في الشتاء غرقنا... وفي الصيف احترقنا... يا الله أين ذهبت كميات الامطار التي حولت تونس الى مسبح... أين السدود والبحيرات الجبلية؟... اخوتنا في الجنوب عطاشى... والكهرباء «يمشي ويجي»... ووزير الفلاحة يتفه صرخات العطشانين... وكأني به يقول «اذا انقطع الماء... اشربوا المياه المعدنية»... رحم الله ماري انطوانيت عندما نصحت الجياع بأكل «الكرواسون»... وغير بعيد عن الجنوب تتكدس المزابل أكواما أكواما حتى في الأحياء الراقية... والأشجار المتيبسة تموت واقفة ولا من يسأل... الزبالة هي أول من يستقبل السياح... بداية من المطار... وجه البلاد... في غياب كامل للمؤسسات المعنية اكتشف المواطنون «حلا» للتخلص من القمامة... والحل هو حرق الفضلات... دخان في السماء وتلوث خطير للهواء باعتبار كمية «البلاستيك»... رأيت بأم عيني أكواما تحت أسوار المستوصفات وقدام محلات الأكل والمرطبات... ولا أحد يسأل... صارت أنهجنا «روبافيكيا» وكأني بالمواطن تعود على المشاهد المقززة... هل هو اليأس من اصلاح الحال أم ان نظافة المحيط لا تعنيه... وان كانوا كذلك فهم مخطؤون لأن نظافة البلد من نظافة المواطن والقمامة ليست منظرا يوحي بالتمدن ويسجل هذا في دفتر وكالات الأسفار... ووكالات الأسفار تنشر هذا فتنفر السياح... لأن هذا الوضع لا يقبل صحيا قبل ان يكون جماليا.. النيابات الخصوصية زادت الطين بلة... والعمال أنفسهم يعانون من قلة الحماية قلة أدوات العمل... أين الرافعات والحاويات... في إسبانيا عامل واحد يقوم برفع الزبالة دون أن ينزل من الرافعة... فهي أولا أنظف من كل سياراتنا... والعامل عنده أزرار يضغط عليها لترفع الحاويات وتفرغ حمولتها ويتم آليا غسلها في نفس الوقت تاركة الحاوية والمكان نظيفين مع رائحة جميلة وخلفها الغسل بمعطر منعش... سائق الرافعة كان يحمل و«لكمان»... أين نحن من هذا... صارت الاحياء مصبا للفضلات... وصارت الفضلات أمرا عاديا ونحن والزبالة جيران...