يستيقظ سكّان «الحي الشعبي» بولاية أريانة صباح كل يوم على ذات المشهد المتعفّن...أكوام من الزبالة تحتل أكبر شوارعه. هناك كان العم محمد يهم برمي فضلات منزله داخل حاوية لا تبدو كافية لاستيعاب كمّ الزبالة المحيط بها قبل أن يطلق تنهيدة ويقول «هذا الحي من أقدم الاحياء في الجهة إذ يعود تاريخه إلى أواخر السبعينات لكنه يُعايش عدم الاهتمام الرسمي منذ تلك السنوات». يقول أيضا وهو يطلق تنهيدة أخرى مطولة «لم نعد نحتاج للسؤال لماذا لم تُرفع الزبالة فقط لأننا تعودنا هذا المشهد». غير بعيد عن تلك الاكوام من الزبالة يبدأ الناس هناك صباحهم بطمأنينة جميلة فهم رُغما عن الزبالة ورُغما عن الغبار المتناثر من الطريق العام ورُغما عن ضجيج أزيز السيّارات يتركون أبوابهم نصف مفتوحة وينشرون أغطيتهم الصوفية على الأشجار ويتركون أطفالهم يلعبون دون رقيب أو خوف. تتكرّر صورة الحي الشعبي في أحياء أخرى منها ما تُطلق عليها تسمية أحياء راقية...فتتراكم الزبالة في شوارع المنازه وحي النصر وغيرها من الأحياء التي تضم مباني حديثة بلوريّة الشكل...ويحمّل سكّان تلك الاحياء النيابات الخصوصية في البلديات مسؤولية عدم نظافة شوارع المدينة وغيرها من الرداءات التي أصبحت تغطي وجه المدن من ذلك البناء الفوضوي والانتصاب الفوضوي وتناثر الحفر في الطرقات وعدم توفر الانارة العموميّة. كما يقولون إنهم يجهلون متى تعود للبلديّة قدرتها على تحمّل المسؤولية في ظلّ الانفلات الاداري الذي اخترق الادارات التونسية ومنها البلديات بعد حلّ المجالس البلديّة منذ بداية 2011. «هناك حالة من التسيّب تغرق فيها اداراتنا ومدننا أبرز ملامحها ما تشاهدونه في المنعطفات والشوارع من تراكم للزبالة ومن اهمال للإنارة العمومية وللحفر التي تعمّ الشوارع نحن في حاجة للتنظّم والتنظيم لأننا ورغم هذا الكم من الاختلالات ليس باستطاعتنا محاسبة أي مسؤول الآن لأنه ليس هناك مسؤولون» هكذا يقول لطفي عزيز موظف عمومي. ومثله تقول سرور طالبة في كلية الحقوق بتونس «الخدمات المسداة للمدينة والمواطن معا تحت الصفر وليس هناك من يتحمل مسؤولية تلك الاختلالات لذلك نحن في حاجة لاعادة هيكلة أو ما شابه من أجل عودة الانضباط والتنظيم».