البيت الذي سأتحدث عنه هو بيت الإعلاميين باختلاف انتماءاتهم المهنية واختصاصاتهم... والسارق المقصود «منا فينا» أي من العائلة... مع الأسف الشديد! لقد علّمونا أن لكل مهنة ضوابطها التي تشكّل صمام أمان لحماية شرفها وصيانة كرامة أهلها، ومن أهمّ المقومات الأساس لمهنة المتاعب وجوب احترام أخلاقياتها في كل الظروف والمناسبات. ويأتي على رأس أخلاقيات المهنة احترام الملكية الفكرية وتجنّب السطو على كتابات الآخرين تحت أي مسمّى من المسمّيات ولا يُسمح بذلك إلاّ بالحصول على ترخيص من صاحب المقال أو المقولة أو ذكر المصدر بطريقة واضحة لا لبس فيها... تلك هي القاعدة التي توجب على الجميع (أي المهنيين) الخضوع لها، إلاّ أن ما يحدث في الساحة الإعلامية اليوم لا يختلف عما حدث بالأمس لانغماس الفعل الإعلامي في السبل المظلمة لكلّ أنواع السرقات الأدبية والسطو على عرق الكادحين من المهنيين الشرفاء. فقد أصبح عاديا أن تسمع في أحد البرامج الإذاعية (دون تمييز بين الإذاعات) نقلا حرفيا لمقال صحفي أو تعليق إخباري... على أنه من ثمرات القريحة الشخصية للمذيع أو المذيعة... و«طز» في صاحب المقال الأصلي! وفي باب العادي أيضا أن تتابع برنامجا حواريا على إحدى القنوات التلفزية (وما أكثر تلك الحوارات)... ومع مرور الوقت وتسلسل الأسئلة تبدأ في التساؤل: تراني هل تابعت هذا الحوار في قناة أخرى؟ وتنشط الذاكرة لتدرك أن الأسئلة منقولة بأمانة عن حوار أجراه أحد الزملاء في صحيفة يومية! أما العيّنة الثالثة فقد حدثت معنا.. حيث «تفضل» أحد الزملاء بنقل حرفي لمقال صدر في صحيفتنا «التونسية» ضمن صفحاتنا الرياضية! ولم يُشر إلى ذلك وإن ضمنيا! و«بلعنا السكين بدمها» في مرّة أولى معتبرين ذلك سهوا وأمرا غير مقصود.. ولكننا كنا مخطئين في كل ما ذهبنا إليه... إذ تكرّر فعل السرقة وبالمواصفات نفسها. وتأكدنا عندئذ أن عملية السطو تتمّ مع سبق الإصرار والإضمار والتعمّد والترصّد وأن القائم بذلك لا يعير أي اهتمام لأخلاقيات المهنة أو للعلاقات الخاصة التي تربط بيننا. وهذه الأفعال ليست معزولة عن ممارسات تفشّت في الأوساط الصحفية لأنها لم تجد الردع القاسي والصارم في مواجهتها، ودون العودة إلى تلك الفضيحة المدوية التي حصلت قبل سنوات لأحد الفاعلين آنذاك في القطاع... ووقع إطفاء الحريق وكأن شيئا لم يكن... أودّ التوقف عند تجربة مرّة قمت بها شخصيا قبل سنوات... اكتشفت آنذاك أن «زميلا» في صحيفة أخرى كان يتولى السطو على معطيات صفحة كاملة تتضمّن النتائج الرياضية والترتيب للأندية في الاقسام الصغرى، ومن باب الإيقاع به قدّمنا نتائج مغلوطة وانتظرنا صدور الصحيفة المذكورة... فحدث ما كنّا ننتظره.. لقد وقع «الزميل» في الفخ وبذلك أقنعنا رئيس تحريره بالفعل المشين الذي كان يأتيه أحد منظوريه! وما أكثر أشباه ذلك «الزميل» ممّن يستبيحون عرق الآخرين ويسطون على جهدهم ونتاج أعصابهم وبنات أفكارهم. أتمنى أن يصحو ضمير الزميل وأن يتخلّى عن سرقة ما لا يملك دون وجه حق وإلاّ سأضطر في الأيام القادمة إلى الكشف عن اسم السارق... عسى أن يرتدع... و«طز» في كل سارق مارق! ويبقى نصف الكلام... ومني عليكم السلام...