي تمر به تونس بعد العمليات الإرهابية الأخيرة؟
يجب علينا الحذر دائما من حصول عمليات إرهابية جديدة في أي وقت وفي أي مكان، لكن ما يجب التنبيه إليه هو ضرورة أن يعرف المواطن التونسي كيف يجب عليه أن يتصرف مع وجود مثل هذه العمليات، ويجب ألّا تكون هناك أية حالات فزع في صفوف المواطنين، لأن دور الإرهابي هو خلق حالة من الرعب وسط المواطنين، وبالتالي ما أقوله هو ضرورة حفاظ التونسيين على رباطة جأشهم دون الدخول في مشاحنات وصدامات عبر المعارك السياسية، والانتباه، إذ أصبحنا أحيانا نروّع أنفسنا دون قصد من خلال التصريحات التي نقدمها في وسائل الإعلام فعندما تحدث عملية إرهابية وجب علينا التأكيد على ان الجيش سيتصرف وسيحسم مثل هذه العمليات، دون الدخول في حالات فزع أو خوف أو التعبير عن الإحباط، وما أراه أننا نشهد تحسنا كبيرا بعد عملية محمد الخامس الأخيرة، ودائما يجب علينا الحذر.
ما هو تقييمكم للوضع الاقتصادي اليوم، خاصة مع تفاقم مشكل البطالة التي أدت إلى الاحتجاجات ومزيد تعقيد الوضع الاجتماعي؟
منذ سنوات، أكدنا أن الشرط الضروري لتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي في تونس هو مكافحة الفساد بالحوكمة والشفافية، وقد كان هذا الكلام في السابق كلام نخب ومزايدات، لكن اليوم هناك نوع من الاهتمام، خاصة بعد خروج رئيس البرلمان الأوروبي إثر زيارته إلى تونس ورئيس البنك الدولي، ليقولا إن مرد ما تعانيه تونس من مشاكل هو عدم مقاومة الفساد، ونحن قلناها منذ سنة 2012. لا يمكن لنا تطوير تونس دون مكافحة الفساد، وسترمى كل البرامج ولن تنفذ، فإن قلت مثلا إنني أريد إصلاح الإدارة، فيكون عليّ أولا مكافحة الفساد وتفعيل المراقبة ووضع عقوبات زجرية، فمن يرتكب جريمة الارتشاء يعاقب بعقوبات صارمة، اليوم مثلا في قطاع الديوانة، من يرتكب جريمة أو خطأ لا يعاقب، ففي سنة 2012، تمت إحالة 41 شخصا من الديوانة على التقاعد الوجوبي، أي أنه يمنع من العمل ويتم منحه التقاعد من أجل تورطه في قضايا وشبهات فساد، فإن كانت هناك عقوبات ردعية، ما ارتكبت مثل هذه الممارسات، وأنا أقولها اليوم «ما عاد حد يخاف»، وهذه من أكبر المشاكل التي نعاني منها في تونس، دون أن نحقق فيها أي تقدم، ونتحدى من يقول العكس، ولا يمكن لتونس أن تتقدم بوجود الفساد. في وقت بن علي كانت لدينا الإمكانات والعقول، لكن لم يكن بمقدورها إحراز تقدم، نتيجة تغوّل الفساد فيها، «فساد الطرابلسية» طبعا، بعد رحيلهم جاء نوع آخر من الفساد، من ناحية العدد أصبحوا أكثر، ذلك أن عددا من رجال الأعمال اليوم يمكن لهم الحصول على صفقات عمومية عن طريق رشوة عدد من موظفي الدولة، أو تمرير سلع دون أن يتم استخلاص الأداءات، ونحن نتهم من يحكم اليوم برغبته في الإبقاء على الفساد، حيث أن رغبتهم في المحافظة على الفساد كانت لعدة اعتبارات تتعلق بتمويل الأحزاب السياسية، وجانب ثان متعلق بخدمة كل من ساندهم ودعمهم.
إذن أنتم تتهمون «النهضة» و«النداء» بالسكوت عن الفساد؟
أكيد، ليس لحركة «النهضة» أو «النداء» رغبة في محاربة الفساد، وأريد اليوم أن أقول لهما «وقفت الزنقة للهارب»، باعتبار إمكانية بقائكما في السلطة بسبب تصويت البعض، لكن لا يمكن لكما أن تواصلا على هذا المنهج، ثانيا، قد تحدث ردود فعل مثل ما حدث مؤخرا في القصرين، صحيح أن الأمن تمكن من السيطرة على الوضع، ولكن كان بإمكان الوضع أن يتأزم أكثر «لا قدر الله»، من خلال تلك الموجات التي قام بها عدد من العاطلين عن العمل، والذين تكوّن لديهم وعي بأن وضعهم لم يتحسن نتيجة وجود الفساد. وما أريد قوله هو إنهم إن انطلقوا في الاحتجاجات من جديد، فيمكن لهم أن يقوموا بما قام به غيرهم في الثورة، ونحن نود أن نحافظ على ثورتنا، ولا ننوي القيام ب«ثورة ثانية»، ويكفينا ما سال من دماء ومن عنف وفوضى، ولذلك أقولها دائما وأعيد «دون مقاومة الفساد والحوكمة، لا يمكنكم تقديم أي شيء لتونس».
هل يعني ذلك أن وعود الحكومة للعاطلين عن العمل وانتداب 23 ألف موظف هي وعود وهمية؟
أولا، انتداب 23 ألف في الوظيفة العمومية، يعني تجاوز 600 ألف موظف، وهو ضعف المعدل العام، والمفروض أن يكون عدد الموظفين في القطاع العمومي 300 ألف موظف، ومن المفروض أن يتم انتداب أقل من عدد المتقاعدين في مرحلة ما وعلى امتداد أكثر من 30 سنة، من أجل تقليص عدد الموظفين للرجوع إلى المعدل العادي. ثانيا سيتم تشغيل 23 ألف عاطل عن العمل، ألا يمكن تشغيلهم في القطاع الخاص، وهو الأجدر، لأن التوجه الأصلح هو التوجه نحو القطاع الخاص؟ وسؤالنا هو كيف يمكن للدولة القيام بمثل هذه الإجراءات في ظل وجود فساد، خاصة أن عددا من المستثمرين الأجانب، وحتى التونسيين، أصبحوا يتوجهون نحو بلدان أخرى للاستثمار، خاصة مع الانتهاكات الواقعة على حقوق الإنسان، ووجود الفساد والرشوة.
ومن بين المشاكل التي تعاني منها تونس اليوم مشكل العدالة الانتقالية، خاصة بعد أن اتفق التونسيون عليها ثم جاء رئيس الجمهورية ليعلن عن نيته في وضع قانون آخر، وهو ما يعتبر دعوة موجّهة للفاسدين لعدم التوجه إلى هيئة الحقيقة والكرامة لإرجاع المليارات المنهوبة من الدولة، وانتظار قانون السبسي، وما أؤكده هو أنه طالما لم يتراجع رئيس الجمهورية عمّا قاله، فإن جل رجال الأعمال الذين لديهم ملفات كبرى سينتظرون قانون السبسي، أما البقية فسيتوجّهون إلى الهيئة، وسيقوم المكلف العام بنزاعات الدولة، وهو المكلف بقضايا الدولة، بتحديد قيمة ما سيردّ بمليار أو أثنين، ولا يكون على هيئة الحقيقة والكرامة إلا التوقيع، ذلك أن لجنة التحكيم والمصالحة أصبحت «صبّابة ماء على اليدين»، وما يجب فعله اليوم هو تفعيل دور الهيئة أكثر، وجلب رجال الأعمال لخلاص ديونهم مع الدولة والاستثمار في ما بعد، ذلك أن التوجه الأهم اليوم في التشغيل هو للقطاع الخاص، أما الحلول التي تم اقتراحها أو اتخاذها فهي غير كافية.
كنتم قد تحدثتم عن الفساد وعن أهمية مكافحته وما مدى تأثيره على الوضع الاقتصادي بالبلاد، أين وصلتم في مبادرتكم «حلّ الدوسي»؟ ولماذا انقطعتم عنها؟
تعلقت حملة «حلّ الدوسي» بالملفات الكبيرة التي لها علاقة بالأموال الضخمة، وكان هدفنا هو فتح الملفات في كل ما تعلق بالثروات الطبيعية، ولكن إثر انطلاق حملة «حلّ الدوسي»، قام عدد من الشباب بحملة أخرى وهي حملة «وينو البترول؟»، ثم تلتها فترة شهر رمضان التي كان فيها تخوف كبير من تنفيذ عمليات إرهابية، لكن وقتها جاءت أحداث سوسة، وبدل أن نخوض معركة «حل الدوسي»، أصبحنا نخوض معركة التصدي لقانون المصالحة وقتها، والجميع يعلم أن أول شيء قام به رئيس الجمهورية مباشرة بعد أحداث سوسة هو الدعوة إلى تمرير قانون المصالحة، بعدها تلتها عدّة مشاكل، فحالات طوارئ متكررة، وهو ما جعل حملة «حل الدوسي» تتوقف وقتيا، ولكن الحملة ستعود ليس فقط مع حزبنا وإنما مع كل الشارع التونسي الذي سيدافع عن مصالحه، وواجبنا هو أن نذكّر الناس بأهمية الرجوع إلى هذا الملف في أقرب وقت ممكن، واليوم سيتحمل وزير الطاقة الجديد المسؤولية الكاملة في صورة عدم إعادة فتح الملف، وستكون لنا لقاءات معه، لنطالب بالقيام بتدقيق كامل في الملفات بقرار من رئيس الحكومة ليقوم بذلك موظفون من الدولة، إضافة إلى عدد من نواب المعارضة في المجلس والمجتمع المدني والصحافيين الذين لهم إطلاع على مثل هذه المسائل، من أجل إرجاع حقوق الدولة التونسية وإعطاء المعلومات للشعب التونسي الذي له الحق في الإطلاع، طبعا نحن لدينا الكثير من المعلومات حول قضايا فساد في مجال الطاقة.
هل قدّمتم قضايا في هذا الشأن؟
نعم قدمنا قضية واحدة في هذا الجانب، ولم ينظر فيها القضاء بعد... طبعا نحن قدمنا قضية وحيدة، ولكن ما كنت أتحدث عنه هو عشرات القضايا، حتى لا أقول مئات.
عودة إلى الشأن السياسي، كيف تقرؤون الانقسام الحاصل اليوم في «نداء تونس»؟ ما مردّه حسب رأيكم؟ وما هو انعكاسه على الوضع العام في تونس بعد أن فقد الأغلبية في مجلس نواب الشعب؟
أولا، يجب التذكير بالحقيقة، وهي أننا في مجتمع غير متعود على العمل التطوعي والجمعياتي والحزبي، ولنا عقلية البحث السريع عن الكسب أضف الى ذلك خصوصية «نداء تونس» التي اجتمع الناس فيه على مغالطة وهي أن «الترويكا» الحاكمة هي أسوأ ما وجد، وأنهم الأفضل وهم الكفاءة والقادرون على مقاومة الإرهاب وتحقيق التقدم، وهو ما جعل عددا من التونسيون يلتفون حول هذا الحزب، من بينهم النخب القابلة للسقوط أمام الحملات بشكل غريب والتصديق بسرعة، هذا من جهة، من جهة أخرى، نوعية الناس الذين دخلوا في هذا الحزب جاؤوا بالعقلية السابقة، العقلية الانتهازية والعقلية القائمة على فكرة المصلحة، باستثناء من أتى على حسن نية ودون وجود أية نية شخصية، ولكن ما أريد التنبيه إليه هو أن المصلحة في عهد بن علي يمكن لها البقاء والاستمرار والتواصل، ذلك أن من لم يحقق مصلحته في وقت ما، يكون دائما له أمل تحقيقها في المستقبل، إضافة إلى وجود الخوف ومفهوم «العصا»، وهو ما يجعله مجبرا على الطاعة والانصياع وعدم التمرد والقبول بما حدث، لكن اليوم لم يعد هناك لا خوف ولا «عصا»، ولم يبق غير المصلحة القائمة والتي لا يمكن لها أن تشمل الجميع، باعتبار عدم وجود القدرة على جعل كل الناس وزراء أو رؤساء دواوين، لا يمكن تقديم الرخص للجميع، أو تشغيل أبناء الجميع، ولذلك كان من المتوقع أن ينفجر «نداء تونس» منذ تأسيسه.
بالنسبة لتأثير هذا الانقسام على الوضع، أنا لا أرى تأثيرا كبيرا، باعتبار أن الحكومة مدعومة ب 109 نواب لعدم سحب الثقة منها، وبالتالي لا ننتظر تغييرات كبرى، ستظهر كتلة جديدة في البرلمان يتبرؤون من أخطاء «نداء تونس»، ويعيدون العمل على فكرة إقناع التونسيين بأنهم البديل وربما ينجح ذلك، ذلك أنه في تصوري الخاص وفي قناعاتي «لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين»، أما في تونس فيلدغ مرتين وثلاثا وأربع، ونتمنى أن يعي التونسيون وألّا يقعوا مجددا في المغالطات التي وقعوا فيها سابقا. حامد القروي قال إن الحكومة سلّمت مفاتيح الحكم لحركة «النهضة»، بعدما قبلت بإقالة وزير الشؤون الدينية السابق عثمان بطيخ على إثر أزمة الأيمة...ما تعليقكم؟
لا أعتقد أن لتغيير وزير الشؤون الدينية علاقة بتسليم مفاتيح الحكم لحركة «النهضة»، «النهضة» جزء في الحكم، ولا أتصور أن هذا دليل على أن «النهضة» هي من تسيّر بنفسها ولوحدها البلاد، ولا أرى الإشكال في حكم حركة «النهضة»، وإنما الإشكال هو أن «النهضة» و«النداء» عندما يقومان بالتأثير على الحكومة، فإن تأثيرهما سيكون سلبيا، باعتبار أن ما يحركهما هو المصالح الحزبية، وهو ما يدفع الحكومة إلى البحث عن كيفية التوفيق بين «نداء تونس» و«النهضة» بدل أن تنشغل بخدمة مصالح البلاد وخدمة العباد، أضف إلى ذلك أن كلا الحزبين لا يؤمنان بمقاومة الفساد وبالحوكمة، اللذين يُعتبران الحل لتجاوز تونس كل الإشكاليات، أما بطيخ فأنا أرى أنه من الوزراء الذين وجب تغييرهم، باعتبار مشاكله مع الاتصال، خاصة بعد ظهوره الإعلامي في إحدى القنوات التلفزية والذي أثار كثيرا من الجدل على إثر تصريحاته.
ما هو برنامجكم للانتخابات البلدية والجهوية؟
أكيد ستكون لنا مشاركة في الانتخابات الجهوية والبلدية، طبعا ليس في كل المناطق والجهات، ستكون لنا مشاركة في المناطق التي لنا فيها مرشحون في المستوى المطلوب حتى لا يخطأ في حق المواطنين وأن لا يشكك في مصداقية الحزب، لدينا برنامج عام متعلق بتصورنا للعمل الجهوي والبلدي، وطبعا كل بلدية ستجهز برنامجها حسب ما تعانيه من مشاكل، وسنكون حاضرين إن شاء الله في الانتخابات على المستوى الجهوي والمحلي.
ماذا عن مشروع القانون المتعلق بالانتخابات البلدية؟
النقاش الجدي حول هذا المشروع لم ينطلق بعد، وكل الأحزاب مدعوة لإبداء الرأي فيه، ويجب التسريع في المصادقة عليه، وما أنبه إليه هو أن فكرة من يحصل على أغلبية ولو كانت أغلبية نسبية هو الذي ستكون له النسبة الكبرى في المجلس مسألة مرفوضة، تعودنا على فكرة تمثيل الجميع، وأريد أن أوضح أن فكرة وجود أقلية يمكن لها التأثير أو عرقلة قرار الأغلبية فكرة خاطئة، إذ يجب الحفاظ على وجود الأقلية، ويجب تجنب قاعدة من له الأغلبية النسبية هو من تكون له الأغلبية في المجلس. وأريد أن أنبه إلى أن مسألة إقامة المترشح من عدمه في المنطقة يمكن لها أن تخلق إشكاليات، إذ يجب أن نجد رابطا بين الشخص والمدينة التي سيترشح فيها دون الخوض في مسألة السكن من عدمه، والأهم وهو ما ينقصنا دائما هو مراقبة العمليات الانتخابية وتمويل الأحزاب السياسية والقائمات المترشحة الحزبية أو حتى المستقبلة، والتي يمكن أن يكثر فيها الفساد، كما يجب دعم المراقبة والشفافية.
في الشأن الدولي، كيف تقرؤون تدخلا عسكريا في ليبيا؟
ما لاحظناه مؤخرا في أوساط الرأي العام هو الرفض المطلق لأي شيء، هناك رفض للتعامل مع الحلف الأطلسي، رفض للتعاون في إطار إسلامي لضرب «داعش»، رفض التدخل في ليبيا، إذن ما الحل؟ ليبيا دولة شقيقة، لديها تخوف من مصر، نظرا للحكم العسكري ولضخامة عدد سكانها، ولكن ليس لديهم أي تخوف من تونس، طبعا نظرا للعلاقات التاريخية التي تجمعنا بإخواننا الليبيين، أما من الجانب الاقتصادي، فيمكن لنا أن نستفيد من ذلك، فإن دعمت تونس ليبيا مثلما فعلت في 2011، فإن ليبيا ستدعم تونس اقتصاديا ما إن يتحسن وضعها الأمني.
لكن تونس دعمت ليبيا سابقا كما قلتم في 2011، فماذا نالت كردّ للجميل غير الاختطاف والاعتداء؟
هذا غير صحيح، تجمعنا بليبيا علاقات جيدة، وهي تبادلنا نفس المشاعر، وحتى تسليم البغدادي المحمودي كان مرحبا به في ليبيا، ما عدا من طرف قبيلته، وربما أوضح مسألة أخرى، وهي أن العلاقات التونسية الليبية ربما شهدت توترا منذ سنة بعد تصريحات الباجي قبل توليه الحكم، والذي تدارك في ما بعد عندما تولى الحكم وأصبح رجل دولة وأعلن عن إنشاء قنصليتين في ليبيا ونحن دعمناه في ذلك، من أجل أن تكون لنا علاقات مع جميع الأطراف في ليبيا، خاصة على المستوى الأمني، باعتبار أن جل الإرهابيين هناك هم تونسيون يتدربون هناك، وبالتالي فإن ما أشدد عليه هو أنه سيكون لأي تدخل عسكري بليبيا تأثير كبير على الدول المجاورة خاصة تونس، وما نخشاه هو ألّا تكون عند التدخل العسكري مثلما حدث سابقا أية قيمة للحياة البشرية ممّا يجعلها أمام امكانية موت عدد كبير من المدنيين الأبرياء. وهناك مسألة ثانية هي أنه إلى اليوم لم يقع تنصيب الحكومة الليبية، وكان من المفروض ترك الحكومة الليبية تنتصب، فإن كان قراراها هو الاستنجاد بالمجتمع الدولي، نظرا لضعف الجيش الليبي وامتلاك المليشيات أسلحة من المفروض عندها ترك الأطراف الليبية تحارب على البر، وافساح المجال الجوي للحلف، وبغير هذه الطريقة لا يمكن القضاء على «داعش»، ومن مصلحتنا القضاء على «داعش» مع حماية سيادة الدولة الليبية.
أية تداعيات تتوقّعون لمثل هذا الهجوم على تونس؟
ستكون هناك تداعيات، باعتبار أن تونس ستكون وجهة اللاجئين من ليبيا، طبعا الليبيون لن يشكلوا عبئا على تونس، نظرا لإمكاناتهم المادية، فبعد أحداث 2011، وتوجه عدد منهم إلى تونس، أقام جزء منهم عند تونسيين وهناك أطراف أخرى بقيت في النزل، إضافة إلى كل ذلك، هناك منظمات دولية تعنى بشؤون اللاجئين ودول يمكن لها أن تدعم تونس في هذا الشأن. الخطر الأساسي الذي يمكن أن نواجهه هو تسرب عدد من الإرهابيين إلى تونس، وهنا يأتي دور الأمن والجيش. أما من الناحية الاقتصادية، دعمنا لليبيا سينتج عنه فتح أسواق الشغل للتونسيين في ليبيا.
كرجل قانون ومحام، ما مدى تأثير تأخر تنصيب المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية، خاصة على قطاع المحاماة؟
أولا، بالنسبة لمشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، ستكون هناك نسخة في القريب العاجل، ولا بد من المصادقة عليها بشكل لا يطرح أي إشكال أمام الهيئة الوقتية المشرفة على مراقبة دستورية مشاريع القوانين، كما أنه من الضروري اليوم إنشاء المحكمة الدستورية التي تجاوزنا فيها الآجال القانونية، إذ لا يمكننا البقاء اليوم في دولة تحترم نفسها دون محكمة تراقب دستورية مشاريع القوانين وتقدم القراءة الدقيقة للنصوص.
ما ذا عن قانون المخدرات الجديد؟
«ربي يهديهم، تعدات سلامات أما الكلام اللي قالوه خطير برشة»، نحن شعب مدمن مخدرات وخمور ومصدر للإرهاب لجميع الدول، ثم تعلمه بأن المستهلك لا يعاقب، ومن يتم القبض عليه بصدد استهلاك مخدرات تقع إحالته على العلاج، في الوقت الذي ليس لدينا فيه أي مركز لإعادة التأهيل غير مركز صفاقس ومركز جبل الجلود المغلق، هنا دخلنا في الشعبوية. طبعا أنا مع التفريق بين المخدرات الضعيفة والمخدرات الثقيلة على غرار الكوكايين، باعتبار أن استهلاكه 3 مرات، يجعل المستهلك مدمنا، في حين أنه يمكن الإقلاع عن أنواع المخدرات الضعيفة في أي وقت بمجرد أن تكون لك عزيمة، وعندما تساوي الدولة بين هذين النوعين من المخدرات فإن ذلك دليل على عدم وعي بأن التونسي يستهلك كميات كبيرة من الخمور والسجائر، وان تونس أكبر بلد مصدر للإرهاب، وعندما تعلمه بأنه لا عقاب لمن يستهلك المواد المخدرة، فمعنا ذلك أنك تقود شعبك إلى الهاوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.