لأنّ الأمر يتطلب التوضيح - تزامنا مع ارتقاء المعلّمين إلى رتبة «استاذ تعليم ابتدائي » حسب اتفاقية وزارة التربية مع الطرف النقابي والذي سيشمل كل المعلّمين في السنة الدراسية المقبلة - ليس أمامنا إلا الاختصار والتبسيط حتّى نعمّم الفائدة لقرائنا وخاصة منهم رجال التعليم ومصالح وزارة التربية المهتمة بالجانب البيداغوجي. فالمعلّم عند انتدابه يدخل في تربّض لمدّة سنتين يشتغل فيهما تحت رتبة «معلّم متربّص» ويشارك في شتّى اللقاءات البيداغوجية والملتقيات التكوينية .. ولما تنتهي سنتا التربّص يتمّ تفقّده من قبل المتفقد البيداغوجي لإقرار ترسميه وينتقل إلى خطة «معلّم مترسّم». وفي السنة الدراسية الثالثة يعود المتفقد البيداغوجي من جديد لحضور نشاط المعلم في قسمه أمام تلاميذه ليسنده عددا قاعديا عادة ما يتراوح بين 10 من 20 و12 من 20 ... ثم تتكرّر مثل هذه الزيارات بعد نهاية كل سنتين ليزداد العدد القاعدي بحساب نصف نقطة إلى نقطتين .. ولما يصل العدد إلى 14 من 20 يشارك المعلم في الارتقاء الآلي إلى «معلم تطبيق» وكلما ارتفع العدد البيداغوجي بمرور السنوات وتتالي زيارات المتفقد تنفتح أبواب الارتقاءات على مصراعيها نحو «معلم تطبيق أوّل» ثم «معلم أوّل فوق الرتبة» ويشقى المعلم ويتعب في شتّى متطلبات التفقد البيداغوجي حتى ينال أحسن الأعداد ويصعد إلى أعلى الرتب .. أما اليوم فإن الجميع يقفون في أعلى الهرم والكل سائرون نحو خطة «أستاذ» وهي من أرقى الرتب وأعلاها داخل المدرسة الابتدائية مما يجعل العدد البيداغوجي خارج الموضوع بل صارت لا قيمة له باعتبار الارتقاء الآلي الذي لايعترف به جملة وتفصيلا ومعه ذبلت جذوة العطاء لدى المعلم حتى صارت زيارات المتفقد البيداغوجي ودّية بعد أن كانت في الماضي ذات قيمة وتعتبر أهم محطات المسيرة الدراسية للمعلم ويستعدّ لها معنويا وماديا. وحتما بعد خروج العدد البيداغوجي من اهتمامات معلم اليوم أستاذ الغد ينبغي على خبراء التربية في بلادنا وهم يضعون اللمسات الأخيرة على مشروع إصلاح التعليم بوضع حافر جديد في شكل اختبار يخضع له رجال التعليم في المدارس الابتدائية كل سنتين على سبيل المثال من أجل دفعه للعمل الجدّي ومراقبة مدى تملّكه لآليات عمله وتوظيفه للبيداغوجيا داخل قسمه وتطبيقه لغايات وأهداف المدرسة التونسية في جانبيها المعرفي والأخلاقي.