نظرت أمس المحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بصفاقس للمرة الثامنة في ما يعرف بقضية قصور الساف التي شهدت مقتل عوني حرس واصابة 3 من زملائهما هم «جوهر خياط» و«نافع كمون» و«مرشد الفريخة» على يد عناصر من وحدات التدخل مساء 15 جانفي 2011 ثم قامت هيئة المحكمة عند الساعة الرابعة عصرا برفع الجلسة للمفاوضة والتصريح بالحكم. والى حدود الساعة الثامنة ليلا لم يتم اصدار الحكم وسنعود اليه في عدد الغد ونكتفي الان بنقل تفاصيل ما جاء بالجلسة قبل رفعها للمفاوضة والتصريح بالحكم. هذه القضية التي تحمل العدد 56 تعلقت بمقتل رئيس مركز الحرس الوطني بالشابة النقيب محمد بوفريخة ومعه الوكيل صابر الغيضاوي واصابة 3 من زملاء الهالكين بالرصاص على يد اعوان من وحدات التدخل وذلك مساء يوم 15 جانفي 2011 بمدينة قصور الساف لما كان خماسي الحرس الوطني في طريقهم على متن سيارة رئيس المركز من المهدية الى الشابة حيث مقر العمل. وقد استوقفتهم مجموعات من المدنيين في اطار لجان الاحياء التي تكونت للحراسة عقب الثورة وبعد تعرف المدنيين على هوية ركاب السيارة وانهم من الحرس الوطني ومعهم اسلحتهم واشتبهوا فيهم منعوا السيارة من مواصلة المرور واتصلوا بثكنة النظام العام بقصور الساف للاشعار عن وجود هذه السيارة المدنية التي يقودها رئيس مركز الحرس ومعه 4 من زملائه وبحوزتهم أسلحة وبسرعة حلت سيارة تابعة لوحدات التدخل على عين المكان وطالبوا المدنيين المحاصرين لسيارة رئيس مركز الحرس بالابتعاد ثم تعاملوا باسلحتهم مع اعوان الحرس الذين لم تبدر منهم مقاومة ولا استعمال للاسلحة ولا مواقف عدائية ضد سيارة وحدات التدخل أو ضد المواطنين حسب افادة المدنيين الذين كانوا موجودين بالمكان. وكان من نتائج اطلاق النار استشهاد رئيس مركز الحرس محمد بوفريخة الذي كان يقود السيارة واستشهاد زميله الذي كان الى جانبه علما أنّ الطلقات كانت على مستوى الرأس. كما تعرض بقية اعوان الحرس الثلاثة الى اصابات خطيرة سببت لهم سقوطا كبيرا. وقد اتّهم في هذه الجريمة من اعوان وحدات التدخل الملازم اول علي المولدي وحافظ الامن بهاء الدين علواني الى جانب ناظر الامن المساعد فتحي الدرويش. وتم فتح قضية ضدهم تحت عدد 00056 حيث يمثل امام المحكمة بحالة ايقاف كل من علي المولدي وبهاء الدين علواني فيما لا يزال المتهم الثالث ناظر امن مساعد فتحي الدرويش بحالة فرار. وبعد الحكم التحضيري تم اجراء بحث ميداني والاستماع الى عدد من الشهود ليتبين للمحققين وجود متهم رابع لم يشمله البحث الاول وهو سائق سيارة النظام العام ناظر الامن أول «علي دماغ» الذي قال الشهود انهم رأوه بدوره يشارك في اطلاق النار فتم فتح قضية جديدة في نفس الواقعة تحمل العدد 5983 ثم تم في جلسة الاثنين 19 مارس ضم القضيتين تحت عدد 00056 باعتبارهما تتعلقان بنفس الوقائع ونفس الجريمة. وقد مثل امام هيئة المحكمة بحالة ايقاف المتهمان «علي المولدي» و«بهاء الدين علوان» في حين بقي بحالة فرار كل من «فتحي الدرويش» و«علي دماغ». واستمعت هيئة المحكمة في البداية الى المتهمين الماثلين أمامها اللذين نفيا النية الاجرامية وأجابا عن الاسئلة الموجهة اليهما من رئيس الجلسة والنيابة والمحامين. وقد طلبت النيابة العامة البت في القضية وتطبيق القانون طبق ما جاء في قرار دائرة الاتهام. وبالنسبة للسان دفاع القائمين بالحق الشخصي فإنهم طالبوا بتسليط اشد العقوبات على المتهمين باعتبار ان الادانة ثابتة لا لبس فيها بالرجوع الى افادات عدد من الشهود وباعتبار ان الواقعة لم تكن تستدعي استعمال الرصاص واطلاق النار بغزارة مباشرة في اتجاه ركاب السيارة الذين لم تبدر منهم نوايا عدوانية. في حين ان لسان الدفاع عن المتهمين طالب من هيئة المحكمة الحكم بعدم سماع الدعوى بالعودة الى توقيت الواقعة والحالة العامة للبلاد من خلال فرض حظر التجوال الليلي وتطبيق حالة الطوارئ مثلما ينص عليه القانون عدد 50 لسنة 1978 والمتعلق بتنظيم حالة الطوارئ وباعتبار ان المعلومة الواردة على وحدة النظام العام بقصور الساف افادت بوجود سيارة مدنية نوع «بولو 4» على متنها 5 اشخاص يحملون اسلحة نارية واطلقوا النار بشوارع المدينة وباعتبار وجود بعض الشهادات التي افاد اصحابها ان الاعوان المتهمين بهذه الجريمة طلبوا من المواطنين المتجمهرين حول السيارة الابتعاد مثلما طلبوا من ركابها النزول منها قائلين لهم : «شرطة... عرف بنفسك... شرطة سلم نفسك». وباعتبار عدم استجابة ركاب السيارة لطلب عناصر وحدة النظام العام وسماع دوي طلق ناري تعامل افراد هذه الوحدة بالسلاح الناري موجهين اياه نحو عجلات السيارة للسيطرة عليها وطلب احد محامي المتهمين عرض جثتي القتيلين على الطب الشرعي وعرض السيارة «بولو 4» ومسرح الجريمة على المختصين لمعاينة اثار الرصاص ومصدره وجهة الاطلاق باعتبار ان تقرير الطب الشرعي ذكر ان احد المتوفين اصابته من اسفل الوجه الى اعلاه والقتيل الثاني اصابته من الامام الى الخلف. وقد حضر المحاكمة عدد من اهالي الشهداء والجرحى وايضا من اهالي المتهمين وطلب كل منهم بإجلاء الحقيقة وتحديد المسؤوليات.