رغم انطلاقها مباشرة بعد ثورة 14 حانفي فان المشاورات بخصوص مناقشة القانون الأساسي لسلك أعوان التراتيب البلدية لا يزال تحت الدرس و أمام كل هذه الفوضى العمرانية و الاقتصادية (الانتصاب العشوائي) كان لا بد لوزارة الداخلية التسريع في إيجاد الحلول المناسبة حتى لا تصبح هذه الفوضى ظاهرة لا يمكن التحكم فيها لاحقا. احتلال للأرصفة وللمساحات الخضراء و حتى للمساحات المصنفة (أثرية، تاريخية، فلاحية، ملك عمومي، بحري...) انتصاب عشوائي تراه أينما حللت... ظواهر تنمو يوما بعد يوم في ظل غياب الرقابة التي كانت توكل لأعوان التراتيب البلدية الذين لم يعودوا قادرين على القيام بمهامهم كما في السابق (قبل الثورة) و ذلك نظرا لاحتقان الشارع التونسي تجاه هذا السلك... و من هنا كان النظر في القانون الأساسي المتعلق بأعوان هذا السلك النشيط ضرورة اقتضتها هذه الظرفية حتى نتمكن من تجاوز تداعيات هذه الأزمة و أيضا تفعيل عمل عون التراتيب لإعادة الاستقرار العمراني و الاقتصادي في تونس و على هذا الأساس فان الوزارة مطالبة بتسريع إجراءات مراجعة القانون الأساسي لهذا السلك. الفصل بين السياسي و التنفيذي: و في سياق متصل بالقانون الأساسي لأعوان التراتيب البلدية و ضمانا لحياد الإدارة فانه من الضروري النظر في فصل أعوان التراتيب البلدية عن سلطة رئيس البلدية باعتباره يمثل حزبا سياسيا. فلطالما كان أعوان التراتيب عصا غليظة" يضرب بها رئيس البلدية خصومه السياسيين و حتى الشخصيين، فمن كان رئيس المجلس البلدي راضيا عنه فان التنفيذ يكون لصالحه و من كان مختلفا معه سياسيا فان التنفيذ يكون ضده.و هذه الممارسات لا يمكن أن تخدم الظرفية القادمة.. لذا على وزارة الإشراف مراجعة القانون الأساسي لهذا السلك بحيث يتم فصله عن سلطة رئيس البلدية. هل يتمتع أعوان التراتيب البلدية بخصائص السلك النشيط؟ هذه النقطة هي فعلا محل جدل و يمكن اعتبارها نقطة استفهام أخرى في هذا السلك اذ أن عون التراتيب متخرج من مؤسسة أمنية و يعمل ليلا نهارا و يخضع للنقل الدورية و يحمل زيا نظاميا أي أنه نظريا يتمتع بخصائص السلك النشيط، لكنه في الواقع لا يتمتع بامتيازات السلك النشيط، لا من حيث الترقيات و لا من حيث الرتب و لا من حيث سن التقاعد و لا من حيث خضوعه لسلطة أمنية فهو يخضع لسلطة رئيس المجلس البلدي و هي سلطة مدنية. وفي انتظار تسريع وزارة الداخلية النظر في القانون الأساسي لأعوان التراتيب، نأمل أن يحظى هذا القطاع بقانون يحفظ له حقوقه ، إن لم يكن من أجله كسبب ايجابي أو سلبي في إندلاع الثورة التونسية، فمن أجل صورة تونس التي نريدها كما عهدناها دوما فاتنة للتونسي و للسائح على حد سواء .