لا يغرّنكم العنوان... احذروا لأني لا أقصد جماعة المعارضة والتي صنّفت في خانة صفر فاصل... لتقزيم المقزّم المشتت... والذي صنع من ضعفه قوة.. بالحضور المتواصل في وسائل الإعلام واقتناص الهنات والإخلالات... صفر فاصل لا ينام.. موضوع اليوم يحتمل هو أيضا عبارة الصفر فاصل... وأنا أتحدث عن حجم ميزانية البحث العلمي التي حجمها صفر فاصل خمسة من حجم ميزانية الدولة كاملة... وهذا ليس واقعا اليوم فقط... حتى في العقود الماضية كان البحث العلمي ثانويا في بلد يراهن على صناعة الذكاء والعلوم وتراكم الخبرات... عقل التونسي هو «بترول» تونس الأخضر... عقل التونسي من أهمّ الموارد... فمن يصدّر النفط من الخليج إلى اليابان مثلا يربح مالا بلا شقاء ولكن الياباني يربح عشرة أضعاف البرميل... لماذا، لأنه يصنّع مشتقّات البترول... من أقمشة وبلاستيك ومبيدات وطلاء ومطاط وحتى أدوية للأمراض الجلدية وأخرى لأدوية مثل les steroïdes et l'aspirine وأيضا لمواد التجميل التي تزين نساءنا من البشرة إلى لون الشعر إلى أحمر الشفاه إلى "الماسكارا..." هذه عيّنة مما تقدر العقول أن تصنعه... الأول يبيعه خاما لأن العقل «خام» وذوو العلوم يربحون من المادة الشخمة... ولكن هل نقدر على هذا في تونس والحال أن جامعاتنا ومحضنة العقول في آخر الترتيب العالمي... الشعوب تتطور بالعلوم ومن يمسك بناصيتها يصنع شركات عالمية بل امبراطوريات تفوق ميزانيتها ميزانية الدول.. ويحدث هذا في دول صغيرة الحجم جغرافيا وشعبيا... مثل البلدان الأسكندينافيّة.. ولكن هذا يحتاج إلى تطوير الآليات وخصوصا إلى تغيير العقليات.. فمن يفتح مصنعا لتجميع السيارات لا يعتبر فتحا علميا وإنما مورد رزق فحسب... وتغيير العقلية أصعب من تحريك الجبال... في الأثناء يحتفل التوانسة في كل مرّة بصناعة أكبر «بيتزا» أو أكبر «بلادة» للدخول في مسابقة «الفيناس» ومع ذلك هناك من التوانسة من برزت عبقريتهم في الخارج.. في «الناسا» مثلا أو في الطب أو في مجالات أخرى... وصدق من قال إن الفرق بين عقليتنا وعقلية الغرب هو أن الغرب يساند المتفوّق حتى ينجح ونحن نحارب المتفوّق إلى أن يسقط.