عاشت النيابة الخصوصية لبلدية أريانة على وقع ضغوطات وأحداث عديدة تراوحت بين الغضب والاحتجاج والإعتصام ترتبت في مجملها عن ضعف خدماتها بعد حرق اسطولها بنسبة 95% وتكبدها لخسائر فاقت ال 3 ملايين دينار . حول كيفية تعامل السيد "كريم الهلالي" رئيس النيابة الخصوصية لبلدية أريانة مع هذه الأوضاع والأولويات التي إشتغل عليها وتوصله لإيجاد حلول للخروج من عنق الزجاجة في أحلك الفترات التي عاشتها البلدية وتقييمه لهذه التجربة بعد أكثر من 9 أشهر كان ل"التونسية" معه الحوار التالي : *بعد خوض غمار رئاسة نيابة خصوصية في مرحلة حرجة كيف عايشت هذه التجربة ؟ وكيف تعاملت خاصة مع موجة الإحتجاجات ؟ - أعتبرها تجربة متميزة لأن أساس العمل البلدي هو ميداني وأنا أعشق هذا العمل الميداني ولكن لا أنكر أنه متعب ومضن ويحتاج إلى الكثير من الحب والإيمان لأن إرضاء الناس غاية لا بد من إدراكها مهما إستعصت ... وقد كان أساس العمل الذي إعتمدته هو الحوار مع كل المواطنين والإلتفاف على غضبهم الذي له مبرراته من خلال الإنصات لهم وإيجاد الحلول بهم ومعهم ... معنى ذلك أننا عملنا على تشريك المواطنين في مواجهة الصعوبات عبر حملات ولقاءات عديدة جمعتنا بهم ومن هنا كانت مواجهة المصاعب أسلوبا ناجحا كلفنا مجهودا مضنيا ولكنه افضى إلى نتائج أعتبر نفسي راضيا عنها بكل المقاييس . * كيف إستطاعت النيابة تحقيق التوازن بين المطلبية وإنعدام الإمكانيات؟ وكيف حققت المصالحة مع المواطن في مدينة الورد التي تعودت على نمط ومستوى معيّن من الخدمات البلدية (نظافة ، نشاط ثقافي ...)؟ - منذ البداية ركزنا على ثلاثة ملفات كبرى شكلت أساس عملنا وخارطة طريقنا وأول هذه الملفات هي النظافة التي أخذت حيزا هاما من إهتمام النيابة في ظل إنعدام المعدات التي أتلفت في حريق أتى على 95% من التجهيزات المؤمنة لنظافة مدينة بحجم أريانة من حيث مساحتها وعدد سكانها وهو ما إستوجب ضرورة تجديد الأسطول سريعا لأن الإجراءات الإدارية في إقتناء المعدات تطول في حين أن تأمين النظافة هو خبزنا اليومي وأولوية قصوى بالنسبة للمواطن وللخروج من هذا المأزق عملنا على الحصول على 4 شاحنات ضاغطة كهبة من بلدية "قراس" الفرنسية التي تجمعنا بها علاقة توأمة وصداقة عريقة وتجدر الملاحظة أن نظافة المدينة كلفت النيابة أموالا طائلة قبل الحصول على هذه الشاحنات أثقلت كاهل البلدية لشهور عديدة مع العلم أنه سيتم قريبا إقتناء معدات جديدة وتجديد أسطولنا في إطار صفقات مع صندوق القروض وكذلك في إطار تعاون مع مدن أوروبية أخرى تجمعنا بها إتفاقيات تعاون وشراكة وتوأمة أما الملف الثاني فيتمثل في القضاء على ظاهرة الإنتصاب الفوضوي في المدينة من خلال تنظيم وتقنين هذه العملية وهي ظاهرة لم نتصد لها بالقوة ولكن باللين عبر خلق فضاءات إنتصاب جديدة تأخذ بعين الإعتبار الحفاظ على موارد الرزق وأما الملف الثالث فشمل دفع مشاريع البنية الأساسية والتجهيزات الجماعية في ظل إهترائها وعدم تلبيتها لتطلعات المواطن في المدينة ونحن نعيش في المرحلة الراهنة على وقع الإعداد لمشاريع هامة وطلبات عروض وطنية ودولية لإنجاز مشاريع نموذجية على غرار قاعات رياضية للشباب على الطراز الأوروبي وفضاءات تجارية مندمجة وقاعات أحياء . * لقد شكلت أزمة الثقة مع المواطن الحلقة المفقودة في عمل النيابات الخصوصية في فترة ما بعد الثورة مما افرز في بعض الحالات انعدام الأرضية الملائمة للعمل البلدي على حساسيته ودقته فكيف إستطاعت أريانة الخروج من هذا المأزق؟ وهل ان الشرعية الانتخابية هي الحل ؟ - لا أعتقد أن البلاد مؤهلة حاليا لخوض غمار الانتخابات البلدية وأعتقد من جهة أخرى أن هنالك العديد من النيابات نجحت في الخروج من مرحلة أزمة الثقة مع المواطن والتجارب عديدة في تونس مابعد الثورة ولكن لابد من البناء لأسس صحيحة للشرعية والانتقال الديمقراطي داخل البلديات من خلال المراجعة والإصلاح لجوهر التدخلات البلدية التي لا بد ان تحظى بصلاحيات أكبر وحرية أوسع لأن اللامركزية الجهوية ستدفع دون شك بالعمل البلدي قدما من خلال تحسين التاطير الإداري وتمكين رؤساء البلدية من هامش من الحرية لتجاوز ظاهرة البيروقراطية التي تعطل آجال إنجاز المشاريع وهو ملف لا بد ان يحظى باهتمام الحكومات لأن علاقة المواطن بمؤسسة البلدية يحتاج إلى تغيير جوهري في الآليات وطرق العمل . *هل يفكر " كريم الهلالي" في مواصلة تجربته في العمل البلدي؟ وهل يستهويه العمل السياسي عموما ؟ إن مثل هذه التجارب هي في الأصل تلبية لنداء واجب وطني قبل كل شيء حيث أمضيت سنوات عديدة في العمل التطوعي داخل جمعيات مختلفة وقد امتلكت تجربة أفتخر بها وسأظل دوما في خدمة الوطن العزيز مهما اختلفت المواقع فقط لابد من التسلح بالحب والإيمان والواجب والولاء له .