بن عروس: انتفاع 57 شخصا ببرنامج التمكين الاقتصادي للأسر محدودة الدخل    العاصمة: وقفة احتجاجية لعدد من اصحاب "تاكسي موتور"    وقفة احتجاجية ضد التطبيع الأكاديمي    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    الإعداد لتركيز مكتب المجلس العربي للاختصاصات الصحّية بتونس، محور اجتماع بوزارة الصحة    إعلام هامّ من الوكالة الفنّية للنقل البرّي    صدور قرار يتعلق بتنظيم صيد التن الأحمر    600 سائح يزورون تطاوين في ال24 ساعة الأخيرة    حوادث : 13 قتيلا و354 مصابا في الأربع والعشرين ساعة    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    هلاك كهل في حادث مرور مروع بسوسة..    فاجعة المهدية: الحصيلة النهائية للضحايا..#خبر_عاجل    تسجيل 13 حالة وفاة و 354 إصابة في حوادث مختلفة خلال 24 ساعة    متابعة/ فاجعة البحارة في المهدية: تفاصيل جديدة وهذا ما كشفه أول الواصلين الى مكان الحادثة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواجه صن داونز .. من أجل تحقيق التأهل إلى المونديال    عاجل/ منخفض جديد وعودة للتقلّبات الجويّة بداية من هذا التاريخ..    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    حريق بشركة لتخزين وتعليب التمور بقبلي..وهذه التفاصيل..    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    جندوبة : اندلاع حريق بمنزل و الحماية المدنية تتدخل    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب هذه المنطقة..    الإعلان عن نتائج بحث علمي حول تيبّس ثمار الدلاع .. التفاصيل    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    "ألفابت" تتجه لتجاوز تريليوني دولار بعد أرباح فاقت التوقعات    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    البطولة الايطالية : روما يعزز آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الأوروبية    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    تواصل نقص الأدوية في الصيدليات التونسية    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي تتراجع بنسبة 3ر17 بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2024    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    قرابة مليون خبزة يقع تبذيرها يوميا في تونس!!    سعر "العلّوش" يصل الى 2000 دينار في هذه الولاية!!    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    طقس الخميس: سحب عابرة والحرارة بين 18 و26 درجة    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطاهر بلخوجة (وزير داخلية في عهد بورقيبة) ل«التونسية»:اختيار «الصيد» صائب شرط ألاّ يكون على منوال «المخزن»
نشر في التونسية يوم 08 - 01 - 2015

على الحكومة الجديدة إصلاح الصناديق الاجتماعية ومكافحة الفقر
لابدّ من القضاء على التعيينات الطفيلية في الإدارة والدولة
رأيي أن تضمّ الحكومة كل الحساسيات السياسية
نعم لمشاركة «النهضة» في السلطة على أساس «لكم دينكم ولنا ديننا»
تونس مطالبة بدعم «خليفة حفتر»
حاورته: سنيا البرينصي
اعتبر أن في تكليف الحبيب الصيد بتشكيل الحكومة القادمة تغليب للملف الأمني مضيفا أن قرار تعيينه صائب شرط ألاّ يگون على منوال تعيينات «المخزن» على حدّ تعبيره في (في إشارة الى التعيينات التي كانت تتم في عهد بورقيبة). ولاحظ أن هذا التكليف أثار غبطة حركة «النهضة» مقابل احتراز بقية الأحزاب الأخرى بما فيها «نداء تونس» مستدركا أن الحزب الأغلبي يفتقد الشرعية الديمقراطية حسب تعبيره.
وندد بعدم تشريك «الجبهة الشعبية» في المشاورات حول تشكيل الحكومة موضحا أنه لابد من قراءة ألف حساب لليسار مشيرا في ذات الصدد إلى أن إقصاء «النهضة» غير ممكن وأن امكانية تواجدها في الحكم وارد. وبيّن في سياق متصل أن هذه الأخيرة تخلصت من الإرتباط بالإرهاب وأنها مازالت مطالبة بأن تمضي قدما في طريق التونسة.
هذا بعض ما جاء على لسان السيد الطاهر بلخوجة وزير الداخلية في عهد الزعيم الحبيب بورقيبة الطاهر بلخوجة في لقاء «التونسية» له، تطرق فيه محاورنا إلى كل زوايا المشهد التونسي السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي في ظل وضع محلي وإقليمي بالغ الدقة والاشتعال.
الطاهر بلخوجة شدد كذلك على أن الإرهاب أصبح واقعا في تونس والمنطقة مبينا أن تنظيم «داعش» يخطط لإقامة إمارة إسلامية تمتد من درنة الليبية إلى جرجيس التونسية. وتابع بأن بقاء تونس على الحياد إزاء الصراع الدائر في ليبيا موقف غير صائب وأن تحديات المرحلة تحتم مساندة الجنرال خليفة حفتر والتنسيق مع كل دول الجوار للتصدي لغول الإرهاب.
وفي ما يلي نص الحوار:
بداية، أين يتموقع الطاهر بلخوجة في الخارطة السياسية الراهنة؟
لا جديد يذكر بالنسبة إلى تموقعي في المشهد السياسي الذي كنت قد أعلنت عنه منذ «الثورة». أعتقد أنني ساهمت سياسيا في بناء أسطورة القرن العشرين المتمثلة في الزعيم الحبيب بورقيبة. ولذلك أعتبّر أنه من أوكد واجباتي ونظرا لتمرسي السياسي الذي اكتسبته طيلة ثلاثين سنة في ظل نظام بورقيبة أن أعبر عما يراودني بخصوص مستقبل البلاد. كذلك قرّرت منذ إندلاع «الثورة» وحتى قبلها عدم الإستجابة إلى دعوات تتعلق بالمراسم الرسمية أو الإجتماعات الحزبية. وأضيف لك أنني رفضت تقلد رئاسات شرفية لعدة أحزاب، رغم قبولي التشاور والتحادث مع عديد السياسين حول أحوال البلاد بصفة معمقة حتى أنير وأستنير في المشاورات حول مقتضيات المرحلة التي تشهدها تونس. وأنا إلى غاية اللحظة، كما ترين، أساهم في هذا التمشي بتدخلات إعلامية.
هل تمت دعوتكم للتشاور حول تشكيل الحكومة الجديدة على غرار بعض الشخصيات البورقيبية مثل مصطفى الفيلالي وأحمد بن صالح وغيرهما؟
أولا، أنا كنت متواجدا خارج الوطن وعدت لتوي إلى تونس. وكما أكدت لك منذ حين، أنه ليس لي أية علاقات رسمية مع الأطراف السياسية لأني أصر على أن تكون دائرة علاقاتي خاصة وعفوية مع كل الأطراف. وكان آخرها لقاء جمعني برئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي منذ فترة، وأنت تدركين أن «المجالس أمانات» كما يقال. ولكن يمكنني القول أن لقائي بالغنوشي كان شيقا ومفيدا بالنسبة لنا، حيث عدّلنا معا بعض الأوضاع.
وما موقفكم من انتخاب السبسي رئيسا للجمهورية؟
الباجي قائد السبسي هو الآن رئيس الجمهورية التونسية. وهو بذلك وحسب ما صرح به سيكون رئيسا لكل التونسيين على منوال رؤساء الدول المتحضرة. يجب أن نساند رئيس الدولة الجديد لما فيه خير البلاد وللانتصار على كل التحديات التي تواجهها تونس. السبسي ينطلق اليوم وكما حددته صناديق الإقتراع بأغلبية انتخابية لتعود تونس الى ما كانت عليه من هيبة ووقار وليسترجع التونسيون ثقتهم في الدولة وفي مسؤوليها.
لكن أطرافا عايشت الفترة البورقيبية تكاد تجزم بأن علاقتكم بقائد السبسي كانت متوترة نوعا ما، فهل من توضيح؟
أنا أجزم بأن علاقتي الشخصية بالباجي قائد السبسي كانت طيبة وتبدأ دائما بالمداعبة السياسية وتنتهي بالخوض في أعماق المسائل. وتبين ذلك عندما التقينا عديد المرات وفي مناسبات عدة.
يعني لا وجود لأي إشكال يذكر ماضيا وحاضرا بالنسبة لموقفكم من رئيس الجمهورية الحالي؟
ما يقلقني أحيانا في شخصية السبسي هو عدم الوضوح في التمشي السياسي الذي كان ينتهجه في الماضي. وكذلك التمشي الذي ينتهجه في الوقت الراهن والمتمثل في إصراره على إرضاء جميع الأطراف ولو كان ذلك بشكل سطحي. كذلك، وخلال السنوات الأخيرة لوحظ وجود نوع من الإرتباك لدى التونسيين بعد حدوث لقاءات خاصة وعالية المستوى بين السبسي والغنوشي، حيث ارتكزت هذه اللقاءات على أساس اختيار التحالفات أو اختيار التعايش أو التشارك أو التشاور، وربما يبدو هذا الأمر عاديا وطبيعيا لكل الأطراف السياسية. ولكن بالنسبة لي كانت هذه اللقاءات هي الأمر الوحيد الذي كنت حذرا منه نوعا ما.
أما اليوم، فنحن لدينا رؤساء جمهورية وبرلمان وحكومة جدد. وبالتالي، فإنه من الممكن أن يطغى الإنسجام والوفاق بين هذه المراكز النافذة سياسيا مع ضمان توفر الإلتزام بالإستقلالية دون الخلط بين المسؤوليات. وبما أن الشعب مازال مرتبطا ذهنيا ونفسيا بالنظام الرئاسي إلى حد الآن، فلتكن إذن فرصة ليعرف الجميع بأننا قد اخترنا النظام البرلماني المعدّل، أو كما يريده البعض الرئاسي المعدل. وكذلك كفانا تجاذبا بين السلط الثلاث مثلما حدث خلال السنوات الأخيرة، لأن الشعب لا يمكن أن يتحمل أكثر مما تحمّل. الشعب يريد حكما مستقرا وواضح المعالم ويطالب بتحقيق تطلعاته ومطالبه في عدة مجالات.
هل ترون أن السبسي هو «رجل المرحلة بامتياز» كما يعتبر البعض؟ وما ردكم على التشكيكات التي تطلقها بعض الجهات حول مدى جاهزيته الصحية لقيادة الدولة في مرحلة دقيقة تمر بها البلاد؟
الأعمار بيد الله، هذا أولا. وثانيا، ومن منطلق أخلاقي، نحن ندعو له بطول العمر. وفي اعتقادي أن السبسي له من الإمكانات اليوم وغدا بما يسمح له بالحكم الرشيد في السنوات المقبلة. لكن بودي الإشارة إلى أن قائد السبسي ورغم استقالته من حزبه «نداء تونس» يبقى مطالبا بالسهر على أن يستقر الوضع داخل «النداء» وأن يقوم بتركيز هياكله في كامل جهات البلاد وخصوصا في أعماقها كما كان الشأن بالنسبة للحزب الدستوري منذ نشأته عام 1934 في عهد الزعيم بورقيبة. أيضا على «نداء تونس» عقد مؤتمره في أقرب الآجال حتى تتبلور شرعية المسؤولين عليه ويضبط مسيرته خلال المرحلة القادمة.
وهذا الأمر ينطبق على جميع الأحزاب حتى لا نقع من جديد في فراغ سياسي بعد رحيل المسؤولين الأُوّل بعد خمس سنوات أخرى. ونذكر أن تونس عاشت هذا الفراغ في مرتين: الأولى في آواخر عهد بورقيبة وهو ما التقطه عسكري سنة 1987 والثانية، إبان الثورة حين سقط العسكري وفي غفلة سياسية انتصب الإخوان في الحكم.
وكيف تقرؤون قرار تكليف الحبيب الصيد برئاسة الحكومة، وهل تعرفون الرجل وهل تروْن أنه «الرجل المناسب في المكان المناسب»؟
لم تتوفر لي فرصة لقاء الصيد شخصيا. ولكن أعرف مسيرته، فقد تقلد عديد المناصب، حيث كان مديرا لديوان عبد الله القلال في النظام السابق، وكذلك عين بديوان وزير الداخلية في عهد العريّض ومستشارا أمنيا لدى الجبالي وكذلك وزيرا للداخلية في حكومة السبسي، وهو ما يؤهله لتولي مناصب قيادية في الدولة. ولكن كنا جميعا نترقب تعيين كفاءة اقتصادية مرموقة ومهنية وذات حس سياسي فائق نظرا للتحديات الاقتصادية التي تمر بها البلاد. إضافة إلى ذلك لوحظ أن تكليف الصيد بتشكيل الحكومة أثار غبطة «النهضة» مقابل احتراز كل الأحزاب الأخرى بما فيها «النداء» ولو كان ذلك ضمنيا.
أيضا من الطبيعي جدا أن يختار رئيس الجمهورية رئيس حكومة على أساس الإخلاص له. ولكن هذا الإختيار لا يجب أن يكون على منوال « المخزن». في اعتقادي أن اختيار الحبيب الصيد قرار صائب على أساس أن فيه تغليبا للجانب الأمني واستقرار البلاد ووضعهما على سلم الأولوية القصوى للعمل السياسي في المرحلة المقبلة. ولا أقول هذا الكلام نظرا لصفتي الأمنية كوزير داخلية أسبق ولكني أرى أن اختيار المسار الأمني كأولوية خطوة صائبة بما أن كل المسائل الأخرى سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالملف الأمني.
وإذا تعمقنا في هذه النقطة بالذات، فإن تبنّي مسؤولي الدولة الجدد لملف مكافحة الإرهاب يجب أن يكون على أساس أن تونس هي حلقة من حلقات الإرهاب في المنطقة ككل وأن مكافحة الإرهاب هي مكافحة إقليمية واحدة وليست مجرد مكافحة محلية. ومن هنا يتجلى دور الجزائر بصرامتها وصلابتها المعهودتين وكذلك بنجاحها في التصدي لتوغل الظاهرة، ولهذا نحن لم نسمع إلى حد الآن عن حدوث اغتيالات جسيمة فيها لا قدر الله طبعا. ولذلك فإن المرحلة تستوجب تعزيز وتدعيم العلاقات التونسية الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب. وكذلك الشأن بالنسبة لمصر التي أخرجت الإخوان المسلمين من الحكم وقامت وهي تتصدّى لتوغّل تنظيم «داعش» في المنطقة. وأيضا ليبيا التي تغلغل فيها الإرهاب وأصبحت الحلقة التوسعية للجماعات الإرهابية بالمنطقة.
هل تلمحون إلى أن قرار تونس بالبقاء على الحياد تجاه بعض القضايا الإقليمية قرار غير صائب؟
أعتقد أن إعلاننا عدم التدخل في شؤون الغير لا يتماشى مع الوضع الإقليمي الذي يهيمن عليه انتشار الإرهاب. ولذلك، وفي إطار النظرة الإستشرافية وحتى نقي أنفسنا مستقبلا، وكذلك إذا اعتبرنا أن الإرهاب ظاهرة واحدة وتهم كل دول المنطقة وخصوصا إذا علمنا أن «داعش» تخطط لتركيز إمارة إسلامية تمتد من درنة إلى جرجيس، يصبح من الواجب أن نعلن تأييدنا لكل الأطراف التي تكافح الإرهاب مثلنا وأولهم الجنرال خليفة حفتر وكل من يسانده في المنطقة وخارجها من الدول الكبرى لذات الغرض.
أيضا نحن نعرف أن الظاهرة الإرهابية مستفحلة في بلاد الشام وهناك تقع مواجهتها من الدول الكبرى وبعض دول الخليج لأنه تبين أن الخطر واحد ويهدد كل الدول العربية والإسلامية. ولذلك، فعلى الجميع من مسؤولين ومواطنين الإقتناع بهذه التحديات والدخول في مواجهة كبرى مع الإرهاب للقضاء عليه. ولكن علينا أن نعي في المقابل، ولسوء الحظ، أن الخطر الإرهابي سيستمر لسنوات طوال وعلينا أن نكون حذرين ومستعدين لكل التحديات من أجل حماية الوطن عبر تفعيل اللحمة الوطنية والمساندة الإقليمية والتعاون مع الدول الكبرى للقضاء على هذه الآفة.
يرى متابعون أن حركة «النهضة» اتخذت مؤخرا موقفا حاسما تجاه الظاهرة بعد أن لاحقتها اتهامات بالتساهل إلى حد التواطئ مع الإرهاب عندما كانت في السلطة حسب تعبيرهم، فإلى أي مدى يصح هذا القول؟
أعتقد أن الغموض الذي ساد خلال السنوات الأولى من «الثورة» المتعلق ببعض التواطئ مع التوجهات الإرهابية توضح مؤخرا، حيث يمكن القول أن «النهضة» تخلصت من هذه الإرتباطات وكذلك أعلنت خروجها منها. ولكن يبقى المطلوب من «النهضة» القطع النهائي مع بعض الجماعات الإرهابية أي القطع علنا مع الإخوان المسلمين ومن تبعهم من قريب أو من بعيد. وعلى «النهضة» أن تشق طريقها كحزب سياسي مدني تونسي. وشخصيا كنت قد أكدت ذلك في لقائي مع الغنوشي، بمعنى أن يكون لنا حزب سياسي مدني بمرجعية إسلامية تقوم على أساس الفصل بين الدين والدولة، كما هو الشأن الآن في ألمانيا وإيطاليا وأمريكا وأن يكون من واجب هذا الحزب تأطير فئة من المواطنين التونسيين تفكر انطلاقا من مرجعية دينية إزاء عديد المسائل.
«النهضة» من أول الأحزاب التي عبّرت عن ترحيبها برئيس الحكومة الجديد، فهل يعني ذلك أن هناك تحفظات وربّما شكوكا حول مدى استقلالية الرجل، مثلما ترى بعض الأطراف؟
هذه المسألة تنطبق على جميع المسؤولين الجدد، إذ لا يمكن أن تكون لهؤلاء أية تمثيلية حزبية وهم مطالبون بتجنب تفعيل حساسياتهم الحزبية والسياسية أثناء أداء مهامهم على رأس الدولة. ولهذه الأسباب يجب أن يكون اختيار الصيد ومن سيتبعه في الحكومة على أساس الكفاءة والحس السياسي والقدرة على مواجهة الإشكاليات الأمنية والإجتماعية والإقتصادية. وللتذكير فقط، فقد ثبت أنه تم التمحّص في توجهات المسؤولين خلال حكم «الترويكا» لما تم اختيار وزراء «محايدين» على رأس وزارات سيادية. ولكن في كل الحالات، علينا أن نحافظ على حسن الظن في الحكومة الجديدة ونحن سنعمل على دعمها. لكن من المفروض أن يقع محاسبة أدائها ومدى فاعليتها بعد 100 يوم من وجودها في الحكم.
ما هي أهم التحديات التي يمكن أن تواجهها حكومة الصيد؟
أهمها على الإطلاق التحدي الأمني واستقرار البلاد والمحافظة على كيان الدولة. وفي هذا الإطار، كنا قد بينا أن الملف الأمني يحتل صدارة الاختيارات بالنسبة لرئاسة الجمهورية ولرئاسة الحكومة. ويمكن القول أن تونس نجحت نوعا ما في صد اندفاعات الإرهاب ولو أنني أعتقد أن هذه الجماعات لم تقرر بعد الدخول في معركة تونسية لأنهم منشغلون بالمعركة الليبية. أما بالنسبة لبلادنا فالإرهاب يقتصر حتى الآن على إثبات تواجده في كامل أنحاء البلاد بتوجيه ضربات متفرقة وبطريقة بربرية في محاولة لبثّ الرعب في نفوس قوات الأمن والجيش.
تقصدون أن وجود ما يسمى ب«داعش» وخلاياها النائمة في ديارنا أصبح واقعا ؟
بعد «القاعدة» وتنظيم «أنصار الشريعة» يمكن القول أن تنظيم «داعش» أصبح موجودا في شمال إفريقيا وفي بلاد الشام ومالي وإفريقيا السوداء. ويمكن القول كذلك أن أمر هؤلاء قد افتضح الآن بعد أن تبين للمسؤولين محليا وإقليميا ودوليا بأن الخطر واحد. ولهذا فمن الواجب أن نقتسم الأدوار لمواجهة هذه الآفة. أما بخصوص تونس، فنحن نسجل ارتياحنا لما أعلنت عنه مؤخرا وزارة الدفاع الوطني حول تكوين هيكلة جديدة وعصرية مماثلة للهياكل الموجودة في الدول العظمى والمتمثلة في إحداث القطب الأمني بالتعاون مع وزارة الداخلية ومن مهامه جمع المعلومات والإستخبارات من جميع الجهات والتنسيق بينها حتى تصبح الأداة الفعالة ضد الجماعات الإرهابية. ونحن نؤيد هذا الخيار لأنه يفعّل خروج الإرهاب من وضع الهجوم إلى وضع الدفاع عن النفس عبر ضرب هذه الجماعات في عقر دارها.
هذا التمشي يجب أن يتنزل في إطار خطة أمنية شاملة كما هو موجود في الدول الكبرى حتى تندرج هذه الخطة في إرساء منظومة للإرشاد والتمحيص والتحليل الأمني وأيضا ضبط الإستراتيجيات الأمنية ضمن هيكلة مستقلة لتكون خطة ذات صبغة جمهورية محايدة تخدم الدولة لا الأحزاب ولا الحكومات.
وفي ذات الإطار نسجل ارتياحنا لإحداث القطب القضائي شرط ألاّ يرتبط بدوائر العدلية الكلاسيكية ويكون مستقلا ويشرف عليه رجال مستقلون يضبطون قانون مكافحة الإرهاب. أما بالنسبة لوزارة الداخلية التي أبلت البلاء الحسن ولو نسبيا في مكافحة الإرهاب، فلا بد من التعمق في هيكلتها والقضاء على الإختراقات الحزبية التي بداخلها بغاية
إعداد العدة لضمان أمن جمهوري محايد في وزارة خاصة بالأمن.
هناك أنباء عن إمكانية الإبقاء على الوزير المكلف بالأمن في منصبه، فهل ترون أن هذا الأمر مفيد في حلحلة الملف الأمني؟
رضا صفر كما عرفته عند انتدابه وبعد هو رجل أمني ومهني فائق المستوى في مجال وضع الإستراتيجيات الأمنية كما أن له وزنا لدى النقابات الأمنية في عديد البلدان. ولكن لا بد أن يلقى عمله معاضدة بتوفر إرادة سياسية توظف مؤهلاته الأمنية لما فيه خير للوطن.
في ظل التحديات الاقتصادية والإجتماعية الصعبة هل تعتقد أن تنجرّ الحكومة الجديدة الى قرارات لا شعبية؟
ربما يكمن الحل في ضرورة إرساء قطب إقتصادي يجمع بين قطاعات التجارة والتخطيط والمالية والتنمية الجهوية. وإرساء هذا القطب يتز امن مع ضرورة تواجد وزير واحد وعدد من كتاب الدولة المختصين على رأس هذا الهيكل بغاية وضع أسس استراتيجية اقتصادية على المدى الطويل أو بالأحرى على مدى خمس سنوات كاملة وأكثر. . وهنا بودي الإشارة إلى ضرورة اقتناع جميع الأطراف من مسؤولين ومواطنين بهذا التمشي والإنخراط في دعمه والمثابرة عليه كما ثابرنا على الملف السياسي. كذلك على منظمتي الإتحاد العام التونسي للشغل والأعراف التجند للغرض.
أيضا، على الحكومة الجديدة أن تبدأ بإصلاح وضع الصناديق الإجتماعية التي أفلست في السنوات الماضية وهي صناديق الدعم والتقاعد والتغطية الإجتماعية مع ضرورة العدول عن سياسة المساواة واعتماد مبدأ الإستحقاق حتى نضمن توفر العدالة الإجتماعية. وهذه المسألة تستلزم تفعيل ما كنا قد رفضناه خلال الثمانينات أي المقترح الذي قدمه وزير الاقتصاد آنذاك منصور معلى الذي اتفق وقتها مع صندوق الدولي للتوصل الى تفعيل حقيقة الأسعار بعد 10 سنوات مع تعديلها وما يستجيب لمقتضيات المرحلة بالطبع.
أما بخصوص التحديات الإجتماعية، فعلى حكومة الصيد مكافحة الفقر. مع العلم أننا جميعا ندرك أن الفقر آفة اجتماعية طبيعية في كل المجتمعات وتواجدت منذ آلاف السنين وستبقى موجودة. ولكن هذا لا يعني تجاهلها لأن هناك أوضاعا اجتماعية متردية لا يمكن القبول بها، حيث يوجد حوالي 28٪ من التونسيين تحت خط الفقر. هنا أوضح أن مساعدة الفقراء لا تعني توزيع الإعانات المالية عليهم بل لا بد من إيجاد الإمكانيات اللازمة لسد رمق هؤلاء ولو بصفة وقتية إلى أن يتم تركيز الورشات المهنية وتفعيل التشغيل حتى يصبح المواطن التونسي منتجا وحتى يجد موطن الشغل الذي يحفظ له كرامته. وفي ظرف سنوات قليلة بإمكاننا خلق هذه المدارس المهنية للقضاء على ظاهرة البطالة.
يعتبر محللون أنه تمّ زرع «ألغام» بمفاصل الدولة خلال فترة «الترويكا» على غرار التعيينات الحزبية مثلا، مما من شأنه عرقلة أداء أية حكومة جديدة، بماذا تردون؟
اللغم الأساسي الأول الذي قاسينا منه في الفترة الإنتقالية وستقاسيه بصفة أكبر الحكومة الجديدة هو لغم التعيينات والإختراقات الحزبية العديدة بمفاصل الدولة. وإن لم يكن بالإمكان مراجعة كل التعيينات، فإن الحكومة المقبلة مطالبة بضبط استراتيجية واضحة في الإنتدابات بعدم انتداب أي موظف عمومي خلال المرحلة القادمة وعبر إعداد خطة جديدة تقضي على جميع التعيينات الطفيلية في مفاصل الإدارة والدولة حتى نضمن توفر انتاجية قصوى لجميع المؤسسات في كل الميادين.
حديث عن خلافات وتباينات في الرؤى ب«النداء» حول جملة من المسائل، فهل يؤشر هذا على أن هذا الحزب قد يعيش إشكاليات هيكلية بعد مغادرة رئيسه على غرار ما عرفه حزب «المؤتمر»؟
هي خلافات عادية تقع في كل الأحزاب. حزب «نداء تونس» هو حزب فسيفساء من التوجهات والإيديولوجيات وهو لا يعتمد على شرعية ديمقراطية إلى حدّ الآن. وهذا يتوجب إصلاحه خلال المؤتمر القادم للحزب وعندها سيجد منخرطوه قاسما مشتركا بينهم يجمعهم في مسارهم السياسي والإجتماعي خلال المرحلة المقبلة.
وأريد التعريج هنا على بعض الأحزاب الأخرى ومن بينها حزب «المسار»، لأقول أنه حزب مواظب على اختياراته الديمقراطية عندما طالب بوحدة سياسية وانتخابية. وكذلك الشأن بالنسبة ل«الجبهة الشعبية» التي لها مبادئ تميّزها عن بقية الأحزاب. أما آفاق تونس فهو حزب وسطي ليبيرالي سيلعب دور الحكم في المرحلة المقبلة بالنسبة إلى الأغلبيات البرلمانية.
وپبخصوص «الاتحاد الوطني الحر»، فأنا لا أعرف عنه الكثير. لكن أعتقد أن التزاماته ومقاصده ستتبلور في المستقبل.
على ذكر «الجبهة الشعبية»، هل ترون أن عدم تشريكها في المشاورات حول الحكومة خطوة أولى في طريق إقصائها؟
أعتقد أنه كان من المفروض التشاور مع «الجبهة الشعبية» مهما كان موقفها واختياراتها. اليسار له دوره داخل الحكومة وخارجها وفي بلورة المشهد السياسي في البلاد. كما أن لديه أنصاره وفئاته الاجتماعية والسياسية التي يجب قراءة ألف حساب لها.
هل من الوارد مشاركة «النهضة» في الحكم؟
تركيبة الحكومة المقبلة يجب أن تضم كل الحساسيات السياسية سواء الفائزة أو غير الفائزة في الإنتخابات التشريعية. وتشريك هذه الأحزاب في الحكم لا يجب أن يتم على أساس اقتسام الحكم بين «النداء» و«النهضة» رغم ثقل وزنهما بل على أساس التعويل على كفاءات وطنية ومهنية مهما كان حسها السياسي وهذه الكفاءات مطالبة بالتزام الحياد الحقيقي من أجل المصلحة العليا للبلاد. ولعل هذا الأمر يعود بي إلى موقف الغنوشي الذي رفض تمرير قانون الإقصاء الذي كان سيتسبب في فتنة كبيرة رغم أن هذا الأخير مطالب بتطوير حزبه وعقليات أقرانه والتكيف مع الأحزاب المدنية.
ولذلك فتواجد «النهضة» في الحكم كأشخاص لا كحزب يبقى واردا.
ولكن غاية أغلب منتخبي «النداء» كانت قطع الطريق أمام عودة «النهضة» وأحزاب «الترويكا» للسلطة؟
لا يمكن إقصاء «النهضة» تماما لأنها أحببنا أو كرهنا تمثل حوالي 30 ٪ من الشعب التونسي. لكن تواجد «النهضة» يجب أن يكون على أساس أنه «لكم دينكم ولنا ديننا» وعلى أساس توفر الاحترام الكامل وعدم الخلط بين الأمور للوصول إلى تكريس حكم يرتضيه المواطنون الذين سيتحلون باليقظة الكاملة لمراقبة إنتاجية كل الأطراف، ولا ننسى أن الحكومة ستكون مسؤولة أمام البرلمان وليس أمام رئيس الجمهورية الذي له الحق في التدخل من أجل استنهاض الهمم.
هل تتوقعون حدوث نوع من الصراع السياسي بين الكتل البرلمانية خلال الفترة القادمة على غرار ما حدث في التأسيسي؟
لا يجب أن يكون البرلمان القادم غرفة تسجيل لصالح الحكومة أو لصالح حزب ما. ولا يجب البتة أن يكون هناك أي موطن للصراع بين الأحزاب لنتجنب ما حصل في التأسيسي في الفترة الإنتقالية حيث فقد خلالها كل مصداقية لدى المواطنين. ولذلك لا بد من القضاء على انتهاج السياسات الفرجوية والإستعراضية داخل البرلمان. كما أنه لا يجب القبول بنظام الكتل المتكون من 9 أعضاء كما اقترحته بعض الجهات لأن هذا الأمر سيتسبب في ظهور فسيفساء من الأحزاب. ولهذه الأسباب يتوجب التخفيض في عدد الكتل وعدد أعضائها.
حكمكم على أداء حكومة مهدي جمعة؟
هي أدت واجبها ولكنها لم تف بكل تعهداتها. كما أنها حكومة انتقالية وكفى البلاد من كل الإنتقاليات الآن وخاصة تلك المتعلقة بكارثة رئاسة الجمهورية السابقة.
رأيكم في خطاب المرزوقي بعد الإعلان عن نتائج الرئاسية والذي رأى فيه البعض استحسانا للاحتجاجات في الجنوب؟
خروج المرزوقي من الحكم كان بصفة حضارية. ولكن هذا لا يجعلنا ننسى مغامرته الأخيرة عندما استحسن احتجاج أهل الجنوب وكانت دعوته خفية إلى مظاهرات سلمية يدرك في قرارة نفسه أنها ستنقلب إلى مظاهرات عنيفة وربّما الى حرب أهلية بالبلاد. وهنا وإحقاقا للحق أستحسن موقف رئيس حركة «النهضة» الذي وقف وقفة حاسمة ضدّ المرزوقي بتحذيره وبتوجيه نداء إلى المتظاهرين وخاصة بمسقط رأسه يتضمن دعوة إلى الكف عن الاحتجاج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.