لم يكن اجتياز امتحانات الباكالوريا في دورتها لسنة 2011 عاديا بالنسبة لتلاميذ المدرسة التونسية بالدوحة شأنهم شأن زملائهم الذين يدرسون بأرض الوطن، فالظروف كانت مغايرة والعناية أكبر والالتفاف حولهم أعظم وأنبل. ولأنها أول دورة بعد الثورة فقد كان لها طعم خاص لأبناء جاليتنا بالدوحة ولأبناء بعض الجاليات العربية والمغاربية التي اختارت أن تدرس بهذه المدرسة التونسية. 32 تلميذا بهذه المؤسسة التربوية اجتازوا مناظرة الباكالوريا لهذه السنة نجح منهم 24 تلميذا في الدورة الأولى أغلبهم بملاحظة حسن في حين تأجل لدورة المراقبة 7 تلاميذ ولم ينجح سوى طالب واحد. ولئن تشكل هذه النتائج الإيجابية كعادتها نقطة قوة المدرسة فقد أردنا من خلال محاورة بعض الناجحين قبل رجوعهم للدوحة التعرف على ظروف اجتيازهم لهذه المناظرة الوطنية في ظرف استثنائي قامت خلاله المنظمة التونسية للتربية والأسرة لأول مرة بتحضيرات خاصة حيث حرصت هذه السنة على تذليل كل الصعوبات أمام التلاميذ عبر توفير سكن لهم بإحدى الاقامات القريبة من مركز الامتحان إلى جانب اصطحاب مجموعة من الأساتذة، على وجه التطوع، قاموا بالتأطير النفسي والعلمي وعمدوا إلى اصطحاب التلاميذ يوميا إلى مركز الامتحان بزي موحد وشارات تعرف بهم وكونوا لجنة على غرار لجان الأولياء التي كانت ترابط أمام المعاهد. وتجدر الملاحظة أن وزارة التربية مكنت تلاميذ المدرسة التونسية بالدوحة من دورة استثنائية في الإعلامية لأنه تعذر عليهم الوصول إلى تونس في التاريخ المضبوط لهذا الاختيار كما تجدر الملاحظة من جهة أخرى أن المنظمة عمدت للسنة السادسة على التوالي إلى اصطحاب أبناء الجالية بالدوحة لتونس لاجتياز امتحان الباكالوريا. الحرص على النجاح بامتياز التلميذة "يسرى القلعي" في شعبة الرياضيات والتي نجحت بملاحظة قريب من الحسن ذكرت ان الباكالوريا 2011 ستبقى في بال كل تونسي مهما تغير مكان اقامته سواء بتونس أو خارجها مؤكدة ان تجاوز الصعوبات النفسية والظرفية للمناظرة التي عاشتها كان بفضل اطارات المدرسة يتقدمهم منسقها العام السيد محمد الشعار الذين وفروا الظروف المناسبة لتحقيق نتائج طيبة على غرار كل سنة . وأضافت يسرى أنها عاشت أثناء الثورة بالمدرسة نفس الظروف التي مر بها تلامذة الباكالوريا في تونس حيث انقطعت الدراسة ولم يتسن استكمال البرنامج لأن الجالية تحرص انذاك على متابعة الأحداث لحظة بلحظة عن طريق التلفزة والانترنات وبينت في النهاية أنها حرصت على النجاح وتحقيق نتائج طيبة من أجل رد الجميل لتونس التي "ناضلت" لإنجاح المناظرة كل من موقعه. أما التلميذة "كلثوم سداح" وهي جزائرية تقيم بالدوحة ونجحت بملاحظة حسن جدا في شعبة العلوم فتقول إنها : "اختارت الدراسة بالمدرسة التونسية بالدوحة نظرا لسمعتها الطبية ونتائجها المضمونة". هذه التلميذة عبرت عن فرحتها لتتويج 11 سنة من الدراسة بالمدرسة بنجاحها الباهر دون أن تستثني تحيتها الخاصة لثورة تونس المجيدة التي تقول إنها عاشت كل مراحلها مع الجالية التونسية الشقيقة عن كثب وبكل اهتمام. تقارب مغاربي وإعجاب عربي "عبير بوقرة" هي تلميذة أخرى نجحت بملاحظة حسن في شعبة الرياضيات تقول إنها تعد من الجيل المحظوظ الذي اجتاز أول دورة باكالوريا بعد الثورة مشيرة أنها فخورة بكونها تونسية تعيش في بلد عربي صار "يقدس" الثورة التونسية ويهتم بالجالية التي تحولت بالنسبة له إلى مثل أعلى وهو ما تلمسه يوميا بعد الثورة في الأماكن العامة بالدوحة. ومن جهتها بينت التلميذة "مريم محمد الأمين الشامخ " المتحصلة على ملاحظة حسن جدا بشعبة العلوم التجريبية وهي أصيلة المغرب ان تقارب مناهج التدريس بالمغرب العربي واعتماد اللغة الفرنسية كلغة ثانية هي من أسباب التحاقها بالمدرسة التونسية بالدوحة وأضافت أنها تزور تونس لأول مرة وقد انبهرت بها على كل المستويات بدءا بالأجواء الخاصة التي صاحبت مناظرة الباكالوريا خاصة لجان الأولياء والتآزر الذي لمسته بين صفوف الشعب التونسي كما عبرت عن إعجابها بالمناطق التي زارتها من خلال البرنامج الترفيهي الموازي للامتحانات الذي مكنها من التعرف على تونس الخضراء بالفعل . وعن الثورة تقول مريم إنها عاشت كل ملابساتها وكأنها في بلادها وقد فرحت لفرح التونسيين وحزنت لحزنهم. دفء العائلة أما "ملاك فرح بن شرف الدين" التي نجحت بملاحظة قريب من الحسن في شعبة الرياضيات فقد نوهت بالأجواء العائلية التي غلبت على مكان الإقامة طيلة أيام اجتيازها اختبارات الامتحان مشيرة أن توفير التأطير اللازم على عين المكان ومراجعة المواد الأساسية مع طاقم الأساتذة مكن تلامذة المدرسة من تجاوز المفاجآت والاستعداد للاختبار الموالي بثقة واقتدار. باكالوريا الثورة ومن جهته أفادنا الأستاذ "أنيس عاشور" وهو أحد أعضاء الطاقم التربوي المصاحب لتلاميذ المدرسة إلى تونس أن الأساتذة عاشوا ضغطا كبيرا طيلة مدة الامتحان وعاشوا وقع الأحداث الرائعة التي صاحبت الدورة وقد فوجئ شخصيا بالاستعدادات الضخمة التي وفرتها تونس لإنجاح المناظرة وبالتكاتف الجماعي الذي شكل حافزا نفسيا مشجعا للتلاميذ على تحقيق نتائج هامة.