أجّلت أمس هيئة المحكمة العسكرية الابتدائية بتونس برئاسة القاضي الهادي العياري أمس النظر في قضية شهداء وجرحى الثورة بإقليم تونس و ولايات زغوان وبنزرت ونابل وسوسة والمنستير إلى يوم 11 أفريل القادم لافساح المجال للمحامين للمرافعة. و قد خصّصت جلسة أمس لطرح الأسئلة من طرف المحامين بعد أن تمكّنت هيئة المحكمة من النظر في جلّ المطالب التحضيرية. و وجّه الأستاذ الهادي العبيدي محامي القائمين بالحق الشخصي أسئلته إلى المتهمين وتمحورت حول الجهات التي اصدرت التعليمات. وقد نفى المتهم علي منصور متفقد الأمن الوطني السابق تلقيه أية تعليمات زمن الأحداث ترمي إلى إجراء تفقّد في الوضع الميداني. وأضاف انّه يقع اتباع برنامج شهري لما سيقام به من أعمال تفقّد يعرض في البداية على المدير العام للأمن العمومي للموافقة عليه ثمّ تصدر بعد ذلك أوامر لكلّ فريق ولكلّ عون للقيام بتلك المهمّة. وأضاف أنّه يمكن أن ترد عليه إلى جانب الحوصلة اليومية للأحداث تعليمات من وزير الداخلية أو المدير العام للأمن الوطني تخصّ حدثا يعهد به للتفقدية كحادثة إطلاق رصاص أو وفاة عون أمن. وأكّد انّه في العمل العادي يرد في الأحداث الهامة إشعار كما يمكن أن تقوم قاعة العمليات المركزية برفع بطاقة في حدث معين إلى وزير الداخلية الذي قد يصدر فيه تعليمات بالبحث سواء للتفقدية العليا أو العامة. وأكّد انّه يمكن أن يقع توجيه تعليمات بالهاتف عن طريق وزير الداخلية لإجراء تفقد في موضوع معين. كما نفى ان كانت له علاقة مباشرة بالمخلوع أو بإدارة الأمن الرئاسي. و لئن تمسّك علي منصور بأقواله فقد عارض عادل التيويري مدير عام الأمن الوطني السابق بعض ما ورد فيها وأكد أن برنامج التفقدية يقوم به المتفقد العام بمفرده وينجزه ثمّ يقوم بعد ذلك بعرضه على مدير عام الامن الوطني. وأضاف أن علي منصور يقوم بالتفقدات الفجئية منذ سنة 2008 من تلقاء نفسه ولا يعلمه بذلك إلا بعد الانتهاء منها وأضاف التيويري أنه طالب من علي منصور التوجه إلى منطقة رأس الجبل قبيل خطاب المخلوع وليس بعده مثلما أدلى بذلك لكّنه لم يجد منه تعاونا. كذلك وجّه الأستاذ العبيدي إلى مدير قاعة العمليات السابق محمّد العربي الكريمي أسئلة تتعلق بتلقي تعليمات من وزير الداخلية السابق أحمد فريعة خاصة وأن هذا الأخير استظهر بمنشور يقر فيه بإصدار قرار منع إطلاق النار. فأكّد الكريمي أنّ فريعة لم يتصل به مباشرة لإعطائه التعليمات وانّ كلّ التعليمات تسجل بقاعة العمليات في ابانها وبالثانية خاصة وانّ القاعة تحتوي على تجهيزات تقدّر بالمليارات. وذكر انّه إلى جانب ما يصله من اقاليم تونس وإدارة الحماية الوطنية عن طريق قاعاتهم بالهاتف او بالفاكس فإنّه ترد على قاعة العمليات المركزية حوصلة تتثبت في كافة معلوماتها وتعرضها في ما بعد على القادة الأمنيين للنظر فيها مؤكّدا انّه لم يطلع على الحوصلة الواردة من قاعة الحرس الوطني . وتعقيبا على أقوال الكريمي أفاد أحمد فريعة أنّه نظرا للظرف الوجيز الذي تسلّم فيه الوزارة ونظرا لعدم معرفته بدواليب وزارة الداخلية فإنّه وجه تعليماته إلى رئيس ديوانه على غرار ما هو معمول به في الوزارات الأخرى. ولم يكن يعلم انّه يمكن المرور عبر قاعة العمليات المركزية لتوجيه التعليمات ذاكرا انّه بعد ان اتصلت به قاعة العمليات طلب منهم أنّه لا يريد نزول قطرة دم واحدة في تونس كما نفى أن يكون تواطأ مع احد أو قام بالتغطية عليه للإفلات من عواقب فعله. أمّا محمّد الأمين العابد آمر الحرس الوطني في عهد بن علي فقد عقّب على شهادة الكريمي قائلا انّه تصله حوصلة يومية من قاعة العمليات المركزية لكنه ليس مجبرا بإرسالها لوزارة الداخلية. وأضاف أن كلّ المعلومات الواردة على قاعة العمليات بالحرس الوطني مسجلة في دفتر أعمال يومي وطالب مساءلة عماد الخميري رئيس القاعة ومساعده مبروك الحامدي. كما وقعت مساءلة عادل التيويري عن اجتماع 28 ديسمبر 2010 والتقرير الذي كان مزمعا تقديمه آنذاك وقد أفاد أنّه كان من المتوقع عرض النسخة من التقرير التي يحملها وزير الداخلية على الرئيس السابق لكن بن علي لم يكن مهتما بما وقع من أحداث ولم يطلبه. أمّا النيابة العمومية فقد تركزت أسئلتها حول سرّ علاقة علي السرياطي ببن علي وبالعائلة الحاكمة وعن تأثيره ودوره في التسميات لكن هذا الأخير نفى ما نسب إليه مبينا أن علاقته ببن علي كانت في إطار العمل لا غير. كما طرحت النيابة العمومية اسئلتها على الوزير السابق رفيق الحاج قاسم حول ما يتعلّق بعدم اتصاله بالأعمال الميدانية في حين انّ النص القانوني يسمح له بذلك وقد تمسّك هذا الأخير بأقواله. و يذكر أن الأستاذ شرف الدين القليل محا مي القائمين بالحق الشخصي رفض تقديم أسئلة قبل إحضار مؤيد للقضية تمثّل في دفاتر حرّرت إبان الثورة وموجودة بوزارة الداخلية تحمل اسم رئيس الفوج ورقم السلاح وعدد الذخيرة والإمضاء عند الاستلام وعند الإرجاع. وقال انّ الداخلية ترفض ذلك وتتركها لتأثيث أرشيفها مضيفا انّه يرفض تقديم طلبات مدنية ضدّ المتهمين في ظل وجود قتلة حقيقيين متستر عليهم بقرار من الداخلية في إشارة إلى الميدانيين الذين قمعوا المتظاهرين. أما محامو الدفاع الذين صرّحوا في الجلسة الصباحية أنهم وتسييرا لعمل المحكمة لن يطرحوا اسئلتهم فقد استدركوا ذلك وخصصوا الجلسة المسائية لتوجيه اسئلتهم لمنوّبيهم ومساءلتهم عن وقائع معيّنة.