تداولت بعض المواقع الاجتماعية وثيقة في شكل قرار صادر عن رئيس المجلس الوطني التأسيسي يتعلّق بضبط منح وامتيازات نائبي الرئيس ولئن لم يصدر ما يؤكّد صحّة هذه الوثيقة من عدمها وبالرغم من أنّ السيدة محرزية العبيدي النائبة الأولى قد نفت صحّة تقاضيها ما يزيد عن 14 ألف دينار كمرتب شهري واعتبرت أنّ الوثيقة المسربة هي وثيقة مدلّسة وفي انتظار أن تنشر النائبة الأولى شهادة تأجيرها كما وعدت بذلك فإنّ مسألة منح وامتيازات أعضاء المجلس التأسيسي قد طفت على السطح وكانت محلّ نقاش ساخن خلال الجلسة العامّة المغلقة التي خصصت للنظر في مسائل تهمّ بالأساس الوضعية المادية والمعنوية للأعضاء ولئن لم تتسرّب أخبار حول حقيقة ما جرى وحول ما تمّ الاتّفاق بشأنه حول مسألة المنح والامتيازات تجدر الإشارة إلى أنّه في البلدان الديمقراطية يتمّ نشر ما يتقاضاه رؤساء الجمهورية والحكومات والوزراء وكلّ المنتخبين من أعضاء مجالس نيابية ومجالس جهوية وغيرها كما يطالب المسؤولون على مختلف مستوياتهم بنشر بيانات حول أملاكهم وأرزاقهم حال مباشرة مهامهم واثر الانتهاء منها. وللتذكير فان هناك نصّا قانونيا في تونس يطالب المسؤولين بالتصريح بممتلكاتهم وأرزاقهم يجب تفعيله وإن اقتضى الأمر تنقيحه حتى يسري على كافة المسؤولين بمختلف مستوياتهم ويصبح إجباريا. لا يخضع نظام تأجير أعضاء مجلس الأمّة في تونس قبل أن يصبح مجلس النوّاب إلى نظام معين ما عدى نظام التقاعد حيث يتقاضى النائب منحة شهرية جزافية بين 3.300 و3.400 دينار خام أي خاضعة للحجز بعنوان التقاعد والحيطة الاجتماعية ورأس المال عند الوفاة وكذلك للضريبة عن الدخل بحيث يحصل النائب في موفى كل شهر على مبلغ صافي قدره 2.300 دينار وبالإضافة إلى ذلك فهو يتمتّع بمجانية النقل على خطوط حافلات التنقل العمومي والسكك الحديدية والخطوط الجوية الداخلية وكذلك بمجانية الأكل أثناء تواجدهم بمقر المجلس. ويتمتّع نوّاب الولايات الداخلية باستثناء ممثلو ولايات تونس الكبرى وزغوان ونابل وبنزرت بمجانية الإقامة في أحد النزل بالعاصمة أثناء أدائهم لعملهم في إطار اللجان أو في الجلسات العامة وغيرها. ويخضع النواب لقانون 8 مارس 1985 المتعلق بضبط نظام تقاعد مجلس النواب الذين يقع إدراجهم ضمن النظام الخاص للحجز بعنوان التقاعد مثل أعضاء الحكومة والولاة وبعض الوظائف السامية الأخرى إذ يساهم النائب بنسبة 12.2 بالمائة من مجموع 30.2 بالمائة وتتحمّل ميزانية الدولة(مجلس النواب) الباقي أي 18 بالمائة. ويكتسب الحق في التقاعد بعد قضاء مدّة نيابية كاملة أي 5 سنوات يتقاضى على إثرها النائب نسبة 30 بالمائة من إجمالي منحة التقاعد كما تمّ ضبطه بالقوانين المنظّمة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والتي يصل أقصاها إلى 90 بالمائة بحيث أنّ النائب الذي قضى 3 دورات نيابية كاملة أي 15 سنة يتمتع بجراية تقاعد كاملة. أمّا في صورة عدم إتمام المدة النيابية فيكفيه قضاء سنتين للحصول على التقاعد النسبي في حدود 30 بالمائة شريطة دفع المساهمات لما تبقى من المدّة. لكنّه سبق وأن تمّ اعتماد المدة النيابية الخامسة(1979-1984) لاحتساب منحة التقاعد وتصفيتها كمدّة كاملة لمّا تمّ في سنة 1981 حلّ مجلس النواب وتنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها. ونفس الشيء تمّ اعتماده بالنسبة للمدة النيابية(1986-1991) التي تمّ خلالها حلّ المجلس النيابي وتنظيم انتخابات سابقة لأوانها في شهر افريل 1989. وخلافا لما قد يتبادر للذهن فإنّ المنحة البرلمانية في تونس تعتبر ضعيفة بالمقارنة مع عديد الدول الأخرى سواء القريبة أو المجاورة. ففي المغرب تصل هذه المنحة إلى حدود 43.000 درهم خام (الدرهم يساوي 0.182 دينار) أي ما يناهز 7.700 دينار تونسي ويكون الأجر الصافي في حدود 36.000 درهم أي حوالي 6.400دينار تونسي في حين يتقاضى رؤساء اللجان ورؤساء الكتل البرلمانية منحة إضافية ب7.000 درهم. أما رئيس المجلس النيابي المغربي فإنّ مداخيله تعادل مداخيل الوزير الأوّل وتصل إلى حدود 90.000 درهم خام في الشهر دون اعتبار الامتيازات العينية(سيارتان وما يلزم من وقود وسواق وخدم وحشم). وفي الجزائر فقد تمّ سنة 2008 مضاعفة المنحة البرلمانية لتصل إلى 300.000 دينار جزائري خام(الدينار الجزائري يساوي حوالي 0.212 دينار تونسي) أي حوالي 6.300 دينار تونسي تقتطع منها نسبة 25 بالمائة بعنوان التقاعد كما يتمتّع النائب بعدّة امتيازات أخرى مثل مجانية الهاتف والحصول على كمبيوتر محمول واستعمال سيارات المصلحة التابعة للمجلس خلال تنقلاته وقروض لاقتناء سيارة خاصة ومنزل دون أي فوائض ويكفيه جمع مدتين نيابيتين للتمتع بتقاعد كامل. أمّا في الدول الأوروبية فإن المنحة البرلمانية تصل إلى 13.500 أورو خام (حوالي 26.000 دينار تونسي) وتحتوي على منحة أساسية ب7.100 أورو ومنحة تمثيل ب6.400 أورو لمجابهة مصاريف التنقل والسكن والهندام... إضافة إلى تمتع النائب الفرنسي بمنحة في شكل قرض لخلاص مساعديه. هذا بالإضافة إلى مجانية النقل الداخلي والهاتف والحصول على قرض ميسر لاقتناء مسكن.ويتقاضى عضو الكونغرس الأمريكي منحة شهرية صافية تقدر ب10.000 دولار والنائب الألماني 7.200 أورو صافية من كل الضرائب والحجوزات والنائب الايطالي 5.200 أورو صافي... ولعل أضعف منحة برلمانية هي التي يتقاضاها النائب في بلد المليار و200 مليون ساكن أي الهند والتي لا تتجاوز 345 دولار في الشهر أي ما يعادل 480 دينارا تونسيا. بقي أنّ التسريبات الواردة من مقرّ المجلس التأسيسي تفيد أنّه قد يتقرر تمتيع أعضاء المجلس بمنحة سكن بحوالي 900 دينار في الشهر الواحد مع بعض الامتيازات الأخرى التي ينتظر أن يتم إقرارها علما أنّ المنحة المرصودة لتأجير أعضاء المجلس الوطني التأسيسي في حدود 8.111.000 دينار بالنسبة لسنة 2012 في حين أنّ النفقات المخصصة لوسائل المصالح بلغت 450.000 دينار.