يمثل فيلم محمد الأخضر حامينة وقائع سنين الجمر عنوانا إستثنائيا في مدونة السينما العربية (تم اختياره من بين أفضل عشرة أفلام في تاريخ السينما العربية والعربية هنا تعني عند الأشقاء، المصرية لأنه لا يتصور وجود سينما خارج قاهرة المعز) فهو الشريط الوحيد المتوج بالسعفة الذهبية لمهرجان كان سنة 1975 ، وقد أتاح لنا مهرجان وهران فرصة مشاهدة هذه التحفة الفنية على الرغم من برمجة الفيلم في ساعة متأخرة، زادها تأخرا غياب تقني العروض الذي قيل لنا إنه ذهب ليتعشى وعلينا أن نوكل أمرنا إلى الله وننتظره ...ملاحظة ثالثة لا بد من الإشارة إليها هي غياب المهرجانيين عن هذا العرض فلا أحد من إدارة المهرجان ولا أحد من الصحافيين كلف نفسه عناء التنقل إلى قاعة السعادة باستثناء صحفية تونسية وزميل لبناني والممثل أنيس الرعاش بطل فيلم "ديما براندو"...أما باقي الحضور فزوج ذهب في ظنه أن الفيلم المبرمج هو Hors la loi وبضعة شبان جاؤوا لتمضية الوقت وإجراء مكالماتهم الهاتفية والتحدث بصوت عال عن شؤون دنياهم ... خاتمة العرض كانت رحلة مضنية في منتصف الليل بحثا عن تاكسي بعد أن هرب السائق المكلف بانتظارنا والذي أطنب في تحذيرنا من ليل وهران وهو القادم من العاصمة الجزائر ...وبهروبه المفاجئ اكتشفنا أن ليل وهران ليس مخيفا وأن الوهرانيين يراعون حرمة الضيف ويقدرونه .... أما فيلم وقائع سنين الجمر فقصة الجزائر بداية من نهاية الثلاثينات حتى إفتكاك الاستقلال سنة 1962 مرورا باندلاع ثورة نوفمبر 1954 ومجزرة 8 ماي 1945 التي ذهب ضحيتها أكثر من خمسين ألف جزائري دمرت قراهم وممتلكاتهم بعد أن ضحى الجزائريون دفاعا عن فرنسا في الحرب العالمية الثانية وقد ظل محمد الأخضر حامينا يحلم بفيلم عن الأمير عبد القادر الجزائري من سنوات طويلة دون أن يرى حلمه النور فالجزائر انشغلت لسنوات بمقاومة الإرهاب الأعمى الذي دمر أو كاد كل شيء ينبض بالحياة في البلاد ... ومن الغد ،وما زلنا سكارى بوقائع سنين الجمر كان الموعد مع فيلم"دمشق مع حبي" وكان يفترض أن يتلو عرض الشريط لقاء مع مخرجه محمد عبد العزيز فإذا بزميل مصري يتصدر الركح ليعلم الحضور بأن السيدة هالة صدقي ستتكرم بعقد لقاء صحفي "مفاجئ" وما علينا إلا أن نطرح أسئلتنا ... ولم يطل إنتظارنا طويلا فإذا بعدد كبير من الصحافيين ومن غيرهم ومن المنتسبين إلى الصحافة إلتفوا حول الست هالة إلتفاف المعجبين ولم يكن هناك أي مجال يسمح بالسؤال ولا بسماع الجواب، كل ما حدث أن الست هالة جاءت تبيض وجهها وتقسم بأنها تحب الجزائر وتموت حبا فيها ولم تسبها يوما ...