لم يسبق أن أثار إنتقال لاعب إلى فريق ما داخل أو خارج تونس ضجة كبيرة كتلك التي نعيشها ونسمعها اليوم بعد مغادرة اللاعب أسامة الدراجي لفريقه الترجي التونسي ... أسامة الذي خير عدم تجديد عقده مع الترجي وإختار التوقيع خلسة لفائدة نادي "سيون" السويسري يعيش هذه الأيام على وقع هجمة شرسة نالت من إسمه ومن سمعته من طرف عديد الأصوات والأطراف التي تجندت لتجريمه على خلفية تنكره للفريق الذي إحتضنه وكان وراء بروزه .. قد يكون من الطبيعي أن تصب جماهير الترجي جام غضبها على قائد فريقها وهو الذي كان بالأمس القريب معشوقها ولاعبها المفضل وقد يكون من البديهي كذلك أن تكون مغادرة "المايسترو دراجينهو" لمركب الحديقة بتلك الطريقة بما أن الدراجي إختار المغادرة من الشباك وليس من الباب الكبير الذي رسمه وتوقعه له كثيرون ولكن من غير المعقول أن ينضم بعض اللاعبين من رفقاء الأمس وخاصة بعض العقلاء ممن يمتهنون صاحبة الجلالة ويعشقون انسياب الحبر بين السطور إلى فيلق المنددين بما أتاه الدراجي وكان هذا الأخير ارتكب جرما يعاقب عليه القانون ويحرمه شرع الكرة في تونس... "ناكر للجميل" ولكن .. "أسامة الدراجي خان العشرة وعض اليد التي إمتدت له" هكذا عنون البعض وهذا ما ذهب إليه كثيرون ممن رفضوا أن "يغدر" أسامة بفريق الترجي وأن يكون الجزاء من غير صنف العمل ...ولكن هل غدر الدراجي فعلا بالترجي وهل يستحق أن يحشر مع زمرة الخائنين ؟ ثم هل أن الدراجي هو اللاعب الوحيد في تونس الذي غدر بفريقه وحرمه من نصيبه في الصفقة ؟ ثم لماذا قامت الدنيا وما تزال على أسامة الدراجي دون سواه ...؟؟؟ لنتفق أولا على أن ما أتاه الدراجي يدخل في خانة الأنانية والطمع والجشع بما أنه فكر في مصلحته أولا وأخيرا ولم يفكر في مصلحة ناديه الذي صنع منه نجما لامعا واسما تتداوله الألسن ولنتفق كذلك على أنه من الجحود والنكران أن تكافأ جماهير الترجي التي كثيرا ما تغنت بإسم المايسترو بتلك الطريقة الفجة لكن ألسنا في عهد الإحتراف حيث تلغى الحدود والقيود ومفردات "القليب" وحب "المريول" بحيث يحق لأي لاعب كان أن يختار طريقه ويضمن مستقبله ؟ ثم أليس من المفروض أن تسأل إدارة الترجي كذلك عن هذا التقصير بما أنها تتحمل المسؤولية كاملة في ما جرى وهي التي أجلت الخوض في ملف التجديد إلى وقت غير بعيد...؟؟؟ خيانة مشروعة ... بعض الذين نصبوا المشانق لأسامة الدراجي وجعلوا منه خائنا للون والعلم هم أنفسهم الذين شرعوا الهجرة السرية لأكثر من لاعب في البطولة التونسية ... حال "الدراجي" اليوم يذكرني بحال الكثيرين ممن غادروا أو يعتزمون ذلك والكلام هنا يخص قائد النادي الإفريقي زهير الذوادي مع إختلافات كبيرة في الجوهر والمضمون ... أسامة خائن لأنه غدر بالترجي وتحديدا برئيسه حمدي المدب وكأن الترجي انحصر في شخص المدب ولا حرج في قول ذلك طالما أن الجميع يجرفه هذا التيار و"زهير الذوادي" الذي تمنع مثلما إشتهى وأراد بريء من هذه التهمة لان هيئة الإفريقي عاجزة ولم تتمكن إلى حد الآن من تجديد عقده ...مفارقة غريبة وعجيبة في الآن ذاته فالإسمان لقائدين في فريقيهما وهما لاعبان دوليان عقديهما ينتهيان في جوان القادم نهجا نفس الخطوات وشرعا لهروبهما رغم الحظوة الكبيرة التي يتمتعان بها داخل وخارج حدود مركبي فريقيهما. الذوادي قيل إنه وقع سرا لنادي "كولن" الألماني وهو الأمر الذي يصر "الزو" دوما على نفيه و"الدراجي" وقع ل "سيون" السويسري والموقع الرسمي لهذا الفريق كشف بقصد أو دونه عن الأمر ... إدارة النادي الإفريقي فاشلة وعاجزة في نظر الجميع لأنها لم توفق في إقناع "الذوادي" للفوز بتوقيعه وعلى النقيض لا تتحمل إدارة الترجي أي وزر في ما إرتكبه الدراجي لأنه هو الخائن وهي لا حرج عليها... الأمر لا يقتصر على الإفريقي فحسب فبقية الكبار عانوا الأمرين جراء تعنت نجوهم أمثال النادي الصفاقسي والنجم الساحلي وبدرجة أقل الملعب التونسي رغم تسليمنا بتقصير مسؤولي هذه الاندية في تصريف شؤون نواديهم ففاقد الشيء لايعطيه لكننا مع ذلك لم نسمع يوما عن "الخيانة" أو "الغدر" سوى في عناوين الدراما التركية ... موضة تونسية ... إنه من الصعب تحديد الطرف المذنب في قضية جلادها هو الضحية لكن كان بالإمكان أن تكون الأمور أيسر من ذلك بكثير لو تحلت بعض الأقلام بقليل من الحياد ف"الدراجي" خان العشرة وهذا الطرح ملك لجماهير الترجي فقط لا غير والذوادي بدوره قد يأتي نفس الصنيع وسيكون الدور حتما على جماهير الإفريقي ومع ذلك سينتهي الأمر قريبا شئنا أم أبينا لأن "العاطفة" التي تحرك سواكن الجماهير ستختار طواعية فارسها الجديد وستطوي قريبا صفحة الخيانة لأن تلك هي أحكام الكرة ... أم الذين ورطوا أنفسهم في حملة الدفاع عن عرش "الكبار" وسلكوا طريق التبندير وإستعطاف المسؤولين وإرتدوا عباءة الواعظين فأولى لهم أن يترفعوا عن هذه الأمور أو أن يبحثوا عن "وجدي غنيم" خصوصا وان الجميع ينادي الآن بتطهير الإعلام والأقلام ...