... لم لا، ألم يكن يوسف عليه السلام فتنة لنساء مصر؟ فقد راودته امرأة العزيز عن نفسه «فهمت به وهم بها لولا برهان ربي» ولمّا لم ينصع لها أمرت بسجنه، ثم ألم تقطع نساء مصر أيديهن لما رأينه وهو على ذلك الحسن والجمال الخارق؟ وألم يؤمر وضاح اليمن الشاعر الفاتن الذي أغوى بجماله نساء العرب إلى درجة اشتكى منها الرجال إلى القضاء بوضع خمار على وجهه. فللرجل بهاؤه ووسامته وجاذبيته التي تستفز مشاعر المرأة ممّا قد يجدر بنا أن نبتدع للرجال نقابا لاتقاء شرّهم هم أيضا وبذلك نضع حدّا للفتنة الأبدية بين الجنسين ونتحوّل إلى أكوام من اللحوم تسير على الأرض دون أحاسيس ودون مغريات قد تؤدّي بنا إلى المزالق... ترى لو ارتدت زليخة نقابا هل كان سيحول دون عشقها ليوسف؟ وهل يحمي ذلك نساء قصر عزيز مصر من سحر يوسف؟ ألا يجدر بنا أيضا، ونحن على هذه الحال من تهميش قضايانا الحقيقية، أن نبتكر نقابا للورود والزهور لأنها توحي بدورها بالعشق والحب (لعنه الله وعافانا منه) ومن الرومنسية ومن تبادل المشاعر الفياضة بين الرجل والمرأة مما يحول دوننا ومباهج الحياة كلها، فحتى المودّة والرحمة اللتان جعلهما الله بين الرجل والمرأة (بلاش منها) إذ كيف تنشأ المودة بين أكوام تتدحرج على الأرض تطل على الناس من خلف الستار بلا هويّة فإذا قتلنا المشاعر التي تؤسس لأسرة سعيدة وتخاصمنا مع الحب كيف تكون الحياة؟ أتذكر أن جدتي، رحمها الله، كانت تتحدث عن الحب بكسر حرف الحاء لعلها كانت محقة فالحب بالكسرة أقل خطورة منه برفع الحاء ثم لِمَ لا نتعامل مع المرأة كفكر وكطاقة إبداع وخلق إلى جانب أنها عنصر توازن عاطفي. نعم عاطفي ووجداني دونه لا تستقيم الحياة مثلما هي عنصر إنتاج في كل الحقول الاقتصادية والاجتماعية والمعرفية يمكن لها الاختلاط بالرجل دون مركبات وعقد. انظروا مدى نجاح المرأة في العالم في تحقيق ذاتها وتحسين صورتها الاجتماعية كلما تسلحت بالعلم لمواجهة التحديات وتجاوزت النظرة الرخيصة لها من قبل شرائح معينة من الناس. لماذا لا نتركها تعيش بعبقريتها وقدرتها على النفاذ إلى المدنيّة والحضارة بكل ثقة في النفس أما وقد بلغنا الآن خبر ختان الإناث فقد سقط القلم من يدي ليترك المجال للشاعر الشعبي حيث يقول «مازلت تسمع كان عمرك طوّل في كل يوم يجيك خبرْ جديد تنسى لَوّلْ ".