أضحى يوم 14 جانفي 2012 حدثا تاريخيا لكل التونسيين على حد سواء من ناحية أنه أرخ لبداية مرحلة سياسية جديدة قوامها الديمقراطية والحرية وها هو نفس اليوم يؤكد من جديد صبغته الاحتفالية حين مس عائلات بعض المساجين وتم الافراج عنهم بمقتضى عفو رئاسي شمل 3900 سجين ومن بينهم اللاعب السابق للترجي الرياضي التونسي «هيثم عبيد» بعد قرابة ال15 سنة قضاها وراء قضبان السجن المدني بالمرناقية. «التونسية» تحولت يوم السبت الفارط على عين المكان إلى «سجن المرناقية» ورصدت كل الحيثيات منذ ساعات الصباح الباكر إلى حدود الساعة العاشرة والربع ليلا تقريبا توقيت انفتاح أبواب السجن المدني بالمرناقية في وجه «هيثم عبيد». تحولنا كان منذ العاشرة صباحا تقريبا ليكون وصولنا في حدود الحادية عشرة، حشود غفيرة تنتظر الإفراج عن أبنائها وسط دعوات وتمنيات بأن يفرج كربة ذويهم... مرت الساعات ولا من جديد، فالساعة تشير إلى الرابعة مساء ومازلنا ننتظر أول المفرج عنهم، القلق والحيرة بادية على وجوه جميع الحاضرين والغموض والتساؤلات ارتسمت على الشفاه. عائلة «هيثم عبيد» كانت بدورها مرتبكة متسائلة عن سر هذا التأخير ونحن بدورنا أصابنا الإرهاق والتعب فاتصلنا بأحد الكوادر المرابطة أمام السجن المدني بالمرناقية وسألناه عن سبب التأخير فأجابنا بكل ثقة في النفس أن القائمات التي تضم أسماء المفرج عنهم مازالت لم ترد على أروقة مكاتب الإدارة بالسجن. الساعة تشير إلى السادسة كنا مع باقي الجموع ننظر صوب أبواب السجن علها تفتح في وجه أحد السجناء لنتحسس بصيص أمل أن الفرج قادم لا محالة إلى أن وافانا نفس العون من تلقاء نفسه وهمس لنا أن المراسلات قد وصلت وتضم 1077 سجينا ومن بينهم «هيثم عبيد» فأحسسنا ببعض الراحة، نفس الخبر تسرب إلى عائلة السجين وبدت ملامح السعادة بادية على وجوهها. الساعة السادسة والنصف أعلن عن بداية الإفراج عن 4 أو 5 أنفار بمعدل كل ساعة إلا الربع. الثامنة ليلا شهدت توافد العديدين من أقارب وأصحاب «عبيد» من بينهم اللاعب السابق للملعب التونسي والنادي الإفريقي «جمال الدين ليمام» والممثل محمد علي بن جمعة. في الساعة العاشرة والربع تقريبا علت صيحات «بلحسن» شقيق «هيثم عبيد»: «إنه هيثم.. إنه هيثم شقيقي» متوغلا بين الحشود الغفيرة وأعوان الأمن الذين لم يجدوا بدا من منعه وتبعناه إلى أمام بهو السجن، كانت لحظات معبّرة جدا بين بكاء الفرحة والزغاريد... الجميع كان في حالة هيستيريا كبرى، وحاولنا بكل الطرق الوصول إلى هيثم عبيد والخروج على الأقل بتصريح حصري ل«التونسية» فكان لنا ما نريد بعد دقائق معدودة بفضل «بلحسن عبيد» شقيق «هيثم» الذي سمح لنا بأخذ التصريح التالي: «الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله.. إنها العدالة الإلهية التي وأخيرا أنصفتني وأرجعتني إلى أحضان عائلتي وأصدقائي وكل من يحب «هيثم» وبالمناسبة أشكر كل من وقف إلى جانبي في محنتي من قريب أو من بعيد ومنحني الثقة ولو «بكلمة حلوة» ولا أريد أن أذكر أناسا وأترك آخرين أخص شكري إلى جمهور الترجي العظيم الذي خصني بتشجيعه وأنا أحييه ولا أجد كلاما آخر وشكرا لكم أنتم الإعلاميين على حضوركم». تصريحات خاصة ب«التونسية» «بلحسن عبيد»: «الحمد لله، لقد عانينا كثيرا في السابق وها هو «هيثم» يعود بيننا الآن ونحمد الله على كل شيء». «جمال الدين ليمام»: «أنا سعيد جدا ل«خويا هيثم» والحمد لله وحده عز وجل الذي فرج كربته». «محمد علي بن جمعة»: «لحظة تاريخية بأتم معنى الكلمة، سعينا إلى هذا اليوم منذ 13 شهرا وها هو الحلم يتحقق اليوم».