فيما نددت رئاسة الحكومة بتعمّد أمنيين اقتحام حرمة مقر رئاسة الحكومة بالقصبة وتعطيل نسق العمل وترديد شعارات سياسية ، حملت نقابة قوات الأمن الداخلي، في تدوينة على صفحتها الرسمية، الحكومة مسؤولية ما وصل إليه الوضع اول أمس، معتبرة أنه على الحكومة قبل تتبع 8000 أمني دخلوا الى القصبة مطالبين بحقوقهم، محاسبة نفسها بما اقترفته في حق الأمنيين مضيفة أنه على الحكومة مراجعة تصرفاتها التي أدت لما اعتبرته «عملية احتقان كبيرة في صفوف الأمن» وانه إذا ثبت حصول تجاوز من طرف قيادات النقابة فالقانون هو الفيصل.تنديد واستهجان في المقابل، تتالت ردود الفعل حول احتجاجات الامنيين بالقصبة واقتحامهم ساحة الحكومة حيث اعتبر حزب «التيار الديمقراطي»، في بيان اصدره أمس، إقدام عدد من الأمنيين على اقتحام مقرّ رئاسة الحكومة تعدّيا صارخا على الدستور وخرقا خطيرا لمبادئ الجمهورية خاصة في ظل الظرف الدقيق الذي تمر به تونس. وأشار الحزب إلى أن من شأن هذه الممارسات أن تعرّض أمن الوطن واستقراره إلى الخطر، معتبرا أن الدور الطبيعي لقوّات الأمن الوطني في هذا الظرف الحساس هو الدفاع عن أرض الوطن في مختلف الجهات. ودعا «التيار» الحكومة إلى «محاسبة المسؤولين عن هذا التمرّد»، مؤكدا ضرورة التقيد بأحكام الدستور الذي يضمن الحق النقابي للأمنيين دون الإضراب بتراتيب المؤسسة الأمنية التي تقوم على الانضباط، وفق نص البيان ذاته. اما حركة «تونس الارادة» فأكدت في بيان لها أن النقابة الوطنيّة لقوات الأمن الداخلي أقدمت أول امس على اقتحام ساحة الحكومة بالقصبة بتخطّي الحواجز الأمنيّة ورفع شعارات سياسيّة وانقلابيّة لا صلة لها بالمطالب النقابيّة والاجتماعيّة المشروعة لأسلاك الأمن المختلفة. وإذ استنكر «حراك تونس» الإرادة هذا الخرق الصارخ للدستور وندّد بهذا المنحى الانقلابي على العمليّة السياسيّة الديمقراطيّة فإنّه استهجن استهداف رئاسة الحكومة وأحد رموز السيادة داعيا إلى تطبيق القانون بقوّة في مواجهة هذه التجاوزات الخطيرة وغيرها منبها إلى أنّ هذا التمرّد المهدّد للدولة وللسلم الاجتماعي يتزامن مع مخاطر محليّة وإقليمية ويمنع بلوغ مؤسسات الدولة ما تحتاجه من وحدة ويقظة شاملة واستعداد دائم وفي مقدّمتها يقظة المؤسسة الأمنيّة ووحدتها وجهوزيتها. شعارات مؤلمة في المقابل، علّق مهدي بالشاوش الناطق الرسمي باسم نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل في مداخلة على أمواج «موزاييك» على احتجاجات الأمنيين في ساحة الحكومة بالقصبة أمس، معتبرا أنها «مكابرة وتعنت وعناد لا غير» وأن من شاركوا فيها «لا يمثلون جميع الأمنيين». واستنكر بالشاوش ما رُفع من شعارات في ساحة الحكومة بالقصبة، معتبرا أنها «شعارات مؤلمة تضمنت ثلبا وهتكا لأعراض النقابيين لسعد الكشو والصحبي الجويني». وعبّر بالشاوش عن استغرابه من تظاهر الأمنيين بعد إمضاء الاتفاق مع السلط المعنية، قائلا: «لقد تم الاتفاق مع رئاسة الحكومة على تمكين الأمنيين من حقوقهم وأمضى على هذا الاتفاق 22 ألف أمني، فلماذا الاحتجاجات اليوم.. وما فائدة التّعنت دون الوصول إلى نتيجة ؟' واعتبر أن الوضعية المادية للأمني حاليا لا تليق بالدور الذي يقوم به في حماية البلاد والتصدي لآفة الإرهاب، ملاحظا إن جميع الأمنيين في العالم يخضعون لمنظومة تأجير خاصة حسب المخاطر التي يواجهونها. فشل المفاوضات واعتبر الامنيون المحتجون أن الحكومة «لم تنصف العاملين في المؤسسة الأمنية مع أنهم يواجهون المخاطر ذاتها التي تواجهها المؤسسة العسكرية في عمليات مكافحة الارهاب وملاحقة الجماعات المسلحة والجريمة المنظمة وأنشطة التهريب». وأوضحت النقابة أن الاحتجاجات ستستمر الى حين التوصل الى حلول مع رئاسة الحكومة وهددت في حال عدم الاستجابة لمطالبها بعدم تأمين الجلسات بالمحاكم ومقاطعة تحرير المحاضر ضد المخالفين وتيسير حركة المرور في المعابر البرية ونقل المواد الحساسة، ومقاطعة تأمين الأنشطة الرياضية والثقافية والعمل الإداري في مرحلة لاحقة. يذكر ان المئات من الأمنيين من منتسبي النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي، التي تضم أكثر من نصف أعوان المؤسسة الأمنية والمقدر عددهم ب80 ألف، استأنفوا احتجاجاتهم أمام مقر الحكومة بالقصبة ورفعوا شعارات تطالب «بتسوية وضعياتهم« مصرّين على «ايصال أصواتهم في يوم الغضب في ظل استمرار التغاضي عن تحسين أوضاعهم المالية والاجتماعية». وكانت الحكومة قد أقرت زيادات في المنح لأفراد الجيش تصل إلى 400 دينار بما يعادل أربعة أضعاف نظيرتها المخصصة لأعوان الأمن، إلى جانب زيادات في الأجور لأكثر من 800 الف من موظفي القطاع العام.