عاجل: الضرائب ترتفع والقروض تزيد... شنوّة الجديد في مشروع قانون المالية 2026؟    قابس: يوم غضب جهوي احتجاجا على تردي الوضع البيئي    الجديد على الفواتير في المساحات الكبرى: كل ما تشري فوق 50 دينار فما معلوم جديد.. شنيا الحكاية؟    حملة "أوقفوا التلوث" تجدد مطالبتها بتفكيك وحدات المجمع الكيميائي وبالتراجع عن قرارات 5 مارس 2025    نحو إعداد برنامج عمل متكامل لمزيد حوكمة الشركات الأهلية    تونس: افتتاح الدورة 14 لصالون المشاريع السكنية والتجهيزات 2025    لأول مرة منذ 20 عاما.. جواز السفر الأمريكي يفقد بريقه    ترامب: إسرائيل قد تستأنف القتال في غزة بكلمة مني إذا لم تلتزم حماس بالاتفاق    طقس اليوم: أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 20 و32 درجة    مظاهرات طلابية ضخمة في إسبانيا نصرة لفلسطين    الاحت.لال يستلم جثماني أسيرين    مصر.. الحرب في غ.زة انتهت وترامب هو الضمانة الأولى لتنفيذ الاتفاق    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: شبيبة القيروان تهزم اتحاد الأنصار في مباراة متأخرة    خلال تكريمهم من قبل نقابة الصحافيين ...صحافيون مشاركون في أسطول الصمود يدلون بشهاداتهم    تراوحت بين 12 و31 سنة.. صدور أحكام سجنية ضد عناصر شبكة دولية لتهريب الكوكايين    بلغت 58 مليمترا.. امطار غزيرة بولايتي القيروان وسوسة    ليالي المدينة الهائمة    قراءة في كتاب د. ضياء خضير عن د. علاء بشير «جرّاح التشكيل العربي» وثيقة جمالية وفكرية عن مسار التّشكيل العراقي والعربي    صفاقس: انطلاق موسم جني الزيتون يوم 29 أكتوبر الجا ري وسط توقعات بصابة قياسيّة تناهز 515 ألف طن    حجز أكثر من 11 طنا من الأغذية الفاسدة: وداعا «للإرهاب الغذائي» بداية من السنة الجديدة    التمديد في غلق موسم صيد الأخطبوط بشهر آخر    النادي الافريقي يفوز وديا على موج منزل عبد الرحمان 3-1    بعد تهديد ترامب بنقل مباريات في المونديال.. الفيفا يعلق    المنستير : عروض فنية مختلفة وثرية في "أكتوبر الموسيقي" بالمنستير من 18 إلى 31 أكتوبر    محمد بوحوش يكتب:صورة الأرامل في الأدب والمجتمع    الليلة ستشهد انخفاضا في درجات الحرارة    الوسلاتية: سرقة 39 رأس غنم على ملك شقيقين    القصرين تستقبل 27,500 دعسوقة    صندوق الضمان الاجتماعي: تمديد أجل إيداع التصاريح بالأجور وخلاص الإشتراكات    هطول كميات متفاوتة من الامطار خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    المهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع" يفتتح دورته الثالثة من ولاية توزر    انتبه: رياح قوية تصل سرعتها إلى 60 كم/س مع السحب الرعدية    مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس: إنقاذ طفل ال 12 سنة بعد تعرّضه لتوقف قلبي مفاجئ    في أول زيارة له : الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي ببوتين و السبب الأسد ؟    باحث تونسي يتصدر قراءات العالم الأكاديمية ويحصد جائزة «Cairn / الفكر 2025»    في بالك : 15 أكتوبر هو اليوم العالمي لغسل اليدين ...شوف الحكاية كاملة    عاجل/ الجيش اكد انها ليست لرهائنه: ما قصة الجثة التي حيرت إسرائيل..؟    بإشراف وزير الفلاحة ووالي جندوبة: خبراء يبحثون آفاق زراعة اللفت السكري    النادي الإفريقي يتعادل وديا مع النجم الخلادي    النادي الإفريقي: «حل» فرع شبان كرة الطائرة    البرتغالي كريستيانو رونالدو يصبح الهداف التاريخي لتصفيات كأس العالم    عاجل/ نشرة متابعة للوضع الجوي لبقية اليوم..أمطار رعدية بهذه المناطق..    رئيس الجمهورية يشرف على موكب إحياء الذكرى 62 لعيد الجلاء    مستشفى الرابطة: يوم مفتوح لتقصي هشاشة العظام في هذا الموعد    عاجل ولأوّل مرة في تونس: مشروع وطني لإنتاج أمهات الدواجن    نسور قرطاج في مواجهة قوية قبل كأس العرب: البرازيل والأردن في الطريق!    رياض دغفوس: تسجيل حالات كوفيد-19 محدودة ولا تهدد النظام الصحي    بين الأسطورة والذكاء الاصطناعي: قصة جواز سفر من دولة لا وجود لها تهزّ الإنترنت    الزهروني : الاطاحة بعصابة السطو على المنازل    بداية من اليوم..انطلاق حملة التلقيح ضد "القريب"..    صندوق النقد الدولي يتوقع ان تبلغ نسبة النمو في تونس 2،5 بالمائة سنة 2025    غدا الاربعاء: الدخول مجّاني الى هذه المواقع.. #خبر_عاجل    تكريم الدكتور عبد الجليل التميمي في نوفمبر المقبل خلال حفل تسليم جائزة العويس للثقافة    عاجل/ بشرى سارة بخصوص صابة زيت الزيتون لهذا العام..    أولا وأخيرا .. البحث عن مزرعة للحياة    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    وقت سورة الكهف المثالي يوم الجمعة.. تعرف عليه وتضاعف الأجر!    يوم الجمعة وبركة الدعاء: أفضل الأوقات للاستجابة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اقالة محافظ البنك المركزي :قرار حكومي بإمضاء رئاسي !
نشر في التونسية يوم 28 - 06 - 2012

تسليم البغدادي لطرابلس يساوي داخليا إقالة محافظ البنك المركزي التونسي لإرضاء الرئيس بعد أن غاب إمضاؤه عن مراسم التسليم. هذا ظاهر الأشياء لكنّ بواطنها مليئة باستنتاجات مجنونة نرجو ألّا تؤدي إلى انزلاقات تبعدنا عن الاستحقاقات الحقيقية للثورة. التخفي وراء رداء الشرعية والصلاحيات لم ينجح في إخفاء تكتيكات الحكومة ومكوّناتها: دخلنا باستحقاقات تأسيسية فأصبحت حكومية تنفيذية شرعية وقتية فلماذا لا نجعل منها طريقا نحو استحقاقات حُكْم نهائي؟ طبعا هذا معقول باعتبار أنّ جوهر العمل السياسي هو طلب الحكم ولكن عدم وضع آليات واضحة وملزمة للجميع للتقيد بقوانين وخاصة بأخلاقيات اللعبة قد يعيدنا إلى نفق النتائج المعروفة مسبقا . فليس مهمّا ما سيسفر عنه صندوق الانتخاب المقبل بقدر أهمّية المسار المؤدّي إليه. وهذا المسار إذا ما استعمل طُرُقا «نوفمبرية» وأصبغ عليها البهارات الديمقراطية الشكلية ، لن يؤدّي إلاّ إلى النتائج القياسية التي كان يحصدها بن علي بما يُفرِغ العملية «الصندوقية» من صِدق دلالتها في التعبير عن الإرادة الشعبية الحقيقية والحرة.
فالانتخابات المقبلة على الأبواب بينما الحكومة تتصرف كأنها باقية مدى الحياة أو تعمل لأجل ذلك .فما معنى إقالة محافظ البنك المركزي الآن (بعيدا عن «لوبانة» الصلاحيات) كأنّ ذلك سيؤدي إلى نتائج مالية واقتصادية عاجلة تكون سندا لها لدى المواطن يوم الانتخاب. وإمضاء الرئيس على الإقالة (في انتظار موقف التأسيسي) ووضوح البلاغ «بالاتفاق مع رئيس الحكومة» وتأكيد الناطق الرسمي للرئاسة على أن القرار وقع اتخاذه منذ مدة، دليل على أنّ المستهدَف ليس شخص النابلي بل ربما البنك المركزي ! لنعُد «فلاش باك» إلى بداية الأحداث: حملة على النابلي في المواقع الالكترونية فتسريب لخبر إقالته والأهم تأكيد بعض قياديي الترويكا على ذلك. فجأة، تخبو الحكاية وتصمت الحكومة وأنصارها عن الكلام المباح وتزامن ذلك مع خبر تتويج المحافظ الحالي (قد يصبح السابق) بجائزة أحسن محافظ في إفريقيا. النابلي وباعتماد أسلوب التحفظ الواجب عليه كان يقول دائما أن البنك المركزي يجب أن يحافظ على استقلاليته بعيدا عن كل التجاذبات السياسية حفاظا على التوازنات الكبرى للبلاد. لسائل أنْ.. يُجيب (لا أن يسأل) هل أنّ هذه الاستقلالية لا يمكن أن تتجسم إلا إذا كان على رأسها النابلي؟ طبعا هي غير مرتبطة لا بشخصه ولا بغيره بل بهيكلة إدارية صارمة ولكن ما الذي سيضيفه تعيين محافظ جديد على المدى القصير ، أي في الفترة الزمنية الممتدة من تعيينه إلى حدود الانتخابات القادمة؟ لا شيء إلا إذا كانت النوايا الظاهرة لا تعكس نواياها الحقيقية النائمة في أعماق التكتيكات! لماذا إذن طفا الموضوع مرة أخرى على السطح ليأخذ طابعه الرسمي؟ ربما (للتأكيد) لم تنس الحكومة للنابلي ذلك التوضيح الذي نشره البنك المركزي حول عدم مشروعية تدخلها في تحديد السياسة النقدية (رغم عدم معارضته للمحتوى) ولكن يبدو أن تصريحه الذي رغم عموميته و«تجريديته» حول كيفية استغلال السياسة النقدية قصيرة المدى لغايات سياسية وانتخابية هو الدافع الرئيسي الذي جعل من إقالة محافظ البنك المركزي ضرورة. هذا التصريح العام قد تكون الحكومة رأت فيه قصدا لها أو ربما أشياء أخرى كاشفة للنوايا اللامرئية!.
لنفسّر هذا التصريح تقنيا وكيف يمكن نظريا للبنك المركزي أن يصبح العنصر الأول والأهم في تحديد سير العملية السياسية وبالتالي الانتخابية لو فقد استقلاليته: في الفترة القريبة الماضية مثلا، وقع التخفيض في معدل الفائدة وضخ كتلة نقدية معتبَرة لخلق سيولة قد تنعش الاستثمار وتخلق القيمة المضافة شغليا واقتصاديا. ولكن هذا المسار يجب أن يحترم التوازنات المالية الكبرى للبلاد بمعنى أنه لا يجب الاستمرار إلى ما لا نهاية في هذه التقنية ولهذا السبب لاحظنا حاليا ارتفاعا طفيفا في معدل الفائدة مع نقص في السيولة لدى مؤسسات القرض. ما الذي سيحدث لو تمّت مواصلة إغراق السوق بالسيولة التي لا تخلق قيمتها المضافة ؟ على المدى القصير سيحدث انتعاش اصطناعي ووهمي لجيب المواطن البسيط إذ سيجد جيبه عامرا بالأوراق النقدية بما قد يؤثّر على اختياراته الانتخابية القادمة لأنه سيفهم أنّ هذا «الجيب العامر» دليل على نجاح ماسكي الحكم ! ألا يُعتبَر ذلك عملا سياسيا بامتياز يفقد البنك المركزي دوره الرئيسي ويجعله لا حافظا لمصالح البلاد بل خادما طيعا للأطراف المهيمنة شرعية كانت أم لا؟ وهذا السيناريو الافتراضي يؤدي على المدى المتوسط إلى إدراك المواطن أن جيبه عامر، نعم، لكن بالأوراق «اللانقدية» أي الفاقدة لقيمتها المالية فترتفع الأسعار بشكل جنوني وقد يلجأ المواطن إلى حمل حقيبة كاملة مملوءة بالأوراق لشراء بعض الخضر مثلا بما يجعل معدل التضخم في أعلى مستوياته والدينار بلا قيمة أمام العملات الأخرى والنتيجة، انخرام توازنات البلاد ، اقتصاد منهار واحتقان اجتماعي قد يؤدي إلى تهديد السلم الداخلي. فلماذا إذن هذا الاستعجال في تنحية النابلي عوض الانغماس في معالجة المشاكل الحقيقية للمواطن؟ وهذا القرار الجمهوري حتى وإن صدر عن الرئيس وباتفاق مع الحكومة لا نرى فيه إلا قرارا حكوميا بامتياز. لماذا؟، علاقة البنك بالرئاسة تنحصر في تقديم التقرير الدوري للرئيس فقط، بينما ارتباط البنك بالسلطة التنفيذية وثيق لأن المعطيات والأرقام والسياسات المالية والاقتصادية تأخذ طابع الذهاب والإياب اليوميين بينهما. وهكذا في الحالتين: تسليم البغدادي كان قرارا حكوميا بلا إمضاء رئاسي وإقالة النابلي كانت الديباجة رئاسية بختم حكومي واضح، و الجامع بينهما هو أنّ النقد واللوم في الحالتين لم يوَجّه أساسا إلا إلى السيد الرئيس !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.