في إطار اختتام أشغالها المتعلقة بانتخابات المجلس الوطني التأسيسي ليوم 23 اكتوبر 2011 نظمت عشية امس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لقاء بقصر المؤتمرات بشارع محمد الخامس بالعاصمة, أشرف عليه السيد «كمال الجندوبي» رئيس الهيئة وحضره كل من رئيس الجمهورية السيد «المنصف المرزوقي» والسيد «مصطفى بن جعفر» رئيس المجلس الوطني التأسيسي والسيد «الباجي قائد السبسي» رئيس الحكومة السابق والشيخ «راشد الغنوشي» رئيس حركة «النهضة» والسيد «عياض بن عاشور» الى جانب وفود ديبلوماسية تابعة لعدد من الدول الشقيقة والصديقة وكذلك رؤساء وقيادات بعض الأحزاب السياسية وعدد من مكونات المجتمع المدني وأعضاء من المجلس التأسيسي... أعرب الدكتور «المنصف المرزوقي» في كلمته عن تمسكه المطلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات كما اكد على ضرورة استقلاليتها عن اي طرف سياسي قائلا : «ان القناعة بضرورة استقلالية الهيئة المشرفة على الانتخابات عن السلطة التنفيذية هي قناعة راسخة لدينا ولا سبيل مطلقا لعودة اي حكومة للاشراف بنفسها على المواعيد الانتخابية تكون فيها خصما وحكما في الوقت نفسه», معللا ذلك بامكانية عودتنا الى المربع الاول الذي رسخ حكم الاستبداد واستئثار قسم من السياسيين بالسلطة والذي مكن من اسماهم بالفاسدين من رقاب الشعب وأرزاقه. ورفض المرزوقي عودة هذه الممارسات لأن ذلك سيكون له معنى واحد وهو ألاّ شيء تم في تونس رغم تضحيات الشهداء .و اوضح المرزوقي ان الحكومة التي تشرف على مقاليد الحكم مقتنعة تمام الاقتناع ومتفقة الى حد التطابق مع كل الأطراف الوطنية الاخرى على عدم التراجع عن إشراف هيئة مستقلة على الانتخابات سواء كانت بلدية او تشريعية او رئاسية... وأشاد المرزوقي بالدور الكبير الذي لعبته الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة لإنجاح المسار الديمقراطي في بلادنا حيث انتجت قانونا انتخابيا نظم عملية الترشح لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي كما افرزت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي قال عنها انها استطاعت رغم قلة تجربتها بالانتخابات الديمقراطية ان تنظم انتخابات اتفق جميع المراقبين على نزاهتها وشفافيتها مما مكن من الحصول في نهاية المطاف على مجلس وطني منتخب افرز بدوره رئيسا للجمهورية وحكومة منتخبين ويعكف اليوم على إعداد دستور وعلى مراجعة التشريعات السابقة. وذكّرالمرزوقي كافة الاطراف السياسية بأنه لا سيادة الا تلك التي تنبثق من سيادة الشعب وأشار إلى انه لا شرعية الا تلك التي تنبثق من المؤسسات الشرعية وفي إطار القدر الأقصى من التوافق, ونبه الى انه لا يمكن لأي طرف ان يقرر بمعزل عن التوافق الضروري وفي كنف الشرعية. «الهيئة قائمة» من جهته أكد الجندوبي ان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ستظل قائمة الى حين صدور نص قانوني ينهي مهامها , وحث الجندوبي على ضرورة وضع قواعد اللعبة الانتخابية استعدادا للاستحقاق الانتخابي القادم مشددا على أهمية استمرار عمل الهيئة الحالية التي قال عنها انها اكتسبت خبرة كبيرة في المجال الانتخابي وأضاف: «لتفادي الانطلاق من الصفر وربح الكثير من الوقت نحن في أمس الحاجة له» وبيّن أن تواصل عمل الهيئة هو مبدأ عام في سير دواليب الدولة لتحقيق المصداقية والحيادية وتجنب تدخل أية جهة من الجهات لا الحكومة ولا الأحزاب في سير العملية الانتخابية. وشدد كمال الجندوبي على بناء ادارة انتخابية ويجب ان تكون دائمة ومستمرة ولا تقتصر على الموعد الانتخابي القادم لتكريس عناصر الثقة مع ضمان مساعدة السلط العمومية للهيئة. كما دعا إلى دسترة عمل الهيئة وضبط ميزانية خاصة بها مع تمكين موظفيها من الصبغة العمومية, واوضح ان إنجاح المسار الديمقراطي عمل جماعي . وافاد الجندوبي ان الهيئة ستعمل على التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة وهي عازمة على استكمال تسجيل ما تبقى من المواطنين وتحيين بعض القائمات التي يشوبها نوع من الغموض. الهيئة مكسب وطني أمّا السيد «مصطفى بن جعفر» فقد أكّد ان الهيئة العيا المستقلة للانتخابات هي مكسب وطني على غرار المكاسب العظمى التي حققها الشعب التونسي مضيفا انها لبنة من لبنات دولة القانون, وشدد على ضرورة اعطائها كل اساليب البقاء والاستمرارية باعتبارها مقوما من مقومات الديمقراطية أسفرت عن ولادة المجلس التأسيسي الذي ينكبّ على كتابة دستور يرتقي الى طموحات الشعب ويضمن الحقوق والحريات والمساواة بين الجنسين... يذكر ان بن جعفر قد سقط على ارضية قصر المؤتمرات عندما انهى كلمته ولحسن الحظ لم يصب بأي أذى. مقاطعة اللقاء وشهد اللقاء توترا كبيرا عندما قاطع بعض نواب المجلس التأسيسي الاجتماع منددين بحضور الشيخ «راشد الغنوشي» عوض رئيس الحكومة «حمادي الجبالي» واوضح المحتجون ان هذه المقاطعة تأكيد على رفض أي محاولة لاحتواء الهيئة المستقلة للانتخابات . منتصر الاسودي صور : نبيل شرف الدين