ابتدع نظام بن علي على مدى ثلاثة وعشرين سنة من الاستبداد والظلم عديد الظواهر والتصرفات التي حولها أتباعه إلى سلوكيات رسخوها في الأذهان وجعلوها قواعد يصعب على الكثيرين التخلي عنها... التونسية نبشت في أذهان التونسيين لمحاولة وضع الإصبع على الداء الذي "انغمس في اللحم وكاد ينخر العظم" وذلك في محاولة لرصد تلك الظواهر والبدع التي كان لبن علي وأتباعه شرف اكتشافها وتفشيها في المجتمع. السيد محمد الجلاصي يقول: لقد فرض على التونسيين التهليل باسم الرئيس والتقديس له وكأنه صاحب الفضل على تونس فألفنا صورته في كل المؤسسات العمومية والخاصة والشوارع والانهج . ما نأمل بعد الثورة القطع معه نهائيا وبصفة جدية مع هذه الظاهرة فلا صورة إلا لعلم البلاد وشعار نظامها ولا شكر ولاعرفان إلا لتونس ولشعبها الذي يعطي للمسيرين شرف قيادتها. التصفيق موروث اجتماعي "القفة " والتصفيق اعتبرهما التاجر حبيب بن تيلي من العادات التي ترسخت في عهد بن علي وباتت وسيلة للتقرب ونيل المبتغى في نظر العديد . والأكيد أن التخلي عن تلك السلوكيات أمر صعب جدا لان الكثيرين احترفوا الأمر أيما احتراف وتفننوا فيه وسيظلون يقففون " ويصفقون ويهللون لرمز النظام القادم وهذا ما يجب التخلي عنه وقطع دابره . الانبطاح والولاء المبالغ فيه هما أمران تركهما النظام السابق حسب رأي السيد ناجي العربي الذي أكد قائلا:" وصل الأمر بالكثيرين إلى درجة الذل والانبطاح والتنازل عن كرامتهم من اجل أرضاء الآخرين وهذا برأيي كان سببا قويا لاندلاع الثورة التي رفعت شعار الحرية و الكرامة وكانت شهادة ميلاد جديدة لتونس ولأبنائها الذين استنشقوا هواء الحرية بعد كبت طويل." السيدة قمر التوزري ترى أن النظام السابق كرس طباع النفاق والمماطلة وشجع عليهما فنبذ الصادقين والنزهاء وقمعهم لأرائهم وزج بهم خلف القضبان وترك المجال للمنافقين ممن يتلاعبون بمشاعر الآخرين ليسرحوا ويمرحوا في مختلف الإدارات وفي كل المجالات ..لقد آن الأوان لوضع حد لهؤلاء وللتصدي لممارساتهم غير الأخلاقية.. الرشوة و"البيستونات" السيد خليفة متالي رجل تعليم متقاعد يقول هناك بعض الآفات الفتاكة التي أصبحت موروثا اجتماعيا على غرار الرشوة و"البيستونات". لقد استفحل الداء وبات الأمر يستدعي محاولة القضاء عليها لان الأمر اضر بشبابنا وخاصة من حاملي الشهائد العليا .ف"الكاباس" باعوه وكل المناظرات وحتى الحج تلاعبوا به ورسخوا الأمر كعقلية لا مفر منها ." ويضيف قائلا: لقد قامت الثورة لنقضي على مثل هذه الظواهر المنافية للأخلاق وكي نقول لا للرشوة لا للوشاية و نضرب بيد من حديد على أيادي هؤلاء للقطع مع تلك الظواهر البائدة والظالمة."