المشهد الثقافي التونسي موسمي بطبعه يعرف فترتين في السنة، الأولى فترة ركود شتوي تقل فيها الحفلات والمهرجانات بدرجة كبيرة وتتقلص خلالها الموارد المالية للفنانين رغم فترة صحوة نسبية بمناسبة الإحتفال بالسنة الميلادية أما الفترة الثنائية فهي فترة إنتعاشة صيفية تكثر فيها الحفلات بأنواعها إلى جانب المهرجانات والأعراس . هذه الثنائية تجعل الفنان ينفق خلال فترة الركود ما إدخره طوال الصيف وهكذا دواليك لكن الوضع بعد الثورة تغير بشكل ملحوظ إذ قلت المهرجانات والسهرات إما لدواع أمنية أو لتزامنها مع شهر رمضان المعظم. إضافة إلى الفترة الشتوية التي شهدت ركودا أكثر من المعتاد ، فكيف يعيش فنانونا هذه الأزمة ؟ وكيف يواجهون المصاريف اليومية خاصة في ظل غلاء المعيشة ؟ "التونسية" طرحت السؤال على عدد منهم وحصلت على الإجابات التالية: عبد الحكيم بلقايد (ملحن): الأمور غير واضحة البداية كانت مع الملحن عبد الحميد بلقايد الذي يرى أن الوضع تغير نحو الأسوأ وأن الفنان التونسي في الفترة الأخيرة "عايش بقدرة ربي" أما بالنسبة إليه فإنه يحاول قدر الإمكان التأقلم مع الظروف الجديدة بالتلحين الخاصة لبعض الفنانين الذين لم يتوقفوا عن العمل وواصلوا إنتاج أعمال جديدة وعددهم قليل حسب قوله ، مشيرا إلى أن المستقبل يبقى في حكم المجهول ملاحظا أن المهرجانات ضرورية بالنسبة للفنان ، لكن النشاط الفني يبقى رهين الوضع الأمني والإقتصادي بالبلاد ككل . فاطمة بوساحة (فنانة شعبية): نكاد نموت جوعا الفنانة الشعبية فاطمة بوساحة ترى الوضع كارثيا قائلة بلا تحفظ :" باش نموتوا بالشر" مؤكدة أن الساحة الثقافية جامدة متثلجة كالطقس ، فاطمة قالت إنها أصحبت عاجزة عن توفير أبسط المتطلبات لعائلتها وعائلات فرقتها التي لا مورد رزق لها إلا الحفلات والمهرجانات والأعراس . وأضافت أنه لا بد من حل سريع وعاجل قبل أن تتأزم الأمور أكثر . وأكدت فاطمة بوساحة أنها وقفت مع الثورة وساندتها وأنها تونسية مائة بالمائة إلا أن الوضعية الحالية للبلاد ككل لا تسر ولا تبشر بالخير فقد كثرت الإضرابات والوقفات الإحتجاجية و"حك راسك اعمل إعتصام" مما أصاب الإقتصاد بالعجز والشلل مطالبة المسؤولين بالتدخل العاجل لإنقاذ القطاع الفني وإنتشاله من الضياع . أحمد الماجري :"شوية من الحنة ..." أحمد الماجري أو "بوب مارلي" تونس كما يحلو لمحبيه تسميته تساءل قائلا :" كيف ننتظر إبداعا من إنسان أقصى همه خلاص كراء منزله وفواتيره وبالإضافة إلى هذا فحتى إذا تمكن الفنان بوسائله الخاصة من إنتاج شريط أو تسجيل أغنية فإنه لا يجد منوعة تلفزية تقدم إنتاجه بما أن جميع القنوات مشغولة بالشأن السياسي وحتى الإذاعات تكتفي بتمرير أغنية واحدة أو إثنتين من باب المجاملة أو "الأخذ بالخاطر" . إن الوضع صعب فعلا والوضعية الإجتماعية لمعظم الفنانين سيئة لكن "شوية من الحنة وشوية من رطابة اليدين" صحيح أن الوضعية الامنية لا تشجع الجمهور على إرتياد الحفلات وصحيح أنه أمام الحكومة الحالية ملفات أكثر أولوية وأهمية من القطاع الثقافي ، لكن الكثير من الفنانين تخلوا عن دورهم الإبداعي وتحولوا من الإنتاج الفني إلى الإهتمام بالشجار والمشاكل الجانبية التافهة والنقابات وبإختصار الفنان التونسي "يطلع في الروح" وعليه البحث عن حل لوضعيته بنفسه دون أن ينتظر المساعدة من زيد أو عمر . نجاة عطية:نحبوا بلادنا ولازمنا نصبروا عليها إعتبرت الفنانة نجاة عطية أن وضعية الفنان التونسي مرتبطة بوضعية الإقتصاد التونسي ، تونس بصدد بناء نفسها بعد الثورة ولا بد على كل مواطن غيور على بلاده أن يتحلى بالصبر ويعطي الفرصة لمن يهمه الأمر للعمل والإنتاج كي يتحسن الوضع، والفنان التونسي مواطن قبل كل شيء يهمه ما يهم التونسي ، صحيح أنه يعاني من وضعية صعبة في غياب أي حركة ثقافية تقريبا فلا مهرجانات ولا حفلات ولا تظاهرات ثقافية ولكن كل شيء يهون في سبيل مصلحة تونس . أنيس الخماسي : "متعودون على "تدبير الراس" يرى الفنان أنيس الخماسي أن الوضعية ساءت فعلا ولكنها ليست بتلك الدرجة الكارثية فحفلات الزفاف لا تزال موجودة : "يعني الناس موش باش تبطل العرس" والفنان التونسي متعود على "تدبير الراس" . آمنة فاخر : تأقلم تقول الفنانة آمنة فاخر :" أغلبنا يمر بظروف خانقة ومنا من يعجز عن إعالة أسرته لكن الفنان في النهاية مواطن تونسي يمر بنفس الظروف التي يمر بها المجتمع " . وتواصل حديثها قائلة :" انا والحمد لله كفنانة تونسية احاول التأقلم مع الظروف القاسية التي نعيشها كالغناء في بعض الحفلات وإنتاج بعض الأغاني الجديدة" .