من المنتظر أن تستنفر وزارة التجارة خلال الأسابيع القادمة كافة فرق المراقبة الاقتصادية في حملة استباقية لمكافحة الغش والترفيع في أسعار المواد الاستهلاكية تحسبا لموجة غلاء مرتقبة في شهر رمضان. وأعلنت الوزارة مؤخرا عن قرار لتعزيز فرق مشتركة بينها وبين وزارة الصحة من أجل التصدي لكل المخالفات التي تهم السلامة الصحية للمنتجات فضلا عن مهامها الرئيسية في مراقبة الأسعار. وكانت الأسواق التجارية قد شهدت عقب الثورة حالة من الانفلات التام ورفض لكل أصناف المراقبة ممّا أثر في مناسبات عديدة على أسعار المواد الأساسية التي عجزت الحكومة عن ضبطها بسبب تعرض فرق المراقبة للتعنيف في مناسبات عديدة من قبل تجّار مخالفين للقانون وهو ما أجبر الوزارة على الاستعانة بقوات الأمن لفرض الانضباط في الأسواق. كما أفرزت الفوضى التي شهدتها ولازالت تشهدها مسالك التوزيع وجود مافيا حقيقية تشكّلت من رحم مجموعات الضغط التي يقف وراءها رجال أعمال ومقرّبين من السلطة السابقة. وتعمد هذه «المافيات» التي تتشكل من الوسطاء والمضاربين إلى فرض سياسة الأمر الواقع على الأسواق بالسيطرة على مسالك الانتاج والتوزيع المتكونة و شراء المحاصيل من الفلاحين بأسعار زهيدة ثم تسريبها إلى الأسواق بكيمات ضئيلة حتى يضمنوا استقرار الأسعار طبقا للأهداف التي يرسمونها فيما تبلغ هذه الممارسات مداها في شهر رمضان الذي تتضاعف فيه نسبة الاستهلاك تقريبا. وغداة تشكيل حكومته، أعلن الحبيب الصيد عن احداث لجنة وطنية للتحكم في الأسعار غير أن هذه اللجنة لم تفعّل إلى اليوم ولم تقم بأي دور يذكر في كبح جماح السوق. وتشير مصادر وزارة التجارة إلى أهمية مراقبة نزاهة المعاملات الاقتصادية في ضمان استقرار الأسعار لا سيما أن أطرافا عديدة تشحذ سكاكينها قبل شهر رمضان من أجل احتكار المواد الأساسية والتحكم في بورصة الأسعار وهو ما يتطلب تعزيز وتوفير الحماية الكافية للفرق التي تجوب الأسواق والمساحات التجارية الكبرى على مدار الأسبوع على أن تكون التقارير المرفوعة إلى الإدارة المركزية محرار الوزارة في ضبط حركة السوق للتدخل السريع وتوفير السلع الكافية عند اللزوم. وشهدت القدرة الشرائية لأكثر من ثلث التونسيين تراجع كبيرا على امتداد السنوات الخمسة الأخيرة في ما تشير دراسات مقارنة إلى أن تونس من أقل البلدان غلاء للأسعار في محيطها المغاربي والمتوسطي.