الولايات المتحدة: مصرع شخصين وإصابة 5 آخرين بإطلاق نار قرب ملهى ليلي    عاجل: التونسي معز الشرقي يفوز ببطولة Saint Tropez الفرنسية للتحدي    الملعب التونسي سنيم الموريتاني (2 0) انتصار هام ل«البقلاوة»    مطار بروكسل يطلب من شركات الطيران إلغاء نصف الرحلات المغادرة غدا: الأسباب    هذا ما تقرر في حق الارهابيان يحي الغزالي وعادل الغندري    في اليوم عالمي للزهايمر: هذه توصيات وزارة الصحة    من بينها 5 عربية.. ترامب يدعو قادة 5 دول إلى اجتماع بشأن الحرب على القطاع    الرابطة الثانية.. نتائج الدفعة الثانية من مواجهات الجولة الأولى    الدورة السادسة من تظاهرة "الخروج إلى المسرح" من 26 سبتمبر إلى 2 أكتوبر 2025    قابس: انطلاق الاستعدادات للموسم السياحي الصحراوي والواحي الجديد    عاجل: حارس الإفريقي ينقل للمستشفى بعد تدخل عنيف    الشمال والوسط تحت الرعد: أمطار قوية تجي الليلة!    محرز الغنوشي: ''درجات حرارة ليلية مقبولة...والمليح يبطى''    الحوت الميت خطر على صحتك – الهيئة الوطنية تحذر    عاجل: ثلاثية نظيفة للترجي على القوات المسلحة وتقدم كبير نحو الدور الثاني!    عاجل/ ثلاث دول جديدة تعترف بدولة فلسطين..    عاجل/ هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية تحذر من خطورة استهلاك هذه الأسماك..    مشاركة 1500 عداء وعداءة في ماراطون بالمرسى عائداته مخصصة لمجابهة الانقطاع المدرسي المبكر    الكيني ساوي يفوز بماراطون برلين ويحافظ على سجله المثالي    الكاف: تزامنا مع زيارة والي الكاف إلى السوق الأسبوعية تسجيل مخالفات وحجز مواد متعفنة    وزير الخارجية يترأس الوفد التونسي في أشغال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة    وزير البيئة في زيارة غير معلنة لمعاينة الوضع البيئي بالشريط الساحلي بسليمان    كأس الكنفدرالية الإفريقية: النتائج الجزئية لذهاب الدور التمهيدي الأول    أسطول الصمود :هيئة التسيير تكشف اخر المستجّدات    المراقبة الاقتصادية تحجز 55 طنا من الخضر والغلال ببرج شاكير والحرايرية    قلة النوم تهدد قلبك.. تعرف شنو يصير لضغط الدم!    بحسب التوقعات: تونس الكبرى وزغوان تحت الخطر...أمطار بين 60 و90 ملم!    عاجل- تذكير: آخر أجل لإيداع التصريح بالقسط الاحتياطي الثاني للأشخاص الطبيعيين يوم 25 سبتمبر 2025    تونس تشارك في مؤتمر التعاون الثقافي والسياحي الصيني العربي    أمطار الخريف ''غسالة النوادر''.. شنية أهميتها للزرع الكبير؟    الجمعية التونسية للطب الباطني تنظم لقاء افتراضيا حول متلازمة "شوغرن"    تونس ممكن على موعد مع 45 ألف حالة زهايمر قبل 2030!    انتشال جثتي طفلين توفيا غرقا في قنال مجردة الوطن القبلي    سوسة: جلسة عمل لمتابعة وضعية شركة الألبان الصناعية بسيدي بوعلي    المؤتمر الدولي للمعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر،"الاستقلال، نضالات ، مفاوضات والبحث عن السيادة" ايام 26و27،و28 مارس 2026    عاجل/ حجز مئات الكيلوغرامات من المخدرات داخل حاوية بميناء رادس والنيابة تفتح تحقيق..    بوعرقوب: انتهاء موسم جني الكروم بنسبة 100%    محمد علي: ''الأسطول يقترب كل دقيقة من غزة.. أما أنتم؟ مجرد أصابع ملوثة على لوحة مفاتيح''    فيتنام بالمركز الأول في مسابقة إنترفيجن وقرغيزستان وقطر في المركزين الثاني والثالث    إدارة ترامب تلغي المسح الوطني السنوي للجوع    قريبا انطلاق أشغال مشروعي تهيئة الملعب البلدي بمنزل فارسي وصيانة المحولات الكهربائية بالملعب الاولمبي مصطفى بن جنات بالمنستير    الأستاذ خليل النغموشي رئيسا للفرع الجهوي للمحامين بجندوبة    الموساد تسلّل إلى معقلهه: الكشف عن تفاصيل اغتيال نصر الله    أولا وأخيرا... سعادتنا على ظهور الأمّهات    تونس ضيف شرف مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي: درة زروق تهدي تكريمها إلى فلسطين    كاس الكنفدرالية: الملعب التونسي يفوز على الجمعية الثقافية نواذيبو الموريتانية 2-صفر    عاجل: إيقاف اكثر من 20 ''هبّاط'' في تونس    عاجل: شيرين عبد الوهاب أمام القضاء    اليوم العالمي للزهايمر: التأكيد على أهمية حماية المُعين من العائلة ومن الإطار شبه الطبي للمصابين بالزهايمر من الانهيار النفسي    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    عاجل/ بشائر الأمطار بداية من هذا الموعد..    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    السبت: أمطار متفرقة بالجنوب الشرقي وسحب عابرة    القيروان.. 7 مصابين في حادث مرور    استراحة «الويكاند»    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور العادل خضر (المدير العام لمعرض تونس الدّولي للكتاب) ل «التونسية»:يجب أن يصبح الكتاب هاجس الدّولة
نشر في التونسية يوم 11 - 04 - 2016


على المعرض استعادة موعده الأصلي
هناك تراجع في مشاركات دور النشر العربية الكبيرة
صناعة القارئ تحتاج إلى من يرشده إلى الكتاب الجيّد
حاوره: عبد السلام لصيلع
في هذا الحوار الخاصّ تستضيف «التونسية» الدكتور العادل خضر المدير العام لمعرض تونس الدّولي للكتاب الذي قيّم الدّورة الثانية والثلاثين للمعرض والتي أسدل عليها السّتار في الأسبوع الماضي.. وقال إنه راض عن أشياء وليس راضيا عن أشياء أخرى.. وأوضح أن «ظروفا خاصة» حفت بالدّورة الماضية ودعا إلى أن يعود المعرض إلى موعده الأصلي من نهاية شهر أفريل إلى بداية شهر ماي.. وأكد أنه حتى ينهض ويتمّ إنقاذه يجب أن يصبح الكتاب هاجس الدّولة ليصل إلى كلّ الناس مشيرا الى أن ذلك يحتاج إلى استراتيجية قويّة جدّا لتدعيم ثقافة الكتاب. ما الجديد الذي عرفته الدّورة الأخيرة لمعرض تونس الدّولي للكتاب؟
كان الجديد في مستويات متعدّدة. فمن أبرز ذلك كانت البرامج الثقافية لهذه السنة حيث أن سياستها تغيّرت وأصبحت تشاركيّة، بمعنى أن هناك مواضع متعدّدة من الأنشطة وفعاليات المعرض. فالقطب الأوّل كان في الأنشطة الثقافية التي تغيّرت وأصبحت تشاركية مثلما قلت.. أي لم نعد نحن الذين نفكّر ونعدّ وننجز. وهناك شرط أساسي وهو أن المبادرات أصبحت تأتينا من الجامعات والكليات والمخابر والجمعيات، هي التي تقترح البرنامج ونحن ننسّق ونقوم بالاتصال بالأطراف المعنية ونوجه الدّعوات ونهيء الفضاء ونحدّد الزمان وكلّ ما يتعلّق بالأمور اللّوجستية التي تتعهّد بها ادارة المعرض وأعضاء اللّجنة الثقافية.. ونتائج ذلك أن معظم الأنشطة كانت مجانيّة. أي أن قاعة المحاضرات خصّصت للمعهد العربي لحقوق الإنسان على مدى ثمانية أيام.. بحيث احتضنت محاضرات وندوات وتقديمات وبرامج متنوعة قدّمت مادّة دسمة لثقافة حقوق الإنسان، إضافة إلى جناح خاصّ بمعرض الكتب التي ألّفت في هذا المجال. وهناك نشاط آخر من خلال مبادرة جاءت من أستاذ صاحب جمعيّة تهتمّ باللغة العربية طلب منّا ممارسة نشاط المطالعة والقراءة، هناك مبدعون لم ينشروا نصوصهم إلى الآن، لكنهم يريدون قراءتها مع نصوص غيرهم، خصّصنا لهؤلاء فضاء بقي مفتوحا على ذمّتهم من الصباح إلى المساء وقدّموا قراءات متنوعة... وهذا أيضا كان مجانيا لم يكن فيه مجال للاسترزاق.. وكان هناك فضاء ثالث تحت عنوان «في رحاب الكتاب التّونسي» خصّص للإحتفاء بالكتاب التّونسي، وقد عرضت فيه كلّ المنشورات التي صدرت في سنة 2016، اضافة إلى تخصيص مكان سميّناه ب «كاتب وكتاب» مدّة ساعة يتولى صاحب الكتاب الجديد تقديم كتابه إلى الجمهور العريض.. أيضا هذا كان مجانيا. وبقية الأنشطة مثل النّدوات كانت ضمن بُعد تشاركي بالتنسيق مع كلية الآداب بمنّوبة ومعهد سرفانتيس والألكسو التي نظّمت معنا ندوة الخطّ العربي.. الى جانب النّدوة الدّولية الكبرى حول الثقافة في مواجهة الارهاب. كل هذه الأنشطة أعتبرها جديدة في طريقة تنظيمها.
وبخصوص فضاء الأجنحة وعرض الكتب، هندسيا وسعنا في الأروقة واشترطنا على العارضين المشاركين بعض الشّروط، وهذا ينصّ عليه النظام الداخلي للمعرض، أن قائمات الكتب المقدّمة يجب أن تتوفر فيها شروط الجدّة، أي أكثر من 50 % من الكتب تكون عناوينها جديدة، مع الجدّية والتّنوع، حيث راعينا التّنوع في الاختصاصات والتّنوع اللّغوي والثقافي.. حتى يجد الزائر التونسي لمعرض الكتاب ضالّته في الكتب التي عرضت.
من هذا المنطلق، دكتور، ماهو تقييمك للدّورة الثانية والثلاثين للمعرض؟
هذه الدّورة حفت بها ظروف خاصّة. أوّلا أثّر سياق الارهاب كثيرا على المعرض إذ أن ضربة بن قردان ثم بعد ذلك ما وقع في بروكسيل ما جعل كثيرا من دور النّشر تعتذر عن المشاركة. هذا موجع. وثانيا هناك بعض الإجراءات مثل توفير التأشيرات والعمليات القمرقية تتطلّب وقتا، مما جعل بعض الأجنحة لا تفتح فضاءها في الوقت وكان من المفروض أن تبدأ قبل افتتاح المعرض. كانت هناك أجنحة فارغة، ولكن هذه هي الأسباب، إضافة إلى أن العطلة المدرسية تقدّمت مما جعل التلاميذ يحظون بثلاثة أيام عطلة في أيام المعرض. ورغم هذا هناك جانب آخر هو أن وزارة التربية نظمت كثيرا من السّفرات الى المعرض، وكان مشهد الأطفال، لأوّل مرّة، وهم يزورون المعرض، من المشاهد الجميلة التي أعتبرها إضافة حقيقية لدورة هذا العام. يعني أننا إذا أردنا أن نقاوم ثقافة الخوف والتطرّف والإرهاب وإلى غير ذلك من الأشياء المتنافية مع الرّوح المسالمة وثقافة السّلم التي يدعو اليها المجتمع المدني يجب أن نكوّن من الآن ثقافة متينة وقوية تبدأ من الطّفولة وذلك بزرع ثقافة الكتاب، ونعتقد أن زيارات التلاميذ لمعرض الكتاب تسير في هذا الاتجاه.
ومن الجوانب الأخرى، أن زوّار المعرض كانوا بأعداد كبيرة لكن المشكلة تمثّلت في المشتريات والتي اشتكى منها العارضون لأسباب متعدّدة أهمّها أن التسعيرة بالدّولار والدّينار التّونسي ليس قويا مثلما كان في السابق فحين يكون سعر الكتاب عشرين دولارا يصبح سعره بالعملة التونسية أربعين دينارا، وهذا لا يتحمّله جيب المواطن التّونسي. أنا أتفهم وضع السادة العارضين... هذا وضع اقتصادي ليس خاصّا بتونس فقط، ربّما تعاني منه بعض البلدان العربية ولكن بالنسبة إلينا هذا عامل قويّ.. لأن الأسعار هي الأساس التجاري، فإذا كان الكتاب باهظ الثمن والقدرة الشرائية ضعيفة لا نتوقع أن يضع التونسي خمسين دينارا في كتاب واحد، فهو يخيّر أن يوزّعها على عدّة كتب، لذلك هناك دور نشر تكون أسعارها في المتناول وتجارتها تشتغل. وعندما تكون كتب دور أخرى باهظة لا نتصوّر أن بمقدور الزائر التونسي أن يشتري الكتب التي يرغب فيها بميزانيته المحدودة.
عموما هل كان إقبال الجمهور على المعرض في المستوى؟
شخصيا أنا رأيت أنه كان هناك اقبال
هل كان إقبالا كمّيا أم نوعيا؟
كان كمّيّا ونوعيّا.. كان الإقبال النّوعي متمثلا في التلاميذ الذي تدفّقوا بكثافة على المعرض واشتروا كتبا تهمّ برامجهم وحدود سنّهم في المطالعة ولكن بقيّة الزوّار الذين كانوا يطلبون كتبا حقيقيّة فإن مقياسنا هم العارضون الذين كانوا منزعجين من وجود زوّار ومن عدم وجود شراء. هذا هو المشكل الحقيقي الذي واجهنا وقد شرحت لك عوامله العديدة. كذلك حتى توقيت المعرض لم يكن مناسبا،فلو قربنا التوقيت إلى آخر السنة الدراسية مثلما كان في السّابق لكان أفضل لأن تلك الفترة مهمّة جدا، من آخر شهر أفريل إلى بداية شهر ماي، لتمكين المدارس من شراء الجوائز.. وذلك هو الموعد الحقيقي المناسب والأصلي حتى يكون معرض تونس بمفرده في رزنامة المعارض العربية للكتاب.. نحن في الدّورة الماضية تزامنا مع معرض البحرين الذي يقام مرّة في السنتين.. فعندما يبدأ معرضنا في آخر أفريل نكون وحدنا ونتوقع أن تشارك الكثير من دور النشر بأريحية ولا تبقى ممزّقة وحائرة بين المشاركة هنا أو هناك.. ولو تمكنا من استعادة التوقيت الأصلي لمعرض الكتاب في دورته القادمة إن شاء الله سنتغلّب على نسبة كبيرة من المشاكل.
هل لهذا السّبب لم تشارك دور نشر عربية كبيرة في الدّورة الماضية؟
منذ سنة 2012 هناك تراجع في المشاركات العربية بتراكمات مربوحية يشعرون بها في تراجع.. ودور النشر التي بقيت هي الدّور التقليدية المتعوّدة على المشاركة.. وهناك دور نشر أحجمت عن المشاركة في انتظار أن تتحسّن المقدرة الشرائية.. وكذلك اذا توفرت العوامل الأخرى مثل استقرار الإدارة حتى تجد مهلة للتفكير والاستعداد بصفة مبكرة.. هناك عوامل كثيرة يجب أن تساعدنا على استعادة مكانتنا رغم أن المعرض من الناحية التنظيمية يستطيع أن يكون ناجحا ولكن التنظيم لا يكفي.. ذلك أننا نستعيد مكانتنا باستجلاب أهم الدّور العربية.. لأن غيابها مضرّ في مضامين الكتب المعروضة.. فحين توجد دار نشر قوية وتصدر كتبا جدية وجديدة فهي ترفع مستوى معرض تونس الدّولي للكتاب. لذا في عدم مشاركة دور النشر القوية يحدث فراغ بطبيعة الحال.
في رأيك هل تصالح القارئ التّونسي، والقارئ العربي عموما، مع القراءة أو أنه مازال لا يقرأ كثيرا؟
كثير من الصحفيين يقدّمون لنا أرقاما مخيفة عن عنصر القراءة، وأنا أقول إن الأرقام هي مجرّد مؤشرات لا تعكس الحقيقة، إنما تتعلّق بالشريحة التي سئلت لكن عندما نستنطق شريحة أخرى تقرأ ستعطينا أرقاما أخرى ولذا، نحن نقول إنها مؤشرات أزمة.. يعني هي أزمة لا تشخّص من قبل القارئ فقط. وهنا نتساءل، كيف نصنع القارئ؟.. لأن القارئ يصنع بتوفر الكتاب. نحن مثلا عندما نرى المكتبات التي تبيع الكتب من عام 1980 إلى الآن نجد ان عدد المختصّ منها في بيع الكتاب فقط تراجع.. هذا مهمّ جدا في نشر الكتاب، إضافة إلى السّعر وحلقات أخرى أصبحت ضرورية في ترويج الكتاب، منها الإعلام الثقافي، لأن الكتاب لمّا يصدر يجب أن يستقبله مختصون في القراءة. وإذا كان هناك كتاب متميّز يجب التنويه به وإرشاد القارئ للإطلاع عليه. والماركيتينغ كذلك ضعيف.. بعض الدّور ربما تعي بهذا الأمر وبصفة عامّة الذين يقومون بدور الموزّع والنّاشر والماركيتينغ.. كلّ هذه العملية تؤثر في ترويج الكتاب وتؤثر كذلك في صناعة القارئ الذي يحتاج إلى من يرشده إلى الكتاب الجيّد وإلى كتاب في متناول جيّد وإلى فضاءات يزور فيها الكتاب ويحتاج إلى فضاءات يقرأ فيها الكتاب. وعندما نرى ما الذي وفّرنا لصناعة القراءة نجد تقريبا أن هذه العناصر التي ذكرناها متوفرة بشكل ضئيل جدّا.
ماهي وضعية الكتاب التوسني وآفاق تطويره من حيث الطبع والتوزيع؟
جب أن يصبح الكتاب هاجس الدّولة. ما معنى ذلك؟ يعني لا ينبغي أن نضع كلّ الثقل على وزارة الثقافة مع ميزانية محدودة وعناية بالموسيقى والمسرح والسّينما والفنون التشكيلية.. هذه اهتمامات تقتضي ميزانية قويّة. فإذا أردنا أن ننهض بالكتاب ينبغي أن يكون هذا شاغل الدّولة، بمعنى ينبغي أن تشارك الدّولة في الكتاب والاشتغال بطريقة مترابطة ومتكاملة بين وزارة الثقافة ووزارة التّربية ووزارة التعليم العالي ووزارة الشباب ووزارة النّقل ووزارة المرأة.. كثير من الوزارات ينبغي أن تتظافر جهودها، لانقاذ الكتاب وصناعة الكتاب وثقافة الكتاب.. لذلك لا تستطيع وزارة الثقافة أن تضطلع بمفردها بهذا العمل لأنه مشروع وطني، فإذا أردنا أن نقاوم الإرهاب الذي يمكن مقاومته بالسلاح هناك سلاح آخر يتمثل في الثقافة، لأن الثقافة ماكينة تحتاج الى وقت طويل وإلى جيل أو جيلين لترسيخها . ففي فرنسا وقعت العملية عندما أرادوا ترويج الكتاب الذي أصبح يشترى مهما كانت قيمته، في فترة معيّنة. نحن نحتاج إلى نوع من مثل هذه المبادرات القوية لايصال الكتاب إلى كلّ النّاس، فالدّستور في الفصل 42 يقول إن «حق الثقافة مضون».. لنضمن هذا إن أبسط شيء هو أن يكون ايصال الكتاب كإيصال الكهرباء في كلّ المناطق. وهذا يحتاج إلى استراتيجية قويّة جدا لتدعيم هذه الثقافة.
هناك اشكالية دائمة تتمثل في عدم انتقال الكتاب بيسر وحرية بين الدّول العربية. كيف تنتهي هذه الإشكالية؟
هذا يتطلّب توحيد سياسات الدّول العربية.. إلى حدّ الآن مازال التعامل مع الكتاب.. يختلف من دولة إلى دولة. نحن في التونسي لدينا من رحابة الصدر والأريحية لنستقبل كلّ الكتب باستثناء الكتب التي يرفضها الجمهور التونس والتي تتناول التطرّف والكراهية والبغضاء والعداوة.. هذه مرفوضة ولكن كلّ الكتب فيها تنوّع فكري، ونعتقد أن الثقافة التونسية متفتحة على الآخر بشكل متميّز وعلى الأقل اذا كان هناك شيء ربحناه من الثورة فهي أنفاس هذه الحرية.. وأن الناس يعبرون عن آرائهم رغم السياق السياسي المتوتّر المشحون.. ولكن في اعتقادي.. لا أقول إن الناس يتمتعون بالحرية 1000 %، لكن إذا سمعنا أن كتابا صادرته الرّقابة لا أعتقد أن أهل الثقافة من الكتّاب سيظلّون مكتوفي الأيدي، أي أن ردود الفعل ستكون فورية على عكس ما يجري في بلدان أخرى حيث الرّقابة المتشدّدة. وكما قلت، يصعب أن نختلق سياقا موحدا للتعامل مع الكتاب بين الدّول العربية.
ما العمل حتى يقترب الناس من الكتاب الورقي أكثر أمام مساوئ الكتاب الرّقمي؟
المقترحات كثيرة، فبخصوص السّعر أنا اقترحت استعمال طريقة المقتطعات كتلك التي لها مشروعيتها في المطاعم والفضاءات الكبيرة، يمكن أن تدوم عشرة أيام بمساهمة المؤسسات لتعزيز المقدرة الشرائية وتوفير السيولة للناشرين كل سنة.. ثمّ إن من مقترحاتي دعوة إلى الاحتفال بالكتاب في اليوم الوطني للمطالعة الذي يقام على الصّعيد الوطني. لو نطبّق هذه الأفكار سيساعدنا ذلك في تأسيس ثقافة كتاب قوية وأعتقد أن الكتاب سيصبح أداة من الأدوات الضامنة لحق كلّ التونسيين في الثقافة.
لماذا لا يقع في تونس إصدار كتب في طبعات شعبية بأسعار مناسبة في متناول ذوي الدّخل المحدود حتى يتمكّنوا من شراء الكتاب؟
هذا قلته... وهو يتوقّف على مبادرة الدّولة، عندما يصبح الكتاب هاجسها وعندما تتبنّاه سوف ينتشر الكتاب في كلّ شبر من تونس. إذا اقتصر الأمر فقط على وزارة الثقافة بميزانيّة محدودة أعتقد أن اليد الواحدة لا تصفق.
هل أنت راض عن الدّورة الأخيرة لمعرض تونس الدّولي للكتاب باعتبارك مديره العام؟
لا يمكن بلوغ الرّضاء.. هذا أمر ليس سهلا.
المهم أنت مرتاح البال الآن؟
ليست راحة تامّة... هناك أشياء نقول إنها حققت أهدافها مثلا البرنامج الثقافي أنجز بحذافيره.. إذ لم يسجل أي غياب. هذا أمر مهمّ في السنة الفارطة هناك برامج لم تنجز، وهذا حزّ في نفسي، في هذه السنة حاولنا أن نتلافاها. فكل البرامج التي وضعت في الكاتالوغ نفدت بدرجات متفاوتة بحضور الجهور ومن حيث الإقبال والنجاح. ولكن البرامج التي نفدت أحببت أن يكون الإقبال عليها أكبر.. وأحببت ألاّ تقع مشاكل للعارضين لأنهم هم العمود الفقري.. ونجاحهم من نجاح المعرض. يعني هناك أشياء سارت على أحسن ما يرام.. وهناك أشياء لم تنشر مثلما كنا ننتظر ونريد. كذلك على المستوى الإعلامي هناك نقص كبير. وهذا أيضا من النّقاط التي لم تعجبني كثيرا ولم أكن راضيا عنها، فالتفاعل مع الإعلاميين وخاصة في الدّعاية كان ناقصا. ولكن هذا يحتاج إلى وقت للإعداد له وتجاوزه. اذن، بصفة عامّة أقول أنا متشائل.. أشياء أنا راض عنها.. وأشياء لست راضيا عنها تمام الرضى.. ونأمل أن يكون معرض تونس للكتاب في دوراته القادمة أفضل وفي المستوى الذي يحقق انتظارات كلّ التونسيين لأن المعرض معرضهم وهو من مسؤوليّتهم جميعا إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.