يبدو أن الصراع الحقيقي وراء موجة الاحتجاجات التي يعيشها البريد التونسي منذ تاريخ 23 أوت هو صراع نقابي بالأساس بين الجامعة العامة للبريد والاتصالات التابعة للإتحاد العام التونسي للشغل من جهة وإتحاد عمال تونس من جهة ثانية خاصة في ظل غياب واضح للإدارة الذي يستغربه العديد من أبناء المؤسسة . وقد انطلقت الشرارة الاولى للاحتجاجات برفض الحركة العامة لرؤساء الهياكل التجارية التي تم الإعلان عنها في بيان الجامعة العامة للبريد والاتصالات بالاتفاق مع الطرف الإداري بتاريخ 16 أوت والانطلاق فيها يوم 17 أوت رسميا . وكرد فعل على الرفض التام لنتائج هذه الحركة نفذت الهيئة التنفيذية لنقابات الهياكل التجارية للبريد التونسي المنضوية تحت لواء إتحاد عمال تونس وقفة احتجاجية اعتبرت خلالها الحركة مخيبة للآمال ولم تطبق فيها المعايير المهنية التي يضبطها المنشور الصادر في الغرض . وإذ تؤكد الجامعة العامة للبريد والاتصالات في بيان صادر عنها أن الحركة تمت في كنف الشفافية والمسؤولية وبعيدا عن الولاءات والمحسوبية المعهودة في ظل النظام السابق فإن إتحاد عمال تونس وتحديدا الهيئة التأسيسية لنقابات الهياكل التجارية للبريد التونسي مازالت ترفض هذه الحركة رغم صدور نسخة ثانية لها وتدعو إلى مواصلة الاحتجاجات في بلاغ يعلن عن شن إضراب يوم الخميس 8 سبتمبر . وأمام هذا المد والجزر بقيت الإدارة العامة للبريد التونسي مشلولة خاصة بعدما دخل الرئيس المدير العام للمؤسسة في إجازة مرضية بداية من 24 أوت ستتواصل إلى غاية يوم 7 سبتمبر الجاري وقد كانت نتيجة لتداعيات هذه الإحتجاجات التي تحولت من رفض للحركة العامة لرؤساء الهياكل التجارية إلى الدعوة الى تنحي رموز الفساد على حد تعبير المحتجين بدءا بالرئيس المدير العام للبريد . وإذ تتصاعد الاحتجاجات داخل مؤسسة البريد تتجاذبها قوى نقابية مختلفة فإن الضحية الأولى كالعادة هو المواطن باعتبار ما تم تسجيله من غلق لبعض المكاتب التي تؤمن خدمات بريدية يومية . وإذ تتزامن هذه الاحتجاجات مع العودة المدرسية والجامعية وما تستوجبه من حاجة ماسة لمكاتب البريد فإن السؤال المطروح : أين عقلاء البريد؟ وماذا تعني التعددية النقابية لديهم؟ وما هذه اللخبطة في المطالب هل هي مهنية أو سياسية ؟ اسئلة عديدة تترجم تجاذبات متضاربة تحيل على بيت شعري لابي العلاء المعري : في اللاذقية فتنة ما بين أحمد والمسيح هذا بناقوس يدق وذاك بمئذنة يصيح !!!