أعلنت الحكومة نهاية الشهر الماضي عن رفع تحجير السفر عن 20 رجل أعمال من جملة 100 شملتهم قائمة المنع متعهدة بمواصلة النظر في بقية الملفات حالة بحالة حسب ما صرح به رضا السعيدي الوزير المكلّف بالشؤون الاقتصاديّة لوكالة تونس إفريقيا للأنباء. غير أن الإعلان عن هذا القرار لم يرافقه الكشف عن القائمة التي تتكتم عليها وزارة العدل إلى حد الآن ، هذا التكتم الشديد على قائمة المتمتعين بقرار رفع تحجير السفر فتح الباب على مصراعيه للتأويلات حول إمكانية عقد الحكومة لصفقة مع عدد من رجال الأعمال لتحريك عجلة الاقتصاد والاستثمار في الجهات أو ما شبهته بعض الأطراف بمصالحة «تحت الحيط»، باعتبار أن معالجة هذا الملف كانت مدرجة في إطار مسار العدالة الانتقالية. فما صرح به رضا السعيدي الذي قال إن الإجراءات المتخذة تهدف أساسا إلى طمأنة رجال الأعمال وإتاحة المجال للقضاء التونسي حتى يبسط سلطة القانون بكل استقلالية في انتظار قانون العدالة الانتقالية يؤكد أن الحكومة باتت متلهفة لإنهاء هذا الملف خاصة وأن الظرف الاقتصادي الهش والتزام الحكومة في برنامجها الاقتصادي بتحقيق نسبة نمو ب4 بالمائة وصبر الجهات المتعطشة للتنمية الذي بدأ ينفد يجعلها مجبرة على الإسراع بالمصالحة مع القطاع الخاص والانخراط في ركاب من يدفعون بقاطرة الاقتصاد والتنمية في إطار نظرة عقلانية بعيدا عن التشفي. تكتم الحكومة على قائمة رجال الأعمال الذين استرجعوا حقهم في السفر بدعوى عدم التشهير قد يخفي أيضا توجسها من توتر علاقاتها مع من ظلوا تحت طائلة التحجير إلى الآن، باعتبار أن رفع قرار منع السفر يخرج من تمتعوا به من دائرة الاتهام حتى وإن ظلوا تحت طائلة القضاء ويبقي الآخرين في قفص الاتهام حتى وأن كانوا أبرياء . المصالحة الجزائية مصادر «التونسية» التي أكدت وجود مقترحات وإجراءات سيتم اتخاذها على مستوى رئاسة الحكومة ووزارات حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والعدل والحوكمة الرشيدة ومقاومة الفساد وبالتشاور مع منظمة الأعراف، تقضي بتقديم نوع من الكفالة لتمكين المعنيين بالمنع من السفر من متابعة أعمالهم المرتبطة بالاسواق الخارجية والصالونات الدولية لم تستبعد كذلك قبول الحكومة بمقترح المصالحة الجزائية الذي اقترحه أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد والمتمثل في توجيه الأموال المكتسبة بطرق غير قانونية والمجمدة نحو التنمية الداخلية في الجهات الأكثر تهميشا حيث يقع ترتيب كل معتمديات الجمهورية ترتيبا تنازليا من الأكثر فقرا إلى الأقل فقرا على أن يتبنّى كل رجلي أعمال معتمدية واحدة وتصرف الأموال بناء على الحاجيات التي يحددها الأهالي بالتنسيق بين المعتمديات المعنية في كل ولاية ويبقى رجل الأعمال تحت طائلة حكم جزائي إلى غاية صرف الأموال المخصصة لكل معتمدية. وقد طالب اتحاد الصناعة والتجارة الحكومة في أكثر من مناسبة بايجاد حلّ لملف رجال الأعمال لمواصلة تسيير مصالحهم خاصة وأن هناك عددا كبيرا من الممنوعين من السفر لا توجد بحقهم تهم واضحة كما اعتبر اتحاد الأعراف أن الاقتصاد الوطني غير قادر على استعادة عافيته في ظل تواصل قرار منع 460 رجل أعمال من السفر وهو ما قد يكون وراء تعجيل الحكومة برفع حجر السفر عن عدد منهم أو ربما أكثرهم تأثيرا في الساحة الاقتصادية حتى تتمكن من الإيفاء بجزء من تعهداتها قبل الاستحقاقات السياسية القادمة خاصة وأن تواصل غياب التنمية في الجهات الداخلية لا سيما الشريط الغربي أفقد «النهضة» وشركاءها في الحكم الكثير من الثقة التي غنموها بعد الثورة...