القيروان: إزالة توصيلات عشوائية على الشبكة المائية في الشبيكة    بالفيديو: مطار طبرقة الدولي يستعيد حركته ويستقبل أول رحلة سياحية قادمة من بولونيا    عاجل: أمر مفاجئ من ترامب: على الجميع إخلاء طهران فورا    في 5 سنوات.. 11 مليار دولار خسائر غانا من تهريب الذهب    كأس العالم للأندية: التشكيلة الأساسية للترجي الرياضي في مواجهة فلامينغو    كأس العالم للأندية: تعادل مثير بين البوكا وبنفيكا    اسرائيل تتآكل من الداخل وانفجار مجتمعي على الابواب    عاجل : ترامب يدعو إلى الإجلاء الفوري من طهران    كاس العالم للاندية 2025: تشلسي يفوز على لوس انجلس بثنائية نظيفة    بعد تسجيل 121 حريقا في 15 يوما.. بن الشيخ يشدد على ضرورة حماية المحاصيل والغابات    ميناء جرجيس يستقبل أولى رحلات عودة التونسيين بالخارج: 504 مسافرين و292 سيارة    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    أخبار الحكومة    انطلاق الحملة الانتخابية بدائرة بنزرت الشمالية    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يفوز وديا على المنتخب الايطالي الرديف 3 - 1    بورصة: تعليق تداول اسهم الشركة العقارية التونسية السعودية ابتداء من حصّة الإثنين    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    منظمات تونسية تدعو سلطات الشرق الليبي إلى إطلاق سراح الموقوفين من عناصر "قافلة صمود".. وتطالب السلطات التونسية والجزائرية بالتدخل    طقس الليلة    تونس تعزز جهودها في علاج الإدمان بأدوية داعمة لحماية الشباب واستقرار المجتمع    إسناد العلامة التونسية المميزة للجودة لإنتاج مصبر الهريسة    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    "تسنيم": الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 35" في تبريز    اتحاد الشغل يدعو النقابيين الليبيين الى التدخل لإطلاق سراح أفراد قافلة "الصمود"    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    العطل الرسمية المتبقية للتونسيين في النصف الثاني من 2025    عاجل/ باكستان: المصادقة على مشروع قرار يدعم إيران ضد إسرائيل    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    189 حريق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية….    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سمير بن عمر» (المستشار الأول لرئيس الجمهورية) ل«التونسية»: خرق «النابلي» لواجب التحفظ كاف لإقالته.. وحظوظ حركة «السبسي» شبه مستحيلة و«المرزوقي» كتب استقالته لكن مصلحة البلاد فرضت عليه التراجع
نشر في التونسية يوم 16 - 07 - 2012

لا أستبعد وجود أياد وراء انقطاعات الماء وأدعو إلى تحقيق
محمد عبّو طلّق الحكومة طلاقا بائنا
حاورتاه: جيهان لغماري وغادة مالكي

عُرف المحامي والحقوقي سمير بن عمر، المستشار الاول لرئيس الجمهورية وعضو المكتب السياسي ل«حزب المؤتمر من أجل الجمهورية»، بنضاله ووقوفه إلى جانب المستضعفين في محاربتهم للظلم والقهر أيام حكم بن علي. تعرض، عدة مرات، للسجن والتعذيب والتنكيل والهرسلة، لكنه ظل متمسكا بمبادئه وقضاياه المصيرية ومرافعا جيدا في القضايا السياسية باختلاف اتجاهاتها الايديولوجية.
في حوارنا معه، بدا واثقا جدا من تصدر حزبه للمشهد السياسي بعد الانتخابات القادمة رغم الانشقاقات والخلافات التي طرأت عليه خلافا لما يروجه البعض من فقدان «المؤتمر» لمكانته في قلوب الناخبين التونسيين، ولم يتردد أيضا في الاعلان صراحة أن المرزوقي مرشح «المؤتمر» بلا منافس في الانتخابات الرئاسية القادمة. استقبلنا في مكتبه داخل القصر الرئاسي فكان لنا معه الحوار التالي:
هل تعتقدون أن حصيلة لقاءات الرئيس مع الاحزاب كانت ايجابية خاصة أن التوافق العام الذي يبحث عنه مرتبط اساسا بانفتاح حقيقي للحكومة على بقية الاطراف ؟
- سلسلة هذه اللقاءات تندرج في إطار سنّة التشاور مع مكونات المجتمع المدني والأطراف السياسية من أجل الوصول إلى توافق حول جملة القضايا الهامة المطروحة في البلاد، وأعتقد أنها ليست المرة الأولى التي يقوم فيها رئيس الجمهورية بالتشاور مع الأحزاب ومكونات المجتمع المدني، مثالنا في ذلك أنه فور تولّيه الرئاسة كان قد أجرى مشاورات والتقى مجموعة هامة من الشخصيات الوطنية واستمع إلى جملة مشاغلهم واقتراحاتهم وهذه طبيعة مهمة رجل الدولة.
هل كان الرئيس يبحث عن توافق مع الأحزاب خاصة أنّ ذلك سبقه توتر بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية؟
- أكيد، المرزوقي أراد سماع وجهة نظر مختلف الأطراف في البلاد حول ما وقع وبحث معهم كيفية تجاوزه وكيفية الحفاظ على المصلحة العليا للبلاد.
ماذا لو رفض التأسيسي قرار إعفاء النابلي من مهامه، هل سيكون للرئيس موقف آخر لا يحترم هذه الشرعية؟
- أريد أن أوضّح نقطة هامة قبل كل شيء، هذا ليس بقرار رئيس الجمهورية بل هو قرار اتخذته الرئاسات الثلاث، حظي بموافقتهم الثلاث وهو قرار جماعي ورئيس الجمهورية بمقتضى صلاحياته الدستورية هو الذي يمضي على هذا القرار لكن القرار اتخذ بشكل جماعي وتتحمّل مسؤوليته الرئاسات الثلاث وليس رئيس الجمهورية فقط، فهذا الأخير أعلن عن هذا القرار بصفته الدستورية وبصفته رئيس الجمهورية وبصفته المحمول قانونيا على إمضاء هذا القرار، مع العلم أن التنظيم العمومي للسلط ينص على أنّ هذا القرار يتخذ بالتوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ولذلك فهذا القرار قد أمضي من طرف الرئيسين، والآن أمام المجلس التأسيسي هناك ملف إعفاء مصطفى كمال النابلي من منصب محافظ البنك المركزي وهو قرار جمهوري ممضى من رئيس الجمهورية ومؤشر عليه من طرف رئيس الحكومة، وخلافا لما يتداول ويروّج يحظى هذا الموضوع بتوافق الرئيسين.
لكن ماذا لو رفض المجلس التاسيسي المصادقة على القرار؟
- نحن دولة قانون وكل سلطة لها صلاحياتها في التنظيم المؤقت للسلط العمومية، رئيس الجمهورية من حقه أن يقيل محافظ البنك المركزي بالتوافق مع رئيس الحكومة، هذا القرار لا يصبح نافذا إلاّ بعد موافقة المجلس التأسيسي الذي يعدّ صاحب السلطة الأصلية، واليوم كل سلطة ستمارس دورها، والمجلس سيمارس سلطته في المصادقة على القرار أو إلغائه، وبالنسبة لنا كرئاسة الجمهورية نحترم المؤسسات الدستورية في البلاد فإذا ما رأى المجلس تثبيت محافظ البنك المركزي، فسنحترم هذا القرار أو غيره.
هل تنتظرون تصويتا لصالح القرار؟
- قبل كل شيء، إقالة محافظ البنك المركزي لا تحدّد مصير البلاد كما صوّرها البعض وجعل منها قضية مصيرية، فرغم أن منصب محافظ البنك المركزي مهمّ فإنه يبقى منصبا ككل المناصب وهناك في تونس عديد الرجال الأفذاذ الذين لهم من الكفاءة المهنية أكثر من النابلي وقادرون على الاضطلاع بهذه المهمّة والنجاح فيها، ونحن لا نشك في قدرات رجال تونس، بحيث أنّ تونس لا تتوقف على أشخاص، سواء كان كمال النابلي أو غيره، وهذا الموضوع قد حظي بكثير من المبالغة، اريد التأكيد مرة أخرى أن القرار يحظى بالإجماع بين أطراف « الترويكا» وبحكم أنّ أحزابها تمتلك الأغلبية في التأسيسي بما يسمح لها بتمرير القرارات والمصادقة عليها خاصة عندما يكون القرار معلّلا سياسيا وقانونيا واقتصاديا أيضا، فإنني أعتقد أنّ هذا القرار سيحظى بثقة المجلس التأسيسي.
ما هي مؤاخذاتكم على أداء مصطفى كمال النابلي؟
- لا أريد استباق الأحداث، بالنسبة للخلفيات والأسباب لنا مؤسسات نحترمها ونعتقد أنّ الإطار المناسب للتحاور ومناقشة هذه الاسباب داخل الجلسة العامة للمجلس الوطني التأسيسي. وسنعرف خلال الأيام القليلة المقبلة، ومن الممكن أن تعقد الجلسة العامة للتأسيسي مع بداية هذا الأسبوع.
لكن محافظ البنك المركزي يرى أنه لا توجد مبررات مقنعة لإقالته؟
- هناك ما يكفي من التبريرات لإقالته سواء سياسيا أو اقتصاديا أو على المستوى التقني كذلك، أقولها وبصراحة، فالحملة الإعلامية التي قام بها مؤخرا خرقت واجب التحفظ المحمول على المسؤولين في الدولة ودخوله في مواجهة مع بقية السلط العمومية وغير ذلك.. كل هذه الامور تعد كافية لأي دولة ديمقراطية أن تقوم بإقالة أي مسؤول, والحديث عن استقلالية البنك المركزي، مع أن القانون الحالي لا يكرس هذه الاستقلالية، لا يخول للنابلي مثلا تقييم أداء رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة.
للأسف، لقد أثبت النابلي في المدة الأخيرة أنه بصدد ممارسة السياسة وقام بخرق واجب التحفظ المخوّل على الموظفين العموميين وهذا في حد ذاته كاف لإقالته بغض النظر عن الاعتبارات السياسية والاقتصادية، وسنناقش هذه الاعتبارات عندما يفتح الملف في المجلس الوطني التأسيسي.
«المؤتمر»، أي مستقبل له، وأي استراتيجيا ؟
- بالنسبة إلينا في حزب «المؤتمر»، نحن اليوم بصدد استكمال البناء الهيكلي للحزب والأولوية للتحضير للمؤتمر المقبل الذي سيثبّت سياسات الحزب وسيقيّم مسيرة الحزب خاصة بعد 23 أكتوبر، ونعتبر أنّ حزب «المؤتمر» هو حزب المستقبل، ونحن نراهن على أن يكون الحزب الأول في البلاد في غضون سنتين أو الثلاث السنوات المقبلة، ونراهن على أن يكون في الانتخابات المقبلة، رقما صعبا في المعادلة السياسية في البلاد وسيبقى جزءا من «الترويكا» الحاكمة بعد الانتخابات المقبلة.
ألا تعتقد أن الانقسامات والانشقاقات التي حدثت في الحزب أثرت على شعبيته؟
- أبدا، وبالعودة إلى جميع عمليات سبر الآراء، رغم أني لا أؤمن بمصداقيتها كثيرا ولا أرتاح لعملياتها، سنلاحظ الفرق، فكلنا يعلم قبل انتخابات 23 أكتوبر أين كانت عمليات سبر تضع «المؤتمر» حيث كانت تضخم بعض الأحزاب وتقزم البعض الاخر، كما أن أغلب عمليات سبر الآراء كانت مدفوعة الأجر وتخدم أجندات معينة، ولكن ورغم هذه الاحترازات، فإن عمليات سبر الآراء، اليوم، تمنح ل«المؤتمر» حجما انتخابيا أكثر مما حصل عليه في انتخابات 23 أكتوبر رغم أن حزب «المؤتمر» كان معطلا وكل هياكله معطلة بسبب الخلافات العديدة وجمدنا على إثرها الانخراطات وركزنا أكثر على ترتيب البيت الداخلي، وأعتقد أنّ حزب «المؤتمر»، بعد تجاوزنا لهذه الأزمة بأخف التكاليف والأضرار، قد عاد اليوم أقوى وكما يقول المثل «الضربة التي لا تقسم ظهرك تقوّيك»، وعاد الحزب لحالته العادية وعدنا نستكمل البناء التنظيمي للحزب وسيعود إلى نشاطه العادي في الساحة السياسية، وسيعقد «المؤتمر» مؤتمره يوم 25 أوت المقبل، ونحن متفائلون خيرا بمستقبل حزب «المؤتمر».
مرشح «المؤتمر» للرئاسة؟
- هذا موضوع سابق لأوانه، لأننا في المجلس التأسيسي لم نحدد شكل النظام السياسي الذي نريده، وهل أنّ رئيس الجمهورية سيكون منتخبا من طرف الشعب مباشرة أو من طرف المجلس التأسيسي، إذا، بعد الانتهاء من صياغة الدستور ستتوضح الصورة والنظام السياسي، وستتحدد بعد ذلك كل الأمور.
هل أنت مع نظام رئاسي معدل أم نظام برلماني؟
- وجب أولا أن نبحث عن صيغة تضمن عدم عودة الدكتاتورية، فالإشكال الذي كان موجودا لمدة 60 سنة هو غياب التوازن بين السلط، كان هناك دائما سلطة «متغوّلة» وشخص وحيد مالك لجميع السلطات. أما اليوم إذا ما أرادت تونس أن تقطع مع الدكتاتورية ووضع أسس نظام ديمقراطي صحيح، يجب تركيز سلط متوازنة ذات صلاحيات حقيقية، يجب أن تكون هناك سلطة تشريعية بصلاحيات حقيقية، وليس برلمانا للديكور، والخوف يأتي دائما من السلطة التنفيذية. وفي تقديرنا كحزب المؤتمر لابد من توزيع الصلاحيات التنفيذية بين رئاستين، أي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، بحيث تكون السلطة التنفيذية ذات رأسين يتم توزيع الصلاحيات بين السلطتين ويكون هناك توازن مع وجود سلطة تشريعية حقيقية تمارس صلاحياتها ووجود سلطة قضائية مستقلة.
وهذا التوزيع يمنع التغوّل ويمنع أيّ سلطة من الاستبداد وهذا ما يسمى نظام نصف رئاسي أو معدل، أو رئاسي معدل، فليس من الضرورة أن تكون هناك قوالب جاهزة، من الممكن أن يكون نظاما تونسيا بحتا يستجيب لمتطلبات المرحلة في تونس سنة 2012 وما بعدها، ويستجيب لتطلعات الشعب التونسي، ومن الممكن أن نرى نظاما صالحا في بلد ما لكن يفشل في بلد آخر مثلا النظام البرلماني الذي نجح في بريطانيا وفشل في إيطاليا. اليوم، وجب أن نبني نظاما يتماشى مع طبيعة المرحلة التي تمر بها تونس، نظام له قابلية أن ينجح في تونس ونحن نعتقد أن النظام السياسي الذي يقطع مع الدكتاتورية ويستجيب لتطلعات الشعب التونسي، هو نظام يتميّز بالتوازن بين جميع السلط وبتوزيع عادل للصلاحيات التنفيذية بين الرئاستين، هذا هو تصوّرنا للنظام السياسي الناجح.
في صورة الاتفاق على انتخاب الرئيس من طرف الشعب، هل سيكون المرزوقي مرشّح حزب «المؤتمر»؟
- لكل حادث حديث، وأعتقد أنّ الدكتور المرزوقي هو رمز لحزب «المؤتمر»، فهناك من يعرف المرزوقي ويجهل «المؤتمر» خاصة قبل الانتخابات وأعتقد أنّه إذا ما كان هناك انتخابات رئاسية، شخصيا، لا أرى شخصا قادرا على منافسة الدكتور المرزوقي داخل الحزب، حزب «المؤتمر» ملتصق بشخصية مؤسسه، والمرزوقي إنسان مناضل ضحى في عهد الدكتاتورية، وضحى بكل شيء من أجل هذا الحزب ومن أجل تونس ولذلك أعتقد أنه مرشح طبيعي لحزب «المؤتمر» في انتظار أن تجتمع هياكل الحزب بكل ديمقراطية وتختار مرشحها إذا ما تم اختيار تمشي انتخاب الرئيس مباشرة من طرف الشعب».
باعتبار أنك مقرّب جدّا من المرزوقي، هل فكر جديا في الاستقالة بعد الأزمة؟
- نعم، لقد فكّر بكلّ جديّة وكتب استقالته، إن الإنسان في لحظات تشنج كفيل أن يتخذ قرارا مماثلا، لكنه، وبعد تفكير لعدة أيام، تراجع، فالمسؤول في الدولة وجب ألا يتخذ قرارات في حالة غضب، وجب أن يدرس القرار ويستشير المحيطين به، والرئيس قام بالتشاور مع مستشاريه حول ما جد من أحداث وحول كيفية الخروج من الأزمة.
هل كان لكم دور في إقناعه ؟
- طبعا، مستشارو الرئيس حاولوا إقناعه بعدم الاستقالة، وتناقشوا مطولا في تداعيات القرار، وانتهينا إلى تغليب مصلحة البلاد حيث اقتنع رئيس الجمهورية وكافة الفريق أن مصلحة تونس تكمن في استمرار الائتلاف الحاكم، لأن تصدّع هذا الائتلاف، يعني دخول تونس في مرحلة المجهول مفتوحة على كافة الاحتمالات، وأعتقد أنّ وضع البلاد اليوم لا يحتمل الدخول في المجهول.
هل يمكن الالتقاء في مرحلة ما، مع «حركة وفاء» لعبد الرؤوف العيادي؟
- نحن لا نعتبر العيادي خصما ولا عدوا لنا، ناضلنا معا لسنوات عديدة ضد الدكتاتورية، اختلفنا في مرحلة من المراحل وهذا جائز في السياسة، نتمنّى له التوفيق في مسيرته السياسية، وإذا ما تقاطع طريقنا في يوم ما مع «حزب وفاء» فلن يكون هناك إشكال، عكس ذلك نحن نعتبرهم إخوة لنا في النضال، لا نعتبرهم لا منافسين ولا خصوما ولا أعداء.
الاستقالات المتتالية لمستشاري الرئيس كيف تفسرها خاصة أن البعض يتحدث عن اختلاف كبير في وجهات النظر وربما ابتعاد الرئيس عن توجهاته؟
- لا، ليس بالضرورة وللتوضيح هناك من استقال وهناك من أقيل من مهامه، ولا أريد ذكر الأسماء أو التشخيص، ولا أريد الغوص في التفاصيل، لكن أعتبر هذه الامور علامات صحية ونتاج للديمقراطية التي نعيشها وذلك لا يؤثر لا على الوضع السياسي ولا على وضع المؤسسة.
وأحيانا، هناك أشخاص يصعب عليهم الاندماج في المجموعة، والبعض الآخر يرتكب أخطاء مما يحتّم تعديل الأوتار، فلا بد اذا من إصلاح الأوضاع.. وهذا هو العمل السياسي.
أ لم يبتعد رئيس الجمهورية عن توجهاته الأولى؟
- أبدا، عكس ذلك، أرى أن هناك بعض السياسيين يعيبون على المرزوقي تشبثه بقيم ومبادئ لطالما حملها في السابق معتبرين أن السياسة تتطلب براغماتية، وكان على الرئيس، في ما يتعلق بموقفه من قضية البغدادي، تغليب مصلحة البلاد أو حزبه أو شخصه، لكنه كان وفيا لمبادئه وصادقا مع ذاته، دائما يتطلع إلى المستقبل ولا يريد اتخاذ قرار يوقعه في الشك أو يتضارب مع قناعاته الشخصية، مع العلم أننا كتونسيين لم نتخلص بعد من نفس النظرة القديمة تجاه الرئيس، فليس كل ما يقع في البلاد يتحمّل مسؤوليته رئيس الجمهورية، فرئيس الجمهورية، حسب النظام المنبثق عن التنظيم المؤقت للسلط العمومية، له صلاحيات واضحة ومحدّدة، وأغلب الصلاحيات التنفيذية هي من مشمولات رئيس الحكومة، مثلا موقف الرئيس من طرد السفير السوري، هو موقف مبدئي، بالنسبة له كحقوقي وكرئيس دولة في بلاد ثورة، اعتبر أن هذا الموقف مناسب وأيّدته في ذلك، إضافة إلى العديد من المواقف الأخرى التي عكست دائما المواقف المبدئية الصلبة التي تشبث بها دائما الرئيس المنصف المرزوقي.
حقيقة ما وقع للمرزوقي في مهرجان الجم ورفع بعض الشعارات ضده ؟
- صراحة لا علم لي بالموضوع، الرئيس كان حاضرا في الجم، لكن لا أعلم ماذا حصل بالضبط، لكن أريد الاشارة إلى أن هذه الأمور، إن وقعت، فهي عادية جدا وتحدث في أغلب الأنظمة الديمقراطية لكن يصعب رؤيتها في الأنظمة الدكتاتورية، ولا تفقد السياسي ثقته بنفسه.
ما رأيكم في استقالة محمد عبّو؟.. هناك من يرى فيها بداية تفكك للحكومة فيما يرى البعض فيها تسترا على ملفات الفساد وتهربا من المسؤولية ؟
- أوّلا هذا القرار شخصي وليس حزبيا، بمعنى أنه عندما اتخذ عبو قراره لم يعد بالنظر إلى المكتب السياسي للحزب وهو قرار ناجم عن قناعة شخصية بعد تفكير طويل في الموضوع، وليس له انعكاسات ولا تأثيرات على علاقتنا ب«الترويكا»، أما في ما قيل حول أن عبّو يتستّر على الفساد أو غير ذلك، الأستاذ محمد عبو تحمّل مسؤولية، وتعامل مع ملفات فساد وقام بإحالتها للنيابة العمومية ولم يتهرّب من المسؤولية بل طلب صلاحيات أكبر ليستطيع فتح كافة الملفات لكن الصلاحيات التي طالب بها محمد عبو تتقاطع مع صلاحيات بعض الوزراء الآخرين، مثل وزارة «الحوكمة ومقاومة الفساد» وهي المطالبة بمعالجة مثل هذه الملفات، لهذا السبب ما طلبه الأستاذ عبّو أثار تحفّظ بعض الوزراء الآخرين ولهذا السبب رئاسة الحكومة فضلت مزيدا من التشاور حول هذه المسألة وربما عدم إعطاء هذه الصلاحيات لمحمد عبّو، ليس لأنّ الحكومة لا تريد مكافحة الفساد، بل لأنّ كل وزير عليه الالتزام بصلاحياته.
أ لم يكن بالامكان التنسيق بين الوزارتين؟
- على كل حال، هذا الأمر كان من ضمن التصورات الموجودة، واليوم هناك تفكير جدي في دمج الوزارتين أمام تقاطع الصلاحيات بينهما.
وكأننا بالحكومة قبلت بسرعة التخلّي عن محمد عبّو؟
- إحقاقا للحق، الحكومة لم تقبل التخلي عنه بل إنّ عبو أكد أنّ طلاقه مع هذه الحكومة هو طلاق بائن بمعنى أنه لن يعود للوزارة حتى وإن مكّنوه من الصلاحيات التي طالب بها معتبرا المسألة منتهية وغير قابلة للنقاش، بحيث أن الحكومة لم يكن لها خيار سوى قبول استقالته.
حسب معلوماتكم، هل أن مشاكل انقطاع الماء في بعض المناطق وتسلسلها الزمني اللافت للانتباه، أسباب تقنية بحتة أم أن أطرافا وراء ذلك؟
- ليس لي معطيات كافية للحديث في هذا الملف المعقد والشائك، ربما الوزراء المعنيون مؤهلون أكثر للإدلاء بآرائهم في هذا الموضوع، لكن انطباعي الشخصي، عندما تكون المسألة متواترة بهذا الشكل وبطريقة غير مسبوقة لم تحصل أبدا في تونس، فأنا لا أستبعد أن تكون هناك بعض الأيادي وراء هذه المشاكل وكمواطن تونسي أدعو الحكومة إلى فتح بحث إداري جدّي حول هذه المسألة للوصول إلى الأسباب الحقيقية حول هذه الانقطاعات ووضع حد لها.
رأيكم في المشهد السياسي الحالي وأهم انتظاراتكم المستقبلية؟
- بالنسبة للمشهد السياسي، هو الآن متحوّل وغير ثابت، الخارطة السياسية بصدد التشكل، هناك ملامح أولوية طبعا ستتأكد خلال الانتخابات المقبلة أو ستتغيّر، نعيش اليوم سنة أولى ديمقراطية، لازلنا نكتشف الديمقراطية لأنه عالم لم نعشه من قبل، ومن خلال هذه الممارسة الديمقراطية فإنّ الأشخاص بصدد اكتشاف العديد من الحقائق، هناك مثلا من قام بعملية الانتخاب ولأوّل مرة في حياته، أصبح الناس يعلمون معنى المجتمع المدني، وواعون بما يسمّى lobying، أعتقد أن تونس دخلت مرحلة جديدة تتميّز بالحركية كما أعتقد أن تونس قد قطعت مع الماضي وقطعت مع الدكتاتورية بشكل لا رجعة فيه ولا خوف من عودة الدكتاتورية كما لا يستطيع أي حزب سياسي أن يحكم بمفرده في المستقبل.
قناعتي هي أننا في مرحلة انتقالية وستستمر هذه المرحلة لمدة خمس سنوات على الأقل. خلال هذه المرحلة ستحكم تونس بالتوافق وأعتقد أن صياغة الدستور أيضا ستتم بالتوافق، ليس هناك أيّ جهة بإمكانها أن تفرض على التونسيين مسارا محددا أو نسخة خاصة وهذا سيطمئن كل التونسيين على مستقبل البلاد.
هل ترى أن خارطة الأحزاب ستتغير بعد الانتخابات؟
- لا أعتقد ذلك، أرى أن الانتخابات المقبلة أو المشهد العام سيحافظ على نفس الخطوط الرئيسية، وأعتقد أن «الترويكا» ستحافظ علي مكانتها في الحكم خلال الانتخابات المقبلة.
«نداء تونس»، هل سيكون له وزن في الانتخابات المقبلة؟
- بالنسبة للذين يحسنون قراءة نتائج انتخابات 23 أكتوبر، فإن توجهات الناس واضحة في القطيعة مع الماضي، في التغير الحقيقي. بالنسبة ل«نداء تونس»، أعتقد أنه يريد إعادة انتاج الماضي بشكل جديد والناخبون التونسيون ينظرون إلى المستقبل وبالتالي حظوظ «نداء تونس» ضعيفة جدا ان لم نقل شبه مستحيلة، وخير مثال ما حصل عليه التجمعيون خلال الانتخابات. إن المواطن التونسي اكتوى بنار الدكتاتورية ولن يقبل بأيّ شكل من الأشكال عودة رموز الدكتاتورية الى الساحة السياسية.
المواطن التونسي، الذي ثار على بن علي، مستعد لتحمّل 100 سنة أخرى من أجل الوصول إلى الطريق الصحيح، لكنه غير مستعد للعودة إلى الماضي.
تقصد أن «نداء تونس»، حزب تجمّعي؟
- «نداء تونس» حزب يضمّ كل الوجوه التي كانت في «التجمع»، ولا أريد هنا ذكر الأسماء لكن بن علي لم يحكم البلاد ب«التجمع» فقط بل هناك أطراف أخرى ساهمت في ذلك وتحالفت معه مثل بعض الأطراف اليسارية. نفس المشهد بصدد التشكّل اليوم، ونفس هذه الأطراف تحاول التحالف مع بقايا «التجمع».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.