ليس ثمة أرقى من العمل حفاظا على كرامة الذات البشرية ترسيخا لقيم الفعل الإنساني الهادف . لكن هذا المنشود قد لا يكون دائما في المتناول وذلك لجملة الصعوبات التي يعرفها قطاع التشغيل والتي ألقت بظلالها على النسيج الاجتماعي والاقتصادي ببلادنا وجعلت من المسألة اولوية من الأولويات السياسية للحكومة المؤقتة . لكن هذه المجهودات الرامية لمحاصرة ظاهرة البطالة والنهوض بقطاع التشغيل قد لا تكفي للقضاء على جميع الإشكالات المتعلقة بالمسألة خاصة مع ارتفاع عدد خريجي الجامعات وتعاظم مطالب العمل الواردة على مختلف الوزارات ، وتدل جميع المؤشرات على عجز سوق الشغل عن استيعاب الحشود الضخمة من الوافدين على أبوابه، رغم كثرة المناظرات التي توفرها وزارة التكوين المهني والتشغيل بمعية جميع الوزارات مما أثار عددا هاما من ردود الأفعال بين مصدقا لهذه المناظرات ومكذبا لها . أتصلنا بمكتب تشغيل الإطارات بتونس لنرصد جملة من مواقف طالبي الشغل . محدثتنا مريم كانت صورتها تغني عن أي تعليق فهي "كوكتال" مر من اليأس والإحباط وقلة الحيلة ... هي من متساكني ريف باجة ولا تستطيع زيارتها (باجة) إلا نادرا ، وبين الزيارة والأخرى يفوتها عدد من المناظرات التي لا يمكنها التمتع بحقها البسيط في التسجيل بها، ولعل الطامة الكبرى بالنسبة لمريم هو أن الظروف جعلتها جاهلة باستخدام الإنترنت . ينظم إلينا "علية " وهو أيضا من أريافنا القصية ليطالب بدوره الحكومة المؤقتة بمراجعة بعض المسائل التنظيمية وخصوصا توفير المعلومة وتسهيل وصولها إلى طالب الشغل أينما كان والاهتمام قليلا بمن لا يمكنه استغلال إمكانيات التصرف المعلوماتي. "الفقراء هم الذين صنعوا الثورة طلبا للعيش الكريم ... إلا أن ثمرات الثورة توزع على ميسوري الحال وعلى الحكومة المؤقتة أن تستفيد من أخطاء غيرها في الماضي وتعيد الإعتبار إلى داخل تونس وعمقها " . وبخصوص مدى شفافية هذه المناظرات اتفق كل من مريم وعلية على أنها مجرد مسكنات لألم قديم ما عادت المسكنات تهدئه ... لوضع بات من الضروري اللجوء فيه للجراحة ... الوزارة تعتمد أسلوب التعجيز: لاحظنا غشاوة يأس تحدو طالبي الشغل عكس ما كنا ننتظره خاصة بعد كل هذه المناظرات التي وفرتها وزارة التكوين المهني والتشغيل بمعية كل الوزارات ، لقد كنا ننتظر بعض الأمل لكن عدم ثقة طالبي الشغل في هذه المناظرات هو ما دفعهم إلى الإحباط ...انضم إلينا عادل ليقول "320 ألف مطلب عمل يا عباد الله من أجل 3300 خطة عمل بوزارة التربية ... هل هذا معقول ؟" وفي نفس السياق قاطعه سمير ليحصر إهتمامه في استنكاره لمسألة إلغاء احتساب الحالة الاجتماعية ضمن المجموع الشخصي التقديري لطالب الشغل وتعويضها بالحالة العائلة "يعني الفقير أقل حظ في العمل ..." كما استنكر عدد كبير من طالبي الشغل الذين رفضوا التصريح بأسمائهم وصورهم – طريقة التعجيز التي تعتمدها وزارة التكوين المهني والتشغيل حيث تطالبك استمارة الترشح لإتمام الإجراءات المتعلقة بمطلب ترشحك بحلين أثنين كلاهما "لاخير فيه" ويتمثل الحل الأول في إرسال الوثائق المكونة لملفك عبر البريد مضمون الوصول أو أن تودعه بمكتب الضبط المركزي للوزارة الراجع لها بالنظر والتعجيز يكمن حسب رأيهم في أنه أمام الكم الهائل من المناظرات عليهم رصد مبالغ هامة لإرسال ملفاتهم عبر البريد رغم عدم ثقتهم في إمكانية نجاحهم في أي من المناظرات ، أما بالنسبة للحل الثاني فقد اعتبروه لا يخدم إلا مصالح"أولاد العاصمة" وأردف أحدهم : "وزارة التكوين المهني والتشغيل نجحت فقط في ترقيتنا من رتبة طالب إلى رتبة طالب شغل وربما في القريب العاجل إلى ... طالب ثقة" . اتصلنا عينيا بوزارة التكوين المهني والتشغيل وتعذر علينا مقابلة ملحقها الصحفي بسبب انشغاله اجتماع في صلب الوزارة الذي أفادنا بعد ذلك بأن الحديث على مدى مصداقيات المناظرات هو ضرب من ضروب اللغو إذ أن هذه المناظرات لا مجال فيها للمحسوبية أو تفضيل مترشح على حساب الآخر إلا من حيث عدد مؤشراته التي يمكنه من خلالها أي يعرف مجموعة الشخصي التقديري حسب المعطيات التي صرح بها عند تسجيله في الموقع الإلكتروني بنفسه . سنية الطرابلسي