بعد ثورة الشعب التي أطاحت بزعيم حكم البلاد والعباد لمدة 23 سنة تميز زمان حكمه بالطغيان والديكتاتورية ظهرت بوادر الحرية ونسائمها في الشوارع التونسية وتغيرت المفاهيم من الممنوع إلى المسموح. وأول هذه المتغيرات خروج كتب كانت في مخازن المكتبات المظلمة إلى واجهاتها البلورية. "التونسية" خرجت إلى الشارع التونسي في زيارة إلى هذه المكاتب ورصدت حركيتها من خلال هذا التحقيق. استقبلنا السيد "كمال حمايدي" عامل في إحدى المكتبات بشارع الحبيب بورقيبة بابتسامة ملئها التفاؤل بيوم جديد في عهد الحرية وبسؤاله عن الإقبال الواضح على المكتبة أجابنا بأن الجميع يبحث عن العناوين الجديدة حيث أفادنا قائلا "في الحقيقة الإقبال عظيم هذه هي ثمرة الحرية وأما الكتب فهي موجودة من قبل لكن بعضها في المخازن والباقي محجوز في الديوانة" واعتبر السيد كمال أن هذه الأيام تاريخية بالنسبة إليه وأكد أنّ كل فئات المجتمع التونسي تسعى إلى اقتناء هذه الكتب من قبيل "الحاكمية" أو "المعادلة الصعبة" أو "جيل الثورة" وأضاف بأنّه يوجد الآن من كل كتاب نسخة واحدة إلى حين جلب باقي الكميات في ظرف أسبوع تقريبا وعلى كامل اليوم نسجل طلبات القراء الملحة". *اكتشافات جديدة وأمام المكتبة تجمهر الكثير بأعين شاخصة إلى عناوين كثيرة باللغتين العربية والفرنسية ومن بين الحضور كان "فوزي" شاب من شباب الثورة ينظر إلى "حاكمة قرطاج" فبادرنا قائلا "أريد أن أقرأ هذا الكتاب حتى أعرف كل ما خفي عن التي كانت تسمى "سيدة تونس الأولى " واعتبر يوسف أن هذه الكتب اكتشافات بالنسبة إلى جيل الشباب والجيل القادم حيث أفادنا "لا بد أن نتصفح بتمعن كل هذه الكتب التي كانت ممنوعة حتى نكتسب ثقافة ومعرفة جديدة مغايرة للذي قدمه لنا النظام البائد من تعتيم للحقائق". *احتار دليلي أما السيد عثمان (45 سنة) فقد اعتبر أن التونسي تنقصه الثقافة السياسية وهذه هي فرصته لاقتلاعها "يجب على الجميع أن يشتروا هذه الكتب وبالنسبة إليّ فقد احتار دليلي لذلك سأكتفي اليوم بالاختيار سيكون لي موعد مع صفحات هذه النفائس." *اعتماد تعريفة عادية أما احمد (طالب 23 سنة) فقد طلب بإلحاح اعتماد تعريفة عادية عند بيع هذه الكتب فقال من أجل أن يستفيد ويتمتع الجميع بهذه الكنوز لا بد من توفيرها بأسعار معقولة لأن مجتمعنا فيه الطالب والمسؤول والعامل ورجل الاقتصاد وغيرهم ولكل واحد طاقته المادية" استطاعت إرادة الشعب أن تعلو على إرادة الظلم والبطش وما البوادر الجديدة إلا جسر جديد لتواصل هذه الإرادة وهو ما يبحث عنه الشباب من خلال تلك الكتب التي خرجت إلى النور بعد أن كانت محتجزة في رفوف بعيدة عن أيادي عامة الشعب.