يستعد الإتحاد العام التونسي للشغل لعقد مؤتمره الوطني العادي بمدينة طبرقة من 25 إلى 28 ديسمبر الجاري والذي سيتوج بانتخاب مكتب تنفيذي جديد للسنوات الخمس المقبلة . حول هذه الاستعدادات وعدة مسائل أخرى إلتقت "التونسية" السيد علي بن رمضان الأمين العام المساعد للإتحاد المكلف بالنظام الداخلي وأجرت معه الحوار التالي : ما هي الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر طبرقة؟ - بعد إنعقاد الهيئة الإدارية للإتحاد العام التونسي للشغل يوم 8 ديسمبر الجاري بتونس العاصمة بدأ الإعداد المادي للمؤتمر الذي سينعقد تحت شعار "أحبك يا شعب " وتم الاتفاق على أن تنطلق أشغال المؤتمر بعد ظهر يوم 25 ديسمبر الجاري بمدينة طبرقة لتتواصل إلى غاية يوم 28 ديسمبر . وسيسبق المؤتمر انعقاد آخر هيئة إدارية صباح يوم 25 ديسمبر بطبرقة لاستكمال الإجراءات النهائية بما في ذلك تحديد تركيبة مكتب المؤتمر وكذلك تركيبة اللجان الخمس للمؤتمر وهي : - لجنة التثبت في النيابات وفرز الأصوات - لجنة اللائحة العامة - لجنة اللائحة المهنية - لجنة اللائحة الداخلية - لجنة العلاقات الدولية والعربية والهجرة . كما أقرت الهيئة الإدارية عدد النيابات باعتماد قاعدة التمثيل حيث سيتم انتخاب نائب عن كل 900 منخرط واحتساب توزيع النيابات باعتماد معدل الإنخراطات في عامي 2009 و 2010 . وعلى هذا الأساس سيكون عدد النواب في مؤتمر طبرقة في حدود 506 نواب يضاف إليهم أعضاء المكتب التنفيذي الحالي (12 عضوا) . وقد تم توجيه دعوات إلى عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والمنظمات التونسية لحضور أشغال المؤتمر بالإضافة إلى الإعلاميين بطبيعة الحال . * علمنا ان هناك محاولات وجهودا مبذولة من القيادة المركزية للإتحاد لإيجاد صيغة توافق لانتخاب قيادة جديدة ، فما صحة ذلك ؟ - هذا طبيعي جدا في منظمة جماهيرية متنوعة الحساسيات مثل الإتحاد العام التونسي للشغل وخاصة في هذه المرحلة التاريخية وفي ضوء ما تشهده البلاد من تحول سياسي وهو ما يؤثر بالضرورة في أداء المنظمة الشغيلة وعلى العمل النقابي بصورة عامة . فالإتحاد العام التونسي للشغل كان له شرف المساهمة الفاعلة في إنجاح ثورة 14 جانفي . ونظرا للإستحقاقات المطروحة فإن الإتحاد مدعو إلى مواصلة دوره في تحقيق أهداف ثورة الحرية والكرامة وأن يكون في خدمة البلاد . فالتحولات العميقة التي تشهدها تونس سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا تفرض على النقابيين توحيد صفوفهم والإلتفاف المتين حول خيارات وتوجهات منظمتهم والدفاع عن مكاسبهم والحفاظ على إستقلالية قرار منظمتهم خاصة في ظل التجاذبات المتعددة والمتنوعة بما يفرض عليهم الوفاق والتوافق حفاظا على الإرث التاريخي للمنظمة الشغيلة وعلى الثوابت التي ضحى من أجلها زعماء ورواد الحركة النقابية . * ينعقد مؤتمر الإتحاد في وقت تشهد فيه الساحة النقابية بروز منظمات نقابية عمالية جديدة ... ألا ترون أن ذلك يؤثر في حاضر العمل النقابي الوطني ومستقبله ؟ - سينعقد مؤتمر طبرقة كما اسلفت الذكر في ظل تحولات سياسية عميقة إضافة إلى بروز محاولات لشق الصفوف النقابية بما يسمى باطلا ب "التعددية النقابية " فالمبادرون بهذا التوجه سبق وأن خبرهم واختبرهم النقابيون ولم يكونوا قطعا مدافعين عن مصالح العمال والطبقة الشغيلة بل بالعكس كانوا يستميتون في إعلان ولائهم للنظام السابق .لذلك لا أعتقد أنه بإمكان هؤلاء تقديم الإضافة إلى الحركة النقابية بقدر ما سيكونون أداء طيعة يحركها كما يشاء أعداء الحركة النقابية ومع ذلك نقول إنه لا مانع من أن يبادر النقابيون بالتعاطي مع القاعدة العمالية ومشاغلها وتطلعاتها للتصدي لهذه المظاهر (إحداث منظمات نقابية) والقبول بكل المكونات الموجودة وإقلاع البعض عن الممارسات التي لا هدف لا سوى بث التفرقة في صفوف العمال وذلك بالتمسك بقرار الهياكل النقابية وبالقانون الأساسي للإتحاد العام التونسي للشغل . * ماهي إنتظاراتكم من مؤتمر طبرقة ؟ - مؤتمر طبرقة يعد محطة جديدة مختلفة بكل المقاييس عن مختلف المحطات السابقة ، فهو يكتسي طابعا إستثنائيا مميزا .إذ هو يمثل اول مؤتمر للإتحاد بعد ثورة 14 جانفي وينعقد أيضا بعد إنتخاب المجلس الوطني التأسيسي الذي سيتولى صياغة دستور جديد للجمهورية التونسية وقيادة مرحلة إنتقالية جديدة صعبة جدا . والمطلوب من كل النقابيين تجاوز كل إختلافاتهم وتوحيد صفوفهم ورؤاهم لتأمين المساهمة الفاعلة في إنجاح هذه الفترة الإنتقالية وكذلك العمل على الحفاظ على مكتسباتهم وإثرائها وتطويرها وتدارك النقائص والثغرات التي أفرزها الوضع الإجتماعي والإقتصادي على غرار البطالة وهشاشة التشغيل وإختلال التوازن الجهوي وغياب التوزيع العادل للثروة كما ان النقابيين مدعوون بعد مؤتمر طبرقة إلى معاجلة مسألة الإختلال في نظام التأجير بالقطاعات الثلاثة : الوظيفة العمومية وقطاع المؤسسات والمنشآت العمومية والقطاع الخاص والتمسك بالحوار الإجتماعي بالإضافة إلى العمل على مراجعة مستويات المفاوضات الإجتماعية والنزول بها من المستوى المركزي إلى مستوى القطاعات ثم مستوى المؤسسات . * ماذا عن مشروع إعادة هيكلة الإتحاد العام التونسي للشغل ؟ - كان من أهم وأبرز إهتمامات النقابيين خلال العشرية الفارطة ، مراجعة هيكلة الإتحاد العام التونسي للشغل وجعلها متناغمة ومتلائمة مع التحولات والمستجدات الإقتصادية والإجتماعية داخليا وخارجيا بالإضافة إلى دعم الممارسة النقابية الديمقراطية وتكريس التضامن النقابي . وقد تم بالفعل تشخيص الوضع النقابي العام واداء الهياكل النقابية وتقييمها . هذا بالإضافة إلى أن قراءة عقلانية متأنية للقانون الأساسي للإتحاد العام التونسي للشغل ستكون دون شك الأرضية الأساسية لمراجعة جذرية لهذا القانون الأساسي ولإعادة هيكلة المنظمة وخاصة إعادة النظر في سلطات القرار كتركيبة المجلس الوطني والهيئة الإدارية وإعادة هيكلة القطاعات (أي الجامعات) والعلاقة بين الجامعات والنقابات العامة ونقابة المؤسسات . وسيتم تدارس هذا التصور في محطة مقبلة بعد مؤتمر طبرقة . * كلمة تتوجهون بها إلى النقابيين قبل إنعقاد مؤتمر طبرقة ؟ - يزخر الإتحاد العام التونسي للشغل ويعج بالمناضلين النقابيين الصادقين الذين قدموا تضحيات في كل المحطات النقابية المريرة السابقة بدءا بأحداث 26 جانفي 1978 مرورا بأزمة 1985 وصولا إلى ثورة 14 جانفي المجيدة . وأعتقد أن للنقابيين اليوم من القدرات ومن الكفاءات ما يؤهلهم لجعل مؤتمر طبرقة محطة يتولون فيها بهدوء وبجرأة وبصراحة تقييم أداء منظمتهم وبلورة مستلزمات المرحلة القادمة بكل حرية واستقلالية بعيدا عن التجاذبات السياسية والحزبية حتى يبقى الإتحاد صمام امان لتونس كما خبرناه وكما أراده زعيمه ومؤسسه الزعيم الخالد فرحات حشاد وحافظ عليه من بعده أحمد التليلي والحبيب عاشور اللذان قاوما بكل شراسة محاولات الإستبداد والهيمنة على المنظمة بإنحيازهما المطلق والدائم للعمال وللفئات الشعبية إلى جانب الإستماتة في الدفاع عن الحريات العامة والفردية بالبلاد التونسية . وهذا ما دأبت عليه الهياكل والقيادات النقابية والنقابيون على إمتداد العقود الماضية وهذا ما سينسج النقابيون على منواله في رسم الإختيارات المستقبلية للإتحاد العام التونسي للشغل عموما وللعمل النقابي خصوصا .