على الرغم من تراخي الجمعيات والنقابات السينمائية وعدم إصدارها لأي بيان بخصوص قضية سجن مدير «التونسية»زميلنا الصحفي نصر الدين بن سعيدة، فإنّ عددا من الفاعلين في قطاع السينما لم يترددوا في التعبير عن إدانتهم المطلقة لما حدث بل إن البعض حمّل الحكومة مسؤولية اقتراف سابقة لم تحدث زمن بن علي نفسه و لا حتى في عهد الاستعمار الفرنسي ... "التونسية" استقصت تفاصيل مواقف وجوه سينمائية في الأسطر التالية: نجيب عياد (منتج سينمائي، كاتب عام الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام) :أتحسّب مما قد يحدث في المستقبل... ما حدث غير معقول وغير مقبول ولا أجد توصيفا له، كنت أظن أننا دخلنا عصر ما بعد الثورة في تونس فإذا بحبس مدير جريدة «التونسية» يربكني ويدفعني لإعادة ترتيب أوراقي، فحتى لو كان نشر الصورة - تعلّة الحبس- خطأ مهنيا فإن الخطأ يعالج في الدول المتحضرة ذات التقاليد الصحافية داخل المنظمات المهنية وعند الضرورة بخطايا مالية أما أن تضع الحكومة صحافيا في السجن بعد شهرين من تسلمها مهام إدارة الدولة فهذا تصرّف غير مفهوم ودون تردد أبدي استغرابي من هذا التصرف من طرف وزير العدل الذي هو قانونيا رئيس النيابة العمومية، وخوفي أن تطال مثل هذه الإجراءات كل إنتاج سمعي بصري لا يروق للنيابة العمومية التي تريد أن تلعب دور الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر. إدانتي سجن الصحفي نصر الدين بن سعيدة موقف مبدئي وهي أيضا تحسّب مما يمكن حدوثه مستقبلا . عبد العزيز بن ملوكة (منتج سينمائي) :القضية الفضيحة ... أعتبر سجن مدير «التونسية» فضيحة ولا أجد عبارة أخرى تعبّر عما أشعر به. لقد حاولنا أن نعبر عن شعبنا من خلال الأفلام التي أنتجناها في العقدين الأخيرين ورفضنا الانخراط في موجة التمجيد لبن علي وحافظنا على استقلاليتنا وأفلامنا ومواقفنا تشهد لنا. وكنا نأمل ومازلنا أن يتحرر المبدع التونسي خدمة لشعبه ولكني وقد تجاوزت الستين من العمر أجد نفسي أمام من يريد فرض معركة وهمية بين الأخلاق وحرية الإبداع ، وبصراحة أنا متألم لضعف موقف الصحافيين أنفسهم وتراخي المجتمع المدني فمساندة نصر الدين بن سعيدة تتجاوز شخصه لأنها دفاع عن قيمة الحرية، ولا أمل في ديمقراطية بلا صحافة حرة لا يتهدد السجن أبناءها . ولا شك في أن استمرار حبس مدير «التونسية» يحقق شيئا واحدا هو تشويه صورة الثورة التونسية لأن بن علي نفسه لم يسجن أي مدير صحيفة. لطفي العيوني(نائب رئيس الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام) :هل نحن في دولة سلفيّة؟ كسينمائي حرية التعبير تجري في عروقي و لا أفهم كيف يتم في تونس بعد 14 جانفي إيقاف صحافيين وسجن مدير جريدة؟ ما هي جريمته؟هل سب وثلب وقدح وشتم وهتك أعراضا؟ لماذا إذن يعامل وكأنه مجرم ويرمى في السجن؟ ماذا يحدث؟ قناة «نسمة» تحاكم واليوم «التونسية» فهل نحن في دولة سلفية؟ هل هذه هي مكاسب الثورة ؟ بن علي كان يضغط على الصحف بوسائل أخرى مثل منع الإشهار والتضييق على التوزيع بل أكثر من ذلك لا أتصور أنه تم سجن مدير صحيفة حتى في عهد الاستعمار الفرنسي ... أدين هذا التصرف غير المبرر وأطالب بإطلاق سراح السيد نصر الدين بن سعيدة ولا أعتبر موقفي تدخلا في سير القضاء بل دفاعا عن حرية الصحافة وآمل أن يدرك عامة التونسيين أن أكبر خطر يتهدد حريتهم هو ضرب الصحافة تحت أي مبرر ومن الواضح أن من اختار المدخل الأخلاقي واع بما يفعل في هذه الظروف التي تمر بها تونس وقد فتحت ذراعيها بفعل فاعل لاستقبال تجار بإسم الدين من فقهاء الفضائيات. مختار العجيمي (مخرج سينمائي) :حالة من النفاق الاجتماعي... أدعو نصر الدين بن سعيدة إلى إيقاف إضراب الجوع لأنه يضع حياته في خطر وأعتبر أن على الحكومة أن تتدخل حتى لا تتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه. وإني أستغرب من نفاق جانب من التونسيين فالمواقع الإباحية مفتوحة و لا أحد أبدى ضيقه حتى النيابة العمومية لم تتحرك لتقنين المسألة ولكنها بشكل غير متوقع وبسرعة مثيرة للأسئلة أوقفت ثلاثة صحافيين ثم سجنت مدير الجريدة وسحبت الصحيفة من الأكشاك ؟؟ أخشى أن تكون ردة الفعل الشرسة على الصورة التي نشرتها «التونسية» عاكسة لموقف إيديولوجي برداء فقهي من الصورة يصل حد التحريم. رضا التركي(منتج سينمائي) : على المجتمع المدني أن يتحرّك... ما حدث «تخلويض» فصيانة الأخلاق العامة لا تكون بخنق الإبداع، فإذا كانت هذه الصورة تؤدي بناشرها إلى السجن فماذا سيكون مصير من يدلي بموقف سياسي مخالف لمن يحكم؟ وما مصير عشرات الأفلام التي ينجزها سينمائيون شبان تمردوا على قمع بن علي واخترقوا المسكوت عنه؟ هل تكافئ الثورة أبناءها بهذا الشكل؟ لا بد من إيقاف النزيف وعلى المجتمع المدني أن يتحرك قبل فوات الأوان . محمد الحبيب عطية(منتج سينمائي) :قرار سياسي... "ما فهمتش" السرعة في البحث والتحقيق والإيقاف التحفظي ثم الإيداع بالسجن؟ في ظرف 24 ساعة حدث كل هذا وكأن الشعب التونسي اهتز كيانه من صورة سامي خذيرة وصديقته أو زوجته ؟ حبس مدير «التونسية» إشارة واضحة لنا جميعا «باش نكرمو لحيتنا بإيدينا» ونعرف الخطوط الحمراء من الآن . لا شك أن قرار الحبس هو قرار سياسي خلافا لما يقال، والمسألة لا تتعلق بتوقيت النشر فما حدث سابقة خطيرة لابد من قطع الطريق أمام من يرغب في تكرارها .