شعارات غريبة ترفعها مجموعات عرفت بانتمائها للمجموعات السلفية أو الجهادية.... رايات سوداء وبيضاء ترفع في بعض الاحتجاجات... حملات شرسة تشن على المقرات الأمنية وانتهاك واضح لحرمة الكليات وقد طالت التجاوزات حتى المساجد ومنابر الأيمة وهاهي اليوم مرابضة أمام مقر مؤسسة التلفزة الوطنية في حملة غير مسبوقة ل «تطهير الإعلام»... أجواء محتقنة.. توتر وعنف لفظي ودعوات غريبة بتنا نسمعها من حين إلى آخر لتطبيق الشريعة الإسلامية وسط شعارات لا تتوانى عن تكفير جانب هام من المجتمع. فقد شهدت أغلب الكليات في سوسة وصفاقس ومنوبة في المدة الأخيرة عدة أحداث قادتها مجموعات سلفية متشددة دعت بعضها إلى حق الطالبات المنقبات في ارتداء النقاب وقامت مجموعات أخرى بالتهجم على الأساتذة ممّا أثار موجة من الاستياء وخلف ردود فعل ساهمت في تسميم الأجواء داخل الكليات وعطلت الدروس وأجلت الامتحانات. ولئن أثارت عملية إنزال العلم وتمزيقه بكلية منوبة موجة من السخط والاستياء فإن هذه الحادثة جاءت بعد سلسلة من الأحداث التي عرفتها الكلية طيلة الشهور الماضية والتي انطلق أول فصولها بمنع الطالبات المنقبات من إجراء الامتحانات. ورغم أن الحكومة عرفت بمواقفها الحيادية طوال المدة الفارطة ولم نشهد موقفا صارما لما يحصل في كلية الآداب بمنوبة فإن الحادثة الأخيرة قد تكون النقطة التي تفيض الكأس. وفي هذا الإطار يعتبرعبد اللطيف المكي القيادي في «النهضة» أن الرد سيكون عبرة لكل من تسول له نفسه خرق القانون مشيرا إلى أنه رغم أن هذه العملية «طائشة» فإن القانون سيأخذ مجراه واعتبر أن القضاء سيتحرك من تلقاء نفسه فهذه المسألة ليس فيها تقدير وقال: «لا أحد فوق القانون وليس هناك «تغطية» على أي طرف ومن ارتكب خطأ فسيحاسب عليه". وقال محمد بختي الناطق الرسمي بإسم اعتصام منوبة: «إن هذا الطالب سيتحمل مسؤوليته كاملة وما قام به يعتبرعملا فرديا رغم أن التحرك جاء على خلفية قرارات مجلس التأديب ولكن هناك أطراف جلبت العصيّ ووترت الأجواء وهذا الكلام موثق بالصور وللأسف تنسب جميع الأحداث للسلفيين". وجدير بالذكر ان كلية الآداب بسوسة عرفت بدورها صدامات وتبادلا للعنف بين طلبة ينتمون لهياكل طلابية مختلفة ومن بينهم الطلبة المحسوبون على التيارات الإسلامية والطلبة المنتمون للتيارات اليسارية وتخلل الصدامات داخل الكلية تبادل للعنف الشديد والهراوات ولم تكن هذه الحادثة هي الأولى التي تحصل فيها توترات بكلية الآداب بسوسة. فقد سبق وأن طالبت مجموعات سلفية في احتجاجات سابقة بحق المنقبات في ارتداء النقاب في الكلية. حدث هذا وتكرّر دون أن تحرّك السلط ساكنا وتضرب بيد من حديد على الغرباء الذين يتسلّلون الى حرمات الجامعات. على صعيد آخر يطالب سلفيون معتصمون في خيام أمام مقر التلفزة الوطنية ب«استئصال إعلام العار» ورفع بعضهم الأعلام السوداء المميزة لهم وحملوا شعارات مناهضة للتلفزة ودعوا إلى استئصال الإعلام النوفمبري. وتبرز تحرّكات السلفيين أيضا في بعض المساجد حيث سبق وأن أدانت وزارة الشؤون الدينية ممارسات بعض الجماعات السلفية التي عمدت إلى الاستيلاء على منابر المساجد والجوامع وقامت بإنزال الأيمة خلال خطب الجمعة وتعويضهم برموز سلفية وقد دعت وزارة الشؤون الدينية في تلك الفترة إلى ضرورة حيادية بيوت الله وإلى حماية الممتلكات العامة وخاصة الكتاتيب. كما قامت بعض المجموعات المنتمية إلى السلفية بوقفات احتجاجية أمس في العاصمة وقبل أيام في سوسة للمطالبة بإطلاق سراح زملائهم الذين هم في حالة إيقاف وبحث على خلفية أحداث بئر علي بن خليفة. فهل يعتقد بعض المنتمين للجماعات السلفية بأنهم فوق القانون؟ ثم لماذا يحاولون في كل مرة التمادي في فرض سلطتهم وقوانينهم الخاصة على البلاد والعباد؟ وهل هم «دولة داخل الدولة» حتى لا يحاسبون عمّا يأتون؟. يرى رضا بلحاج الناطق الرسمي بإسم «حزب التحرير» أن هذه المجموعات ليس لديها هيكل ينظم عملها ولو وجد الحزب أو الهيكل لصحت المحاسبة لكن تظل هذه الحادثة (في إشارة الى حادثة العلم بكلية منوبة) وغيرها من قبيل الحوادث «المعزولة» ثم ان اغلب الأعمال التي جدت في بلادنا ليست ب«الكارثية» لنفزع منها فهذا الشباب يجب أن نحسن التعامل معه لأنه يفتقر للتأطير وإن أخطأ شخص ما فلا نلقي باللوم على أغلب الحركة أو على جميع السلفيين. وقال رضا بالحاج: «لا علاقة لحزب التحرير بالسلفية فقد أنشىء حزب التحرير منذ سنة 1953 وهو موجود منذ القدم وبدأ ينشط في تونس منذ السبعينات ولا علاقة لنا بالسلف الصالح وبالذين يحتكم إليهم السلفيون، فنحن كحزب نرجع مصادرنا للقرآن والسنة ولا نلتزم بأي مرجعية سلفية رغم احترامنا للمذاهب الأخرى. ونحن حاليا منشغلون بقضايا أهم. وتعليقا على ما حصل في منوبة فأنا شخصيا أعتبر أن «العميد» هو جزء من المشكل وقد تحدثنا مع بعض الشباب من جميع الكليات ولا توجد مثل هذه الأزمة فهناك بيت للصلاة وتدرس بعض المنقبات دون مشاكل والقضية كان يمكن حلها ببساطة في 4 دقائق". وباتصالنا بوزارة الدفاع الوطني قال لنا مصدر مطلع إنّ هذه الحادثة وإن مست جميع التونسيين فإن الرئاسة والتي هي أعلى هرم في السلطة باعتبار أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ردت على الحادثة وندّدت بهذا التصرف الذي يمس من حرمة الدولة وهيبتها. وقال: «نأمل أن يأخذ القانون مجراه لكي لا تتكرر مثل هذه الحوادث في المستقبل".