بحضور كل من الرئيس المدير العام للتلفزة الوطنية السيد عدنان خضر والمديرة الاقليمية لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) السيدة نجلاء العمري ورئيس تحرير نشرة الأخبار السيد سعيد الخزامي انتظمت صباح أمس بمقرّ التلفزة التونسية ندوة صحفية تم خلالها الإعلان عن مشروع مدوّنة سلوك أو السياسة التحريرية للمؤسسات الإعلامية بصفة عامة ومؤسسة التلفزة التونسية بصفة خاصة. وفي الكلمة التي ألقاها أكد السيد عدنان خضر على أهمية ضبط السياسة التحريرية العامة لمؤسسة التلفزة الوطنية والاقتداء بالتجربة البريطانية في هذا المجال موضحا أن مشروع مدوّنة السلوك الذي تحصلنا على نسخة منه يعد وثيقة مرجعية وهو بمثابة ميثاق شرف يضمن استقلالية الصحفي والمؤسسة على حدّ السواء. وقال خضر في هذا الصدد «تدوين السياسة التحريرية للمرفق العمومي هو الضامن الأول لتعامل الوسيلة الإعلامية بكل حيادية وحرفية وفي كنف المهنية وهذه المبادئ تضمن حق الجمهور في تلقي معلومة صحيحة". وحول مضمون المدوّنة التي أشرف على صياغتها الخبير الإعلامي ماهر عبد الرحمان وأكثر من 160 عونا من صحفيين وتقنيين ومنتجين منتمين الى الإذاعات الوطنية المحلية والجهوية الى جانب الوطنيتين الأولى والثانية قال عدنان خضر: «تم ضبط عشرة محاور تضمن المبادئ العامة للسياسة التحريرية وهي خدمة المصلحة العامة والاستقلالية ومبدأ تتمسك به المؤسسة لتنأى بنفسها عن كل التجاذبات السياسية الى جانب ضرورة توفر الحياد والانصاف والدقة في تقديم الخبر واحترام الخصوصية وأخيرا حماية الأطفال والضعفاء خاصة ذوي الاحتياجات الخاصة وعدم التشهير بهم إعلاميا وضمان حقوقهم وكرامتهم». وأكد المدير العام للتلفزة الوطنية أن مدوّنة السلوك ستكون سندا أخلاقيا وليس نصا قانونيا بما أنها لا تحمل عقوبات جزرية ضدّ الصحفي بل إن البنود التي تمت صياغتها ستحمي هذا الأخير من الوقوع في الأخطاء المهنية. من الاحتكار إلى الريادة من ناحيتها عبرت السيدة نجلاء العمري عن استعداد هيئة الإذاعة البريطانية لتقديم المساعدة للمؤسسات الإعلامية الوطنية من خلال دورات تكوينية مستقبلية. وقالت العمري في هذا الصدد: «تعاونا مع التلفزة التونسية منذ شهر جويلية 2011 حيث نظمنا أكثر من 80 دورة تكوينية أردنا من خلالها صياغة سياسة تحريرية ينتجها «أبناء» المؤسسة ولا تُملى من سلطة سياسة عليا». وأضافت المديرة الإقليمية ل«بي. بي. سي» قائلة: «المدوّنة التي تمت صياغتها قابلة للتطوير وما تمّ تقديمه ليس بالصغة النهائية للمحاور المدرجة في المشروع الأولي بل يمكن حذف أو إضافة «بنود» حسب ما يمليه الواقع الإعلامي وهناك دائما أخطاء وعلى الصحفي الاستفادة من أخطاء العمل اليومي الإعلامي حتى يستطيع تطوير مضمون المادّة الاخبارية التي يقدمها". من ناحية أخرى أكدت العمري على أن الأخطاء التي تصدر عن المؤسسات العمومية تعرّضها للانتقادات أكثر من المؤسسات الخاصة وشدّدت في الآن نفسه على حق المواطن البسيط في المشاركة في كل الفضاءات الإعلامية التي تفتحها التلفزات الوطنية بما فيها نشرة الأخبار. وفي تقييمها لأداء الإعلام قبل وبعد الثورة قالت العمري: «المؤسسات الإعلامية الوطنية كانت في موقع احتكار أي أنها كانت اللسان الناطق للنظام لكنها اليوم انتقلت الى موقع الريادة أي عليها تقديم الخبر دون تعليق أو إبداء رأي أو انحياز". وردا على سؤال «التونسية» حول إمكانية سحب المدوّنة على قطاع الصحافة المكتوبة أفادتنا المديرة الإقليمية ل«بي. بي. سي» أن الصحافة المكتوبة غير مطالبة بالحياد أو الانصاف عكس الإذاعات والتلفزات إذ نجد صحفا ناطقة باسم أحزاب أو منحازة الى تيار سياسي معيّن وهو ليس عيب لكن عدم إعلان انتمائها الحزبي أو «مناصرتها» لشقّ سياسي ما يجعلها تحيد عن الاستقلالية وبهذا لا يمكن سحب مبادئ المدوّنة على قطاع الصحافة المكتوبة. من ناحيته قال السيد سعيد الخزامي رئيس تحرير نشرة الأخبار بالتلفزة الوطنية إن المؤسسة اليوم ترتقي السلم درجة تلو الأخرى وأن أخطاء موجودة ويمكن دراستها. وأضاف في هذا الصدد: «في السابق كنّا نعاني من دكتاتورية النظام أما اليوم فنعاني من دكتاتورية الشعب إذ تصلنا اتهامات يومية من المواطنين بعدم الحرفية والانحياز الى تيار سياسي دون آخر... قد نخطئ في بعض الأحيان لكن يلزمنا كثيرا من الصبر والتدريب لإرضاء جميع المتلقين وهو أمر مستحيل في الوقت الراهن، وعموما اختلاف الرأي واجب لكن بناء القرار يجب أن يكون على قواعد مهنية وبالتأكيد ستساعدنا السياسة التحريرية المدوّنة في الوصول الى إعلام حرّ ونزيه ومحايد".