نظمت وزارة السياحة والتجارة أمس الأربعاء جولة لعدد من السفراء المعتمدين بتونس بلغ عددهم 37 سفيرا من بينهم سفراء ست دول عربية ومن بين أبرز الدول الممثلة الولاياتالمتحدةالأمريكيةوفرنسا وإيطاليا وألمانيا، في موقع أوذنة الأثري وقد تم تقديم مكونات الموقع للسفراء الحاضرين في إطار مجهود لم ينقطع لوزير السياحة في الحكومة المستقيلة مهدي حواص لالتقاط أنفاس موسم سياحي مختنق. وتبعد أوذنة عن العاصمة مسافة ثلاثين كيلومترا ، وقد كانت مدينة أوذنة القديمة (أوتينا) إحدى أهم المدن بالمقاطعة الرومانية الأفريقية. وللمدينة أصول تعود إلى ما قبل عهد الرومان، فقد كانت قرية بربرية – بونية وحصلت على رتبة مستوطنة من الإمبراطور أغسطس والذي أسكن فيها قدماء الجنود المحالين على المعاش . ثم عقدت ندوة صحافية لوزير السياحة الذي كان مرفوقا بوزير الثقافة عزالدين باش شاوش، ولئن كان مهدي حواص موجزا وبليغا في آن واحد من خلال التأكيد على ضرورة استغلال المنتوج الثقافي في السياحة التونسية فإن السيد باش شاوش كان وفيا لعاداته فقد انطلق في سرد لا يكاد ينتهي حتى يبدأ من جديد لإنجازاته وفتوحاته في مجال حماية التراث العالمي ثم بدأ بتعداد المواقع الأثرية في تونس بدءا بأوذنة مرورا بسوسة والمنستير والمهدية وصفاقس وقرقنة وجبنيانة وطينة ثم سبيطلة وتالة فجربة ليصعد شمالا نحو طبرقة وبلاريجيا ويعرج على جيراننا الجزائريين... كل هذه الجولة ليعلن السيد الوزير عن ترشيح 45 موقعا أثريا تونسيا لمنظمة اليونسكو لإدراجها ضمن التراث العالمي ، وأبدى الوزير إنزعاجه من عزوف التونسيين عن زيارة المتاحف وكنا نتمنى لو سأل نفسه ومن حوله عن سبب هذا العزوف وعن أسعار الدخول غير المعقولة في متاحف متواضعة، فلماذا يدفع مواطن تونسي 5دينارات ليزور متحف المهدية على سبيل المثال دون أن يجد دليلا يعرفه بالمعروضات؟ ودون وجود أي وثيقة تساعد على الإطلاع؟ والشيء ذاته يصح على متحف قرطاج حيث أسعار الدخول سياحية وخاصة إبان معرض فتى قرطاج(15 دينارا للفرد الواحد) ...وهل إنتبه الوزير إلى الحالة المزرية لدورة المياه اليتيمة في موقع أوذنة بحضور 37 سفير دولة أجنبية؟ هل كان من قبيل الإعجاز أن يتم تهيئتها في إطار ما تم الإعلان عنه من إنشاء متحف جديد في موقع أوذنة؟ وانتظر الصحافيون أن يعود وزير الثقافة مادام قد فتح باب السرد والاستطراد إلى ما وعد به في المكان نفسه في شهر سبتمبر الماضي حين جاء مرافقا لوزير السياحة للإحتفال باليوم العالمي للسياحة فقد أعلن الوزير حزمة من الوعود، إذ أعلن عن برنامج عمل لربط السياحة بالثقافة على غرار ما هو معمول به في بلدان سياحية اخرى مثل ايطاليا التي يزورها 75 مليون سائح سنويا منهم 55 مليونا- وهو عدد سكان البلاد- يأتون لزيارة معالمها التاريخية ومواقعها الأثرية داعيا إلى استغلال إمكانيات السياحة الثقافية بأقصى قدر ممكن نظرا لما تزخر به بلادنا من معالم ومواقع تاريخية . كما دعا المستثمرين الى إيلاء عناية خاصة بموقع أوذنة الذي يحتاج الى التعريف به وإحيائه من خلال إدراجه في المسلك السياحي وتنظيم تظاهرات ثقافية وحفلات فنية داخل مسرحه الدائري الذي يتسع لحوالي 16 الف متفرج بما من شانه أن يخلق ديناميكية ثقافية واقتصادية بالمنطقة مشيرا إلى أن الوزارة بصدد وضع برنامج لتكوين أدلاء سياحيين مختصين في تاريخ الموقع وهو ما سيمكن من تشغيل عدد لا باس به من العاطلين عن العمل من بين حملة الشهائد العليا فضلا عما يقتضيه النهوض بالموقع من تشغيل عدد من اليد العاملة غير المختصة. كنا نود لو أفادنا الوزير المخضرم رئيس بلدية قرطاج المؤقت، ما الذي تحقق من وعوده وأحلامه وهو يتأهب لمغادرة الوزارة بعد أيام قليلة؟ وكم حفلة نظم في موقع أوذنة؟ لكنه لم يفعل ... ! اختتام التظاهرة كان بحفل استقبال ذكي وأنيق في بساطته تضمن مأكولات تقليدية وشعبية من بينها اللبلابي وقد كان لافتا أن سفير فرنسا بوريس بوايون كان أول من أخذ نصيبه بصحفة لبلابي بالعظمة وزيت الزيتونة ... !