يقول الفرنسيون: «لا شيء يجعلنا كبارا بهذا المقدار سوى الامنا الكبيرة» وهو ما ينطبق تماما على أسامة الدراجي الذي واجه أعنف الصدمات وأكبر الضغوطات ليصبح أهم عنصر في تشكيلة الأصفر والأحمر. أكدت جميع الهيئات المديرة المتعاقبة على فريق الترجي الرياضي أنه بقدر ما يكون مقام اللاعب رفيعا في صفوف فريق «باب سويقة» بقدر ما يتعين عليه أن يكون متواضعا وقد تجسم هذا الأمر في عدة مناسبات كان أبرزها عندما أقدم الرئيس التاريخي للأصفر والأحمر المرحوم الشاذلي زويتن على معاقبة أهم لاعب في الترجي انذاك وهو: عبد الرحمان بن عز الدين الذي حمل شارة قيادة الفريق وشكل أحد أفضل لاعبيه عبر تاريخه الطويل بل أصبح مدربا له في فترة لاحقة ثم جاء الدور على لاعب آخر استثنائي في صفوف الترجي وهو عبد المجيد بن مراد عندما أبعده الرئيس السابق للترجي حسان بلخوجة عن تشكيلة الفريق ويبدو أن حمدي المدب نسج على منوال زويتن وبلخوجة عندما عاقب المهاجم النيجيري السابق للفريق مايكل انيرامو ورفض مؤخرا فرض الدراجي في التشكيلة التي اختارها معلول لمواجهة الهلال بالرغم من أن أسامة يعتبر اللاعب المفضل لرئيس الترجي. «الشروق» حاولت أن تتناول الوضعية الحالية لقائد الترجي من كل جوانبها فخرجنا بالمعطيات التالية: أسباب فنية؟ قد يجعلك «مايسترو» الترجي الرياضي أسامة الدراجي لا تشعر أحيانا بوجوده لفترات طويلة أثناء مباريات فريقه كلما عجز عن فك المحاصرة اللصيقة المفروضة عليه أو كذلك عندما يكون في أسوإ حالاته البدنية والذهنية لكنه تعود مع ذلك أن ينتفض ويباغت الجميع بفواصله المهارية العالية وأهدافه الحاسمة ومن هذا المنطلق تبدو حكاية الأسباب الفنية التي فسر بها معلول عدم التعويل على الدراجي في مقابلة «أم درمان» والزج به لفترة قصيرة في تشكيلة الفريق عندما واجه الأهلي المصري مجانبة للصواب. الأرقام والملف الطبي في صف الدراجي لو تأملنا الأرقام الخاصة بصانع ألعاب الترجي الرياضي أسامة الدراجي سنلاحظ تطورا كبيرا في أدائه فلئن اكتفى خلال موسم 20072008 بتسجيل ثلاثة أهداف فإنه ضرب بقوّة في الموسمين المواليين (20082009 و20092010) حيث سجل 11 هدفا ثم 10 أهداف قبل أن يتمكن خلال الموسم المنقضي من تسجيل 21 هدفا منها 10 أهداف في سباق البطولة وقد ساهم الدراجي في إحراز فريقه على ثلاث بطولات (2009 و2010 و2011) وكأس تونس في مناسبتين (2008 و2011) ولقب شمال إفريقيا (2008) ورابطة أبطال العرب (2009) أما بخصوص الملف الطبي لهذا اللاعب فقد أكد لنا طبيب الترجي ياسين بن أحمد أن الموسم المنقضي كان الأفضل على الاطلاق بالنسبة لأسامة حيث لم تلاحقه الإصابات منذ فترة زمنية طويلة وأضاف بن أحمد الذي سبق له أن تقمص ألوان الترجي كلاعب: «يبقى الدراجي أحد أفضل اللاعبين في تونس إن لم يكن الأفضل على الاطلاق ولا ننسى أنه كان يسجل في جل المقابلات التي خاضها الفريق في سباق البطولة خلال مرحلة الإياب في الموسم المنقضي». «موضوع حساس جدا» هكذا وصف أحد أبناء الترجي ملف اللاعب أسامة الدراجي وأضاف محدثنا قائلا: «ينبغي أن لا ننسى ذلك المردود المتميز لأسامة الدراجي أثناء مقابلة النادي الصفاقسي في سباق البطولة حيث كانت تلك المباراة مهمة جدا بالنسبة لفريقنا ثم أن كل الأرقام تؤكد تألق هذا اللاعب ولكن أحيانا يكون فريقنا مضطرا إلى التعويل على خدمات لاعبين يحذقون افتكاك الكرة في وسط الميدان كما هو الشأن في مباراتنا أمام الهلال السوداني. «مصطفى أوزيل» والمنجي الدراجي وجه مصطفى أوزيل والد اللاعب الألماني مسعود أوزيل مؤخرا رسالة إلى مدرب ريال مدريد جوزي مورينهو طالب فيها بإنصاف ابنه من خلال جعله محور اللعب كما فعل مدرب برشلونة مع «ميسي» وهو ما يؤكد أهمية حضور الأولياء في حياة أبنائهم الناشطين في الجمعيات الرياضية خاصة إذا تعلق الأمر بلاعب مثل أسامة الدراجي الذي يتمتع بخصوصية قد لا تتوفر لدى غيره من اللاعبين وتتمثل في أن والده المنجي كان لاعبا سابقا وهو ما يجعله مؤثرا في مسار حياته الكروية حيث يعمل والده على توجيهه والسعي جاهدا إلى تأمين مستقبله وهو ما أدى إلى توتر علاقة حمدي المدب بعائلة الدراجي في بعض الأحيان ولو أن مطالب والد الدراجي كانت مقبولة حسب كل الملاحظين والمهاجم السويدي «ابراهيمو فيتش» نفسه قال مؤخرا إنه يريد «تأمين حياة كريمة لعائلته قبل مغادرة الملاعب» لذلك من حق الدراجي أيضا أن يفكر في هذا الأمر سواء من بوابة الترجي أو عندما يغادر باتجاه فريق اخر ولو أن جماهير الترجي لا ترغب أن ينطق لاعبها بتلك الكلمات التي قالها «ابراهيموفيتش» «لقد اقترب موعد الفراق». الدراجي، معلول والمدب يبدو أن حمدي المدب أراد أن يثبت لجماهير فريقه أن الترجي الرياضي لن يبقى أبدا رهن لاعب بعينه مهما كان اسمه ولكنه أراد كذلك أن يذكر الدراجي بما فعله من أجله فالمدب تخلى عن خدمات المدرب «كابرال» لإنصاف شبان الفريق وفي مقدمتهم أسامة الدراجي وحاول المدب تقديم كلّ ما في وسعه ليعانق هذا اللاعب النجاحات أما معلول فقد أراد أن يؤكد بأنه لا يهتم بالنجوم شأنه في ذلك المدربين الكبار مثل أندري ناجي ولوشانتر عندما أبعدا عدة نجوم من تشكيلة الإفريقي عندما أشرفا على تدريب الفريق أو كذلك المدرب «دونغا» وما فعله إزاء النجم البرازيلي الصاعد «نيمار»... وأثبت معلول أنه تأثر بالشخصية العسكرية للمدرب روجي لومار الذي عمل معه كمساعد صلب الفريق الوطني... «مادزولا» وريفارا والمساكني والدراجي تحتفظ الذاكرة الرياضية في إيطاليا بما حدث سابقا بين اثنين من أبرز المواهب الكروية في تاريخ الطليان ويتعلق الأمر باللاعبين «مادزولا» و«ريفارا» حيث واجه مدربو المنتخب الإيطالي انذاك عدة صعوبات بسبب هذين اللاعبين بحكم أنهما كانا يتمتعان بإمكانات استثنائية ويلعبان في المركز نفسه تقريبا (خط الوسط) وهو ما أجبرهم في بعض الأحيان الاعتماد على خدمات أحدهما أثناء فترة معينة من الميدان مع التعويل على الثاني في طور آخر من المقابلة نفسها ولكن الترجي أثبت إلى حد الآن أنه بإمكانه الاستفادة من مجهودات المساكني والدراجي معا ولكن لا أحد بإمكانه أن ينكر أن احتجاب أحدهما عن تشكيلة الفريق قد تخلف عواقب نفسية وخيمة على الآخر لأنهما ببساطة شديدة يعتبران نفسيهما الأفضل على الاطلاق في صفوف الترجي لكن تأثر الدراجي يكون حسب اعتقادنا أكبر لأنه تلقى تكوينه منذ الصغر صلب «الأحمر والأصفر».