سقطت رؤوس الفساد وتصاعدت الروائح الكريهة لملفات التلاعب الضاربة أطنابها في مختلف المؤسسات العمومية على غرار شركة النقل واتصالات تونس والخطوط الجوية التونسية وغيرها والتي دخل عمالها وإطاراتها في إضرابات دفع المواطن البسيط ثمنا لها وزادت من جراح هذا الوطن الذي عبث به الطرابلسية ولم ترحمه بعض الفئات... وبات الأمر أشبه بذلك البحر الملوث الذي وإن تم قطع المصبات عنه إلا أن الصعب يتمثل أساسا في جهر هذه الفضلات والنفايات التي عكرته طوال سنوات وسنوات. إن إضراب عمال شركة النقل أمس والذي زاد دون مبالغة في تكبيل البلاد من خلال توقف حركة جولان المترو والحافلات مما حال دون التحاق عدد مهم من المواطنين بمراكز عملهم هذا دون الحديث عن الخسائر الاقتصادية الناجمة جراء هذا القرار المتعسف والمتحامل على الوطن وإن كان للعمال الحق في الإضراب والاحتجاج وهو ما يكفله لهم القانون والأعراف غير أن الوضع الراهن لا يمكن البتة تحويله بعصا سحرية من النقيض إلى النقيض وسيعرض الجميع على المحاسبة دون استثناء. أما أن تعم الفوضى ونسمح لأنفسنا بأن نرتكب نفس الفظاعات التي ارتكبتها "عصابة السراق" في حق البلاد والعباد فهي قمة الأنانية والجحود. بعض المسيرات خرجت منادية "نموت..نموت ويحيا الوطن" وليت هؤلاء الأفراد يعرفون جيدا مغزى هذا الشعار ويعملون به لأن الفترة الراهنة ليست فترة شعارات وأشعار لاسيما وأننا جربنا ويلات رفع الشعارات الجوفاء ولازالت مرارة الهزائم في حلوقنا بداية من نكسة 1948 مرورا بنكبة 1967 وحرب الخليج الثانية وسقوط بغداد إلى يوم الناس هذا... رجاء فالنشمر كلنا على ساعد الجد والعمل ولنرحم وطنا ضعيفا تآمر عليه قطاع الطرق ومصاصو الدماء..لننقذ وطنا ابتزته العصابات في ليال سوداء قاتمة ودفعنا دماء الشهداء نظير استرجاعه ناهيك وأن أجراس الخطر بدأت في الدوي آخرها الحط من التصنيف السيادي لبلادنا في المجال الاقتصادي وليت هذه الرسالة تصل إلى كل من يهمه الأمر.