اليوم وبعد أن أصبح المنتظر واقعا، وبات الدكتور المنصف المرزوقي رئيسا للجمهورية - مهما قيل عن محدودية صلاحياته -تذكرت ملاحظة أحد الأصدقاء وهو يسألني لماذا لا أراهن على الجواد الرابح؟ فصديقي يعاتبني بانتظام على سوء اختياري لمن أحاورهم، فأنا إن اصطفيت معارضا كان من فئة "المنهزمين" في انتخابات المجلس التأسيسي(والعبارة للنائب المحترم في المجلس التأسيسي وليد البناني عن حركة النهضة وهو ما يعكس تشبعه العميق بقيم الديمقراطية) وإن كان وزيرا فإما هو متقاعد أو هو يجمع أدباشه وأغراضه يستعد لمغادرة كرسيه ... وربما كانت المرة الوحيدة التي أحسنت فيها التصويب بمنطق صديقي هي حين خاطبت الدكتور المرزوقي- قبل 23 أكتوبر أطلب منه تصريحا- في تلك الأيام كان الإتصال به يسيرا ولا أعلم كيف جرت الأمور بعد ذلك وكيف ستتبدل الأحوال بعد دخوله قصر قرطاج – رد الدكتور بعفوية على اتصالي على محموله دون سابق معرفة بيننا، قائلا إنه يقود سيارته في إتجاه بنزرت ليشرف على اجتماع عام واقترح أن يرسل لي كتابيا مساهمته لأنه لا يتحكم في وقته ويخشى أن لا يفي بوعده إن إلتزم مقابلتي ، بعثت للدكتور المرزوقي إرسالية قصيرة تتضمن بريدي الإلكتروني ومازلت أنتظر رسالته ...حتى نسيت الأمر ولم تتحقق رغبة صديقي... مرت الإنتخابات وحدث ما حدث فإذا بالمنصف المرزوقي مرشحا للرئاسة بدعم من النهضة فإذا بصديقي يذكرني من جديد "أربط خيوطك معاه، توة رئيس راهو" ولأني تعودت نصائح صديقي لم اعره اهتماما غير أن ما لفت نظري كثرة الناصحين هذه المرة وكلهم اتفقوا على ضرورة أن "أتبرنشى se brancher" مع المرزوقي ... بصراحة أغرتني الفكرة ولكن أعيتني الحيلة فأنا بالكاد أربط خيوط الحذاء ولذلك أتفادى هذا النوع من الأحذية... ! وشاءت الظروف أن ألتقي الدكتور المرزوقي وجها لوجه الأسبوع الماضي في ندوة حول العدالة الانتقالية، بدا لي الرجل مبتسما على غير عادته هادئ الحركة ودودا...يتحدث بصوت خفيض...اغتنمت فرصة جلوسه بجانب سيدة تعرفني وتعرف أني أحبها وأقدرها هي أم زياد لأوجه له أسئلة سريعة عملا بنصيحة صديقي القاضية بأن أربط خيوطي معه رئيسا منتظرا(لعل وعسى) ...ما فات صديقي الراجع إلى ربه كثرة الراغبين يومها في ربط الخيوط...فما شهدته بأم عيني كان أكبر من الوصف...فأنت لا تسمع سوى "سيدي الرئيس" (والرجل لم يضع ساقيه في الركاب بعد؟) بل إن أحد من يفترض أنه منسوب للأسرة الإعلامية تطوع ليكون حارسا شخصيا للرئيس المنتظر وأبدى ضيقه من أحد المصورين قائلا بكل حزم"إبعد شوية على السيد الرئيس"... ! وما دمت فشلت في ربط الخيوط مع السيد الرئيس فإني أتوجه إليه بنصيحة - لله في سبيل الله- آملا أن تصله كلماتي "رد بالك من رابطي الخيوط" واحذر حمالة الحطب الذين سيخرجون لك من كل شق سيتسللون من ثقب الإبرة إن اقتضى الأمر يطلبون رضاك ولو داسوا على رقاب الآخرين.... السيد الرئيس ، كن وفيا للذين آمنوا بك معارضا – انتحاريا- لا يخشى في الحق لومة لائم ...كن رئيسا ...لا نريدك ديكتاتورا كما لا تريد أنت أن تكون طرطورا... !